كشفت وسائل إعلام إيرانية معارضة عن وحدات تتبع لـ"الحرس الثوري الإيراني" تنشط بشكل سرّي على الأراضي السورية واللبنانية، هدفها تطوير القدرات العسكرية لكل من النظام السوري و"حزب الله".
نشاط الوحدات السرية التابعة لـ"الحرس الثوري" رغم أنه ليس حديث العهد في سوريا ولبنان، إلا أنه تزايد في أعقاب عملية "طوفان الأقصى"، في 7 تشرين الأوّل 2023، بهدف الجاهزية القتالية والدفاعية للميليشيات والجماعات المرتبطة به، وعلى وجه الخصوص قدرات الدفاع الجوي للحد من الخسائر الناجمة عن الهجمات الجوية الإسرائيلية، التي أودت بحياة العشرات من الضباط والقادة الإيرانيين رفيعي المستوى، إضافة إلى تدمير شحنات أسلحة وعتاد عسكري.
"الوحدة المركزية/ 8000"
في مقدمة هذا النشاط تأتي "الوحدة 8000" ومقرها الرئيسي في مجمع عسكري بمدينة كاشان وسط إيران، تابعة بشكل مباشر لقيادة "فيلق القدس" -الذراع العسكري للحرس الثوري خارج إيران- يقودها العميد حسن حبيبي.
وهذه الوحدة هي المسؤول المباشر -إلى جانب وحدات متفرعة- عن الإمداد اللوجستي لكل القوات الإيرانية والجماعات المرتبطة بطهران في منطقة الشرق الأوسط، وذلك عبر شركات طيران إيرانية أبرزها شركة "ماهان إيرلاينز"، التي تتمتع الوحدة بنفوذ واسع فيها، إلى جانب شركات نقل بري وبحري بعضها مرخص خارج إيران.
يتفرّع عن "الوحدة 8000" خلايا ووحدات عديدة، لكل منها مهام محددة معينة، كالعمل في منطقة جغرافية محددة أو الارتباط بجماعة أو ميليشيا معينة أو تأمين الحماية لكبار الشخصيات والقادة وعمليات نقل وتهريب العتاد العسكري والمسيرات والصواريخ.
"الوحدة 8040"
بحسب سلسلة تغريدات لجماعة "الأفواه المخيطة" المناهضة للنظام الإيراني على منصة "إكس/𝕏" فقد أسّس "الحرس الثوري" وحدة تضم جنرالات وخبراء في تشغيل أنظمة الدفاع الجوي والرادار والإنذار المبكر تحت اسم "الوحدة 8040".
يقع مقر هذه الوحدة في مدينة كاشان وسط إيران، ويترأسها الجنرال قدرة الله فاطمي الملقب بـ"الحاج قدرة غلابي" والذي عمل قبل تزعمه للوحدة ضمن مؤسسة الصناعات الفضائية الجوية الإيرانية "AIO"، كمختص بتطوير أنظمة الدفاع الجوي والحرب الإلكترونية.
ويعتبر الجنرال رشيد باقري الرجل الثاني و"أحد أبرز الشخصيات" في هذه الوحدة، وهو الذي يتنقل بشكل دوري بين طهران ودمشق وبيروت.
وأفادت مصادر خاصة لـ موقع تلفزيون سوريا، أنّ "باقري" كثّف وجوده في سوريا بشكل فعال منذ العام 2022، وأشرف -رفقة القيادي في "حزب الله" وسام الطويل، الذي اغتالته إسرائيل، مطلع العام الجاري- على تدريب عناصر من "وحدة الرضوان" على استخدام صواريخ مضادة للطائرات من طراز "صقر 358" الإيرانية، وذلك في معسكرات قرب مطار الضمير بريف دمشق.
وأشرفت الوحدة خلال نشاطها في المنطقة على عمليات نقل أنظمة دفاع جوي متنوعة بينها أنظمة محمولة على الكتف وأخرى محمولة على مركبات وأنظمة حرب إلكترونية وتشويش من إيران عبر ممرات التهريب البرية والجوية إلى سوريا ومنها إلى لبنان.
لم يقتصر عمل الوحدة على تدريب المقاتلين على استخدام الصواريخ المضادة للطائرات، حيث أنهت، أواخر العام الفائت، مشروعاً لتطوير أنظمة الرادار السورية -روسية الصنع- واستبدال وصلات البيانات الخاصة بها بأخرى من صناعة إيرانية.
وتتيح الوصلات الإيرانية لأنظمة الدفاع الجوي لدى النظام السوري العمل كشبكة دفاعية متكاملة لا مركزية من خلال ربط أنظمة الرادار بمختلف إصداراتها مع منظومات الدفاع الجوي الثابتة والمحمولة وأسهمت في رفع كفاءتها في الإنذار المبكر وتتبع الأهداف الجوية المعادية قبل دخولها في نطاق الاعتراض.
وظهرت أولى نتائج المشروع الإيراني في 11 كانون الأول 2023، حيث تمكنت أنظمة الدفاع الجوي من اعتراض غالبية الصواريخ الإسرائيلية آنذاك، وتكرر اعتراض الصواريخ الإسرائيلية عدة مرات بعدها، ففي 17 من كانون الأول، اضطرت المقاتلات الإسرائيلية إلى شن جولتي قصف جوي على أهداف في دمشق وريفها بعد الاشتباك مع أنظمة الدفاع الجوية، ومرة أخرى اضطرت إلى شن ثلاث جولات قصف، منتصف نيسان الماضي.
