icon
التغطية الحية

معركة على الحدود السورية الأردنية تنتهي بغارات جوية وعمان تلمح إلى تورط إيران

2023.12.19 | 10:03 دمشق

معركة على الحدود السورية الأردنية تنتهي بغارات جوية وعمان تلمح إلى تورط إيران
الحدود الأردنية السورية
إسطنبول - عبد الناصر القادري
+A
حجم الخط
-A

من الواضح أن العمليات العسكرية الأردنية بدأت تأخذ شكلاً أوسع من السابق في ظل محاولات الجيش الأردني وقف عمليات تهريب المخدرات التي تنطلق من الأراضي السورية باتجاه الأراضي الأردنية بدعم مباشر من إيران وحزب الله والنظام السوري، وصلت إلى غارات جوية واشتباكات مسلحة وإصابات في صفوف الجنود. 

وهذا يدفع للتساؤل عن مدى اقتناع الأردن بفشل التطبيع مع النظام السوري بعد ازدياد وتيرة تهريب المخدرات من مناطق سيطرته، وكذلك فشل فاعلية المبادرة الأردنية لحل الأزمة السورية انطلاقاً من وقف تصدير "الكبتاغون" إلى الأردن ودول الخليج العربي وتحجيم النفوذ الإيراني في سوريا، أم أنها مجرد تحركات أردنية هدفها حفظ أمنها القومي بعيداً عن النظام؟

تفاصيل الغارات الأردنية

وفي تطور جديد أقدمت القوات الأردنية على تنفيذ غارات جوية عبر مقاتلاتها ضد أهداف في محافظتي السويداء ودرعا.

وقالت شبكة أخبار "السويداء 24"، يوم الإثنين، إن دوي انفجارات سُمع بريف السويداء، بالقرب من الحدود السورية مع الأردن، مرجحة أن تكون ناجمة عن غارات جوية لمقاتلات تابعة لسلاح الجو الأردني.

وأضافت الشبكة أن الغارات الجوية استهدفت أكثر من موقع في الريف الجنوبي والجنوبي الشرقي للمحافظة؛ أحدها بالقرب من مدينة صلخد وأخرى بالقرب من قرية الشعاب، مشيرة إلى أن القصف سبقه تحليق مكثف لطائرات حربية في الأجواء.

ونفت مصادر مطلعة لتلفزيون سوريا خبر مقتل تاجر المخدرات ناصر السعدي بالغارات الأردنية التي استهدفت مزرعته في صلخد بريف السويداء.

من جانبه، قال موقع "تجمع أحرار حوران" الإخباري، إن طائرة حربية يرجح أنها أردنية قصفت موقعاً بالقرب من بلدة المتاعية في ريف درعا الشرقي.

وأضاف المصدر أن الموقع الذي استهدفته الغارة الجوية هو "بئر الدولة" الواقع جنوبي بلدة المتاعية، وهو عبارة عن مرفق عام يحتوي على آبار مياه وألواح طاقة شمسية، ما أسفر عن تدميرها وإصابة ناطور البئر بجروح طفيفة وجرى نقله إلى المستشفى، مشيراً إلى عدم معرفة الأسباب الرئيسة للاستهداف.

اشتباكات وإصابة جنود

هذا القصف جاء بعد ساعات من كشف مصدر عسكري مسؤول في الجيش الأردني أن اشتباكات مسلّحة دارت بين قوات حرس الحدود وميليشيات التهريب على الحدود مع سوريا، استمرت لساعات طويلة بهدف اقتحام حدود المملكة بالقوة.

وأكد المصدر أن الجيش الأردني يعمل حالياً الآن على طرد الميليشيات المسلحة إلى الداخل السوري، ما أدى إلى وقوع عدد من الإصابات بين أفراد قوات حرس الحدود الأردنية وحالتهم الصحية بين الخفيفة والمتوسطة.

وأوضح المصدر أن الأيام الماضية شهدت ارتفاعاً في عدد هذه العمليات، وتحولها من محاولات عمليات تسلل وتهريب إلى اشتباكات مسلحة، بهدف اجتياز الحدود وبالقوة من خلال استهداف قوات حرس الحدود الأردنية.

وأشار المصدر إلى أن هذه الاشتباكات تأتي استمراراً لعمليات الميليشيات المسلحة منذ أيام، والتي أسفرت عن مقتل عدد من المهربين والقبض على أحدهم، ومقتل أحد أفراد القوات الأردنية وإصابة آخر.

وشدد المصدر على أن القوات المسلحة تتابع تحركات هذه الميليشيات وما تهدف إليه من محاولات لزعزعة الأمن الوطني، وستفعل كل ما يلزم لردعها وملاحقتها أينما كانت.

أسلحة ومخدرات

هذا ونشرت قيادة القوات المسلحة الأردنية صور وهويات مهربي الأسلحة والمخدرات الذين تم القبض عليهم يوم الإثنين خلال الاشتباكات على الحدود مع سوريا.

وصرح مصدر عسكري مسؤول في "القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية"، عن مقتل وإصابة عدد من المهربين خلال الاشتباكات.

وكشف المصدر بالصور عن هويات ثمانية من المهربين التسعة الذين تم القبض عليهم، كما بين المصدر بالصور مضبوطات الأسلحة والمخدرات.

وأوضح المصدر أن كميات المواد المخدرة بعد حصرها بلغت 4 ملايين و926 ألف حبة كبتاغون، و(12858) كف حشيش، وتم تحويلها إلى الجهات المختصة.

كما شدد المصدر بأن "القوات المسلحة الأردنية ماضية في التعامل بكل قوة وحزم، مع أي تهديد على الواجهات الحدودية، وأي مساعٍ يراد بها تقويض وزعزعة أمن الوطن وترويع مواطنيه".

تهديد الأمن القومي للأردن

هذا الشكل من العمليات العسكرية والاشتباكات يكشف حجم التحديات التي يواجهها الأردن بسبب النظام السوري وزيادة نفوذ إيران وحزب الله في سوريا، خصوصاً أن عمليات التهريب تصاعدت ولم تتوقف أساساً رغم التشديد الأمني والعسكري الذي تفرضه عمان على الحدود السورية الأردنية.

ولعل التهديد الأمني الأبرز في الاشتباكات على الحدود هو البدء بعمليات تهريب أسلحة وقذائف صاروخية توضح حجم الضغط الإيراني على الأردن.

وفي سياق ذلك، قال وزير الاتصال الحكومي والناطق باسم الحكومة الأردنية، مهند مبيضين، يوم الإثنين، إن بلاده تواجه حرباً عابرة على الحدود مع سوريا بسبب انفلات السلطة هناك، تتمثل بتهريب ميليشيات مدعومة من قوى إقليمية للمخدرات والأسلحة، مشدداً على أن الهدف ليس الأردن وحسب، إنما ما وراءه من الدول العربية والخليجية.

وألمح مبيضين في تصريح لموقع "CNN" إلى دور الميليشيات المرتبطة بإيران، حيث أعلنت القوات المسلحة الأردنية عن عدة مواجهات على الحدود الشمالية مع سوريا مؤخراً.

وأضاف: "الأردن هو الهدف وما وراء الأردن هو الهدف من القائمين على عملية تهريب المخدرات، هي إشكالية كبرى ليست أردنية فقط بقدر ما هي مشكلة إقليمية وجزء من الصراع الذي تقوده هذه الميليشيات المدعومة من قوى إقليمية وهي تستهدف للأسف أمن واستقرار الأردن".

وقال مبيضين: "إن مهربي المخدرات ليسوا فقط جماعات بل شبكة من المهربين والميليشيات المنظمة المدعومة من قوى إقليمية وغير إقليمية تهدف لتدمير الدول المجاورة بالمخدرات".

وفي 14 كانون الأول الجاري، حذّر وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، من استمرار محاولات تهريب المخدرات والسلاح عبر الحدود من سوريا، مؤكداً على "ملاحقة المعتدين على أمن الأردن أينما وجدوا".

وأشار الصفدي خلال لقاء عقده مع نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، 

إلى مقتل جندي أردني وإصابة آخرين، خلال اشتباك مع مهربي المخدرات على الحدود مع سوريا، مشدداً على أن المسؤولين عن الاعتداء "لن يفلتوا من العقاب، وسيدفعون ثمن عدوانهم وجريمتهم".

ماذا عن التطبيع العربي مع النظام السوري؟

ويبدو أن الضغط الميداني على الأردن لا ينفصل عن مسار التطبيع السياسي الذي تقوده عمان عبر ما يسمى "اللجنة العربية" والتي تعمل على إعادة تعويم النظام السوري عربياً عبر جملة من المطالب كان من أبرزها وقف تصدير المخدرات إلى الأردن والخليج العربي.

واعتمدت عمان مسار التطبيع انطلاقاً من مبدأ "خطوة مقابل خطوة"، والذي اعتمدته لجنة عربية (من عدة دول) تحت مظلة الجامعة العربية، في مبادرة تتضمن 4 ملفات أساسية، هي "الحل السياسي بما ينسجم مع القرار 2254، وإعادة اللاجئين، وإنهاء الوجود الأجنبي، وإنهاء ملف تصنيع وتجارة وتهريب المخدرات إلى الدول العربية والخليج عبر الأردن أو غيره".

ولعل الأردن توقع أن تساهم المبادرة العربية في انخفاض وتيرة تهريب المخدرات إلى أراضيه، لكن ما حصل هو العكس تماماً، حيث زادت عمليات التهريب وصولاً إلى تهريب الأسلحة ومقتل وإصابة جنود.

ومن المرجح أن النظام السوري (ومن خلفه إيران)، يريد أن يعيد علاقاته مع الدول العربية من دون تقديم أي تنازلات أو خطوات فاعلة إما لأنه غير قادر على تنفيذها مع تحكم طهران وموسكو بالقرار السياسي والعسكري أو لأنه يريد الحصول على المكاسب دون أي مقابل مع الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها مناطق سيطرته.