ما الذي يدفع الناس للخضوع إلى سلطة شخص لا يملك أي صفات مميزة، ولا يتصرف بما تمليه مصلحتهم؟ لا بل يسحقهم ويدمر حياتهم وحياة أبنائهم، وربما تصرفوا بما هو أدهى من الخضوع
إنَّ معظم الأنظمة الاستبدادية ترسّخ مفهوم الفلسفة العبثية في سياستها مع الشعوب التي تحكمها، وقد نتجت تلك الفلسفة من العلاقة القائمة على الاغتراب بين رأس السلطة وحاشيته من جهة وبينه وبين الشعوب من جهة أخرى
كتب على شعوب الشرق التي تطلب الحرية أن تنال بدلا عنها الخراب والتشتت والتهجير والمجازر، فشعوب الشرق بنظر القوى الدولية الحاكمة المتحكمة، ليست شعوبا تستحق الحرية
يبدو أنَّ انتهاج سياسة زرع الخوف وتكريس نظريَّة الشَّك وعدم الثِّقة بين النَّاس سياسةٌ ليست وليدة المرحلة الرَّاهنة، خاصَّةً بعد أن ارتفعت مطالب المتظاهرين في سوريا من المطالبة بالحريَّة إلى إسقاط النِّظام برمَّته
"إذا غابت الفكرةُ بزغ الصّنم" بهذا القول علَّل مالك بن نبيّ ظهور الصّنميّة والوثنيّة ــ رغم امتلاك النّاس الفكرة الصّادقة والمنهج الحقّ ــ من جديدٍ في المجتمعات التي تضربها الأمراض الفكريّة والاجتماعيّة والسياسيّة.
إلى هذه اللحظة، رغم كل المآسي التي صنعتها القوى السلطوية، بأجهزتها الأمنية، وركائزها الطائفية، وكذلك القوى المتطرفة، والقوى الإقليمية والدولية، في مواجهة حراك الثورات العربية، التي بنيت على أهداف واضحة، كالمطالبة بالحريات والديموقراطية وبالتنمية
قبل نحو قرنين من الزمن أصدرت بريطانيا العظمى وفرنسا، قوانين لإلغاء العبودية بمستعمراتها المنتشرة بمعظم أنحاء العالم، في ذلك الوقت، اعتبر هذا القانون انتصاراً لحقوق الإنسان، حيث كسب مئات الآلاف من العبيد حريتهم، بعد فترات طويلة من الاستعباد.