وأظهرت مقاطع فيديو بثتها "حزب الله" إسقاط طائرات استطلاع إسرائيلية من طراز "هيرميس 900" بواسطة نظام دفاع جوي متقدم، وقد رجّح خبراء عسكريون أن يكون النظام المستخدم هو "حرز 9"، في حين أوردت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير نشرته قبل أيام، صاروخ "صياد 2" الإيراني المستخدم في "نظام حرز"، ضمن ترسانة "الحزب" الصاروخية والدفاعية.
"الوحدة 8030"
كشفت قناة "Iran International"، في 18 آب الجاري، عن نشاط لـ"الوحدة 8030" في الشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، مشيرةً إلى أنّ هذه الوحدة مسؤولة عن نشر زوارق الهجوم السريع والطوربيدات المضادة للسفن والألغام البحرية، إضافة إلى تخطيطها لعمليات القرصنة قبالة السواحل اليمنية وفي مضيق هرمز.
ويدير أنشطة الوحدة عدة جنرالات من "الحرس الثوري" من بينهم (علي خادمي، ومحمد لاريمي، ووحيد ظهرابي، ومحمد أحمدي، وأمير حسين طهماسبي، وعلي مهرابي، ومحرم علي عوضي)، وجميعهم من كوادر القوات البحرية التابعة للحرس، ومختصون بتشغيل أنظمة الصواريخ المضادة للسفن ونشر الألغام المائية.
وكشف موقع تلفزيون سوريا، مطلع آب الحالي، عن انتهاء "الحرس الثوري الإيراني" من تأسيس قاعدة دفاع ساحلي مزودة أيضاً بزوارق هجومية وصواريخ مضادة للسفن وأنظمة تجسس على الحركة الملاحية للقطع البحرية التابعة للأسطول الأميركي والقوات الغربية.
ويُدير القاعدة الواقعة في شاطئ "عرب الملك" قرب مدينة بانياس بريف طرطوس، العميد في قيادة المنطقة الخامسة بالقوات البحرية التابعة للحرس الثوري حميد رضي زاده الملقب بـ"الحاج غلام"، رفقة 20 عنصراً بينهم ضباط من القوة البحرية، إلى جانب مختصين يتبعون لـ"حزب الله" اللبناني.
"الوحدة 8050"
تُمثّل هذه الوحدة "الذراع الطولى" لـ"فيلق القدس"، وتحظى بهالة من السرية والحماية الفائقة في كل عملياتها وتحركاتها، خاصّةً في العراق وسوريا ولبنان.
تنشط الوحدة بقيادة الجنرال هادي كمالي، وهي المسؤولة عن إمداد كل الجماعات والميليشيات المرتبطة بطهران بالطائرات المسيرة، فضلاً عن كونها المسؤول المباشر عن مهاجمة القواعد الأميركية في العراق وشرقي سوريا.
مصادر خاصة لـ موقع تلفزيون سوريا، أكّدت أنّ الوحدة رفقة مجموعات من "حزب الله" اللبناني وميليشيا "لواء الإمام الحسين" نقلت، خلال الأشهر الماضية، عشرات الطائرات المسيّرة الهجومية "الانتحارية" والاستطلاعية إلى جنوبي سوريا.
وبحسب المصادر، فإنّ الوحدة نقلت عتاداً عسكرياً إلى ثكنة عسكرية أخلتها قوات النظام السوري قرب بلدة ماعص في ريف القنيطرة، وكذلك إلى مقار عسكرية قرب مدينة الصنيمن في ريف درعا، وإلى أطراف مدينة قطنا في ريف دمشق.
وأظهرت صورة أقمار صناعية، استخدام "الحرس الثوري الإيراني" لـ مطار "بلّي" العسكري في ريف دمشق، كمحطة أساسية لتشغيل طائرات مسيرة من طراز "أبابيل 3" متعددة المهام والقادرة على العمل في نطاق 2000 كيلومتر.
وأضافت المصادر أنّ الوحدة أسّست داخل مطار "بلّي"، قاعدة تشغيل خاصة بالمسيرات الإيرانية منفصلة ومستقلة عن إدارة المطار، مشيرة إلى قدرة محطة التشغيل على التحكم بعدة طائرات بشكل متزامن.
وتسخدم هذه الوحدة فنادق ومزارع بالقرب من طريق المطار وبلدة السيدة زينب جنوبي دمشق، كمقار للإقامة يتم التبديل فيما بينها بشكل دوري، إضافة إلى استخدامها كمخازن للعتاد العسكري بغطاء مدني.
"الوحدة 8090"
تتولى هذه الوحدة التي يترأسها الجنرال مهدي العفاري، مهمة تمرير وإيصال المساعدات العسكرية التقنية إلى وكلاء إيران والميليشيات والمرتبطة بها.
وتنشط هذه الوحدة في سوريا ضمن حيّز ضيق للغاية يقتصر على مشاريع صناعة الطائرات المسيرة في مراكز البحوث العلمية وبعض المنشآت الأخرى التي يسيطر عليها "الحرس الثوري" و"حزب الله"، والمُستخدمة لصناعة وتجميع وسائل الحرب الإلكترونية وبرمجيات تشفير الاتصالات والتجسس.
- دلالة الرمز "80"
تتقاطع كل الوحدات السرية المرتبطة بالأنشطة العسكرية والاستخبارية لـ"فيلق القدس" الإيراني عند الرقم "80"، والذي يرمز إلى العام 1980 الذي تأسّس فيه الفيلق على يد الجنرال أحمد وحيدي، والذي رقّي إلى رتبة لواء قبل أن يشغل منصب وزير الدفاع الإيراني، عام 2009، في حكومة الرئيس السابق أحمدي نجاد.