البث المباشر
تشهد هولندا منذ أيام حملات كبيرة على كلّ المستويات الرسمية والشعبية تهدف إلى جمع الأموال والتبرعات لصالح منكوبي الزلزال المدمّر الذي ضرب سوريا وتركيا، قبل أسبوع.
يأتي ذلك في ظل أوضاعٍ كارثية يشهدها شمال غربي سوريا، الذي ما يزال العديد من سكّانه ينتظرون استخراج جثامين ذويهم من تحت الأنقاض، بعد أن عجزوا عن إنقاذهم بسبب شح الإمكانيات.
وعلى مدار أيام الأسبوع الفائت، تحوّلت هولندا إلى "خلية نحل" بهدف جمع أكبر مبلغ لصالح منكوبي الزلزال، وجُمع بالفعل أكثر من 16 مليون و200 ألف يورو حتى الآن، من خلال مبادرة "555 GIRO" التي ستواصل جمع الأموال.
وفي حالات الكوارث الاستثنائية، تتعاون 11 منظمة إغاثة تحت اسم "Giro555"، وتطلب من كل المناطق الهولندية الانضمام إلى عملية جمع الأموال لـ مساعدة الضحايا، ومن أبرز المنظمات المساعدة التي تقف وراء حملة "Giro555": الصليب الأحمر الهولندي و"أوكسفام" و"يونيسيف" وغيرها.
استنفار كامل في هولندا لمساعدة منكوبي الزلزال
ومن أجل منكوبي الزلزال، تعتزم القنوات الإذاعية والتلفزيونية العامة والخاصة في هولندا عبر بث حي ومشترك، يوم الأربعاء المقبل، المشاركة في حملة "Giro555" وتسليط الضوء عليها، كