ملخص:
- القوات الإسرائيلية نفذت عملية جريئة في مصياف، استهدفت مختبراً سرياً لتطوير أسلحة دقيقة لحزب الله.
- أنزلت مروحيات إسرائيلية أكثر من 100 جندي من الكوماندوز، وتم اقتحام المجمع بعد قتل الحراس.
- استمرت العملية 15 دقيقة ودمرت معدات مرتبطة بتطوير صواريخ متطورة.
- إسرائيل أخطرت الولايات المتحدة قبل العملية، التي تعتبر بداية لحملة سرية ضد حزب الله.
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" عن تفاصيل جديدة حول عملية نفذتها القوات الإسرائيلية، وصفتها بـ"الجريئة"، على منشأة في مصياف خلال الثامن من شهر أيلول الجاري، مشيرة إلى أن الهجوم استهدف مختبراً سرياً لتطوير أسلحة دقيقة تابعاً لـ"حزب الله" اللبناني.
في البداية، بدت الضربة كغيرها من العمليات، لكنها تميزت بإدخال القوات الخاصة الإسرائيلية إلى الموقع بشكل مباشر، حيث أنزلت مروحيات إسرائيلية أكثر من 100 جندي من الكوماندوز في الموقع، وتمكنوا من دخول المجمع دون مواجهة بعد مقتل الحراس في الضربات الجوية الأولية. ووفق الصحيفة، فإن العملية، التي استمرت 15 دقيقة فقط، تركزت على تدمير معدات متعلقة بتطوير صواريخ متطورة.
وكانت مصادر خاصة قد كشفت لتلفزيون سوريا - بعد يومين من العملية - عن تفاصيل صادمة حول الضربة الإسرائيلية على مدينة مصياف غربي حماة، التي شملت إنزالاً جوياً واشتباكات وقتلى وأسرى، حيث أكدت أن الضربة التي استهدفت مركز أبحاث عسكرياً رئيسياً يُستخدم في إنتاج الأسلحة الكيميائية لم تقتصر على غارات جوية، بل تزامنت مع إنزال جوي واشتباكات عنيفة وأسر إيرانيين.
وأوضحت أن مروحيات إسرائيلية حامت في سماء المنطقة المستهدفة، ولم تهبط على الأرض، حيث جرى الإنزال باستخدام الحبال، بالتزامن مع تدمير الطائرات المسيّرة الإسرائيلية لجميع سيارات مفرزة أمن النظام هناك، وقطع جميع الطرق المؤدية إلى مكان عملية الإنزال، ووفق المصادر، تخللت العملية اشتباكات عنيفة أسفرت عن مقتل ثلاثة سوريين وإصابة آخرين، بينهم مدنيون، كما تمكن فريق الإنزال الإسرائيلي من أسر شخصين إيرانيين.
تفاصيل جديدة عن العملية
قالت "نيويورك تايمز" إن الغارة على مختبر أسلحة سري كانت إحدى أكثر العمليات الإسرائيلية جرأة ضد حزب الله المدعوم من إيران منذ سنوات، حيث هبط الكوماندوز عبر طائرات الهليكوبتر في ليلة تكاد تكون خالية من القمر.
كان الحراس خارج مختبر الأسلحة السري في مصياف شمال غربي سوريا قد قُتلوا بالفعل في سلسلة من الضربات الجوية عندما اقتربت طائرات الهليكوبتر التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي.
في البداية، بدت الضربة في 8 أيلول كغيرها من العمليات التي نفذتها إسرائيل والتي استهدفت هذا الموقع منذ فترة طويلة. اعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن إيران وحزب الله اللبناني خططا لتصنيع جيل جديد من الصواريخ الدقيقة في ذلك الموقع.
لكن هذه كانت عملية مختلفة، طائرات الهليكوبتر حلقت على ارتفاع منخفض وبدون أضواء، وسرعان ما هبط عشرات من الكوماندوز يرتدون الزي المموه عبر الكابلات واقتحموا المجمع، الذي كان في بعض أجزائه يقع على عمق أكثر من 200 قدم تحت الأرض، وفقاً لمسؤولين أميركيين وأوروبيين وإسرائيليين.
ما تلا ذلك كان إحدى أكثر العمليات العسكرية جرأة ضد حزب الله منذ سنوات.
بدا في البداية أنه هجوم منفرد على منشأة أسلحة تابعة لحزب الله، لكنه الآن يبدو وكأنه الضربة الافتتاحية في حملة سرية ضد حزب الله.
ووفق الصحيفة، فإن تقريرها اعتمد على مقابلات مع مسؤولين أميركيين وأوروبيين وإسرائيليين على دراية بجوانب العملية، إذ تحدث المسؤولون بشرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة معلومات حساسة.
إسرائيل أخطرت الولايات المتحدة
قبل تنفيذ الغارة، أخطرت إسرائيل كبار المسؤولين الأميركيين، بمن فيهم الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية، وفي ذلك اليوم، كان الجنرال كوريلا في إسرائيل يزور غرفة الحرب العميقة تحت الأرض التابعة للقيادة الشمالية لجيش الدفاع الإسرائيلي، حيث عُرضت عليه الخطط العسكرية لمواجهة حزب الله.
كانت المخابرات الإسرائيلية على دراية بمواقع نقاط الحراسة وتخطيط المنشأة، وبعد مقتل الحراس في تلك الليلة، تمكن نحو 100 من الكوماندوز الإسرائيليين الذين هبطوا من الطائرات من الدخول إلى الموقع دون مواجهة.
وباستخدام خرائط، انقسم الكوماندوز إلى فرق، كل فريق مكلف بتدمير جزء مختلف من المنشأة.
استمر الإنزال نحو 15 دقيقة
المصنع، الذي يقع بالقرب من مدينة مصياف في شمال غربي سوريا، يُعرف رسمياً باسم "مركز الدراسات والبحوث العلمية السوري"، ولكن رغم أنه يخضع اسمياً لسيطرة وزارة الدفاع في حكومة النظام السوري، يقول مسؤولون غربيون إن حزب الله وإيران سيطرا على العمليات فيه.
يقع المصنع على بعد نحو 30 ميلاً فقط من الحدود اللبنانية، ولهذا السبب، وفقاً لمسؤولين إسرائيليين وأميركيين، يصنع حزب الله أسلحته هناك بدلاً من إيران. يعد نقل الصواريخ والأسلحة من إيران إلى لبنان رحلة شاقة تزيد عن 1000 ميل وتواجه العديد من التحديات.
لسنوات، كانت إسرائيل تتبع وتحاول تدمير المنشأة ومن يرتبطون بها. في عام 2018، قُتل عزيز أسبر، أحد أهم علماء الصواريخ في سوريا، في مصياف إثر انفجار سيارة يُعتقد أن الموساد الإسرائيلي زرعها.
قبل ذلك بعام، ضربت الطائرات الحربية الإسرائيلية مصياف، مما أسفر عن مقتل شخصين وفقاً لمسؤولين سوريين، كجزء من جهود إسرائيل لمنع النظام السوري وحزب الله من الحصول على أسلحة متطورة.
في السنوات الأخيرة، نقلت قوات النظام السوري معداتها إلى هذا الموقع المحمي جيداً لتوحيد قدراتها في إنتاج الصواريخ، وبدأت إيران وحزب الله في تحسين المنطقة تحت الأرض التي تم استهدافها هذا الشهر.
كان حزب الله يعتزم استخدام الصواريخ التي يتم تطويرها في ذلك الموقع ضد إسرائيل، وفقاً لمسؤولين مطلعين على المعلومات الاستخبارية.
باعتبار ذلك، كانت غارة 8 أيلول استمراراً للجهود الإسرائيلية الطويلة لتدمير المركز وتحوّلاً واضحاً في حربها الممتدة منذ عام تقريباً من غزة إلى حزب الله.
وقال مسؤولون إسرائيليون رفيعون لنظرائهم الأميركيين بعد الغارة إن الاستراتيجية تعكس دروس الهجوم الذي وقع في 7 أكتوبر. عندما تجمع الحكومة الإسرائيلية معلومات استخبارية تفيد بأن وكيلاً إيرانياً يحاول تطوير سلاح جديد، سيتحرك الجيش الإسرائيلي لوقفه.
كانت الضربة في مصياف أيضاً الجولة الافتتاحية في سلسلة من الهجمات تهدف إلى وقف هجمات حزب الله بالصواريخ والطائرات بدون طيار عبر الحدود.
الموقع أولوية لإسرائيل
أصبح الموقع المذكور في سوريا أولوية قصوى بالنسبة للإسرائيليين لأنهم كانوا يخشون أن يتمكن حزب الله من صنع سلاح أكثر دقة والعديد من الصواريخ بمجرد اكتمال المنشأة.
وقال مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون إن هدفاً مهماً من غارة الكوماندوز كان تدمير المعدات المتعلقة بصنع المتفجرات للرؤوس الحربية وتزويد الصواريخ بالوقود. وكانت القوات الإسرائيلية تعتقد أن تدمير المعدات الخاصة في المنشأة يمكن أن يعرقل بشكل كبير عملية التصنيع.
وحققت إسرائيل اختراقاً عندما حصلت وكالة استخبارات الإشارات التابعة لها، المعروفة باسم الوحدة 8200، على خطط تفصيلية للمنشأة عبر اختراق إلكتروني، وفقاً للمسؤولين. الوحدة 8200 هي نفس الوحدة التي وُجهت إليها الانتقادات لفشلها الاستخباري قبل 7 أكتوبر.
هذه المرة، لم تحصل وحدة التجسس على المخططات فحسب، بل علمت أيضاً بمواقع الحراس عند مداخل المنشأة تحت الأرض. نتيجة لذلك، تحرك الكوماندوز بسرعة وعادوا إلى الطائرات في غضون دقائق.
تلفزيون سوريا يكشف تفاصيل صادمة عن هجوم مصياف
سبق أن كشف "تلفزيون سوريا" بناء على معلومات حصرية حصل عليها من مصادر خاصة، عن تفاصيل جديدة وصادمة حول الضربة الإسرائيلية الأخيرة على مدينة مصياف غربي حماة، شملت إنزالاً جويّاً واشتباكات وقتلى وأسرى.
وأكدت المصادر أن الضربة الإسرائيلية، التي استهدفت مركز أبحاث عسكرياً رئيسياً يُستخدم في إنتاج الأسلحة الكيميائية، لم تقتصر على غارات جوية، بل تزامنت مع إنزال جوي واشتباكات عنيفة وأسر إيرانيين.
وأوضحت أنّ مروحيات إسرائيلية حامت في سماء المنطقة المٌستهدفة، ولم تهبط على الأرض، حيث جرى الإنزال باستخدام الحبال، بالتزامن مع تدمير المسيّرات الإسرائيلية لجميع سيارات مفرزة أمن النظام هناك، وقطع جميع الطرق المؤدية إلى مكان عملية الإنزال.
ووفق المصادر، تخلّلت العملية اشتباكات عنيفة أسفرت عن مقتل ثلاثة سوريين وإصابة آخرين بينهم مدنيون، كما تمكّن فريق الإنزال الإسرائيلي من أسر شخصين إيرانيين.
وأشارت المصادر إلى أنّ أجهزة النظام الأمنية أعاقت وصول فرق الإنقاذ إلى المنطقة المُستهدفة، حيث نُقل القتلى والمصابون العسكريون إلى جهةٍ مجهولة، ولم يُعرف مصيرهم، في حين نُقل المصابون المدنيون إلى مستشفى مصياف.
وبحسب المصادر فإنّها ترجّح أن يكون النظام أو أطراف من قبله هي مَن سهّلت عملية الضربة والإنزال الإسرائيلي بشكل كامل، مؤكّدةً استهداف مركز اتصالات روسي على "جبل المشهد العالي" (قاسيون مصياف)، وأنّ الضربة أصابت خبير رادارات روسي كان في المركز.
كاميرا فريق تلفزيون سوريا تمكّنت من رصد الدمار والأضرار التي لحقت بالمنطقة المُستهدفة، بعد وصولها إلى بداية الطريق الجبلي المتضرر.
وبحسب شاهد العيان الصحفي ويليام العلي، من أبناء منطقة مصياف، فإنّ أهالي مصياف استيقظوا على أصوات انفجارات ضخمة هزّت المدينة والمناطق المجاورة، ليتبيّن أنّه هجوم نُفّذ باستخدام صواريخ استهدفت مواقع محدّدة بدقة عالية، منها مناطق عسكرية ومراكز أبحاث، والتي تتمركز فيها قوات إيرانية وأخرى تابعة للنظام السوري، مشيراً إلى أنّ القوة التدميرية لهذه الضربات كانت غير مسبوقة.
المواقع المستهدفة
قال شاهد العيان ويليام العلي، خلال مشاركته في برنامج "سوريا اليوم" على "تلفزيون سوريا"، إنّ المواقع التي ضربتها إسرائيل مألوفة لسكّان المنطقة، حيث استُهدفت عدة مرات في السابق، لكن الجديد في هذا الهجوم هو قوته ودقّته العالية، حيث تضمّنت الضربات مركز الأبحاث في منطقة "الزاويّة"، إضافة إلى استهداف مواقع قرب "وادي العيون" وهي مناطق جبلية معروفة بانتشار عسكري وأمني مكثّف.
وأكّد الشاهد أن إحدى النقاط المستهدفة على الطريق بين مصياف ووادي العيون "مُسحت بالكامل" نتيجة للضربة، وأنّ الانفجارات كانت قوية إلى درجة قطعت الطرق لساعتين تقريباً، ما أجبر قوات النظام على الانتقال سيراً على الأقدام إلى الموقع.
وتطرّق ويليام العلي إلى استهداف مركز البحوث العلمية في مصياف، وأن هذه ليست المرة الأولى التي يُضرب فيها المركز، الذي يُعرف بوجود إيرانيين داخله، وهي محاطة بإجراءات أمنية صارمة، حيث يمنع التصوير والاقتراب منها، مرجِّحاً وجود تعاون أو تسريبات داخلية ساعدت في تحديد إحداثيات الضربة بهذه الدقة العالية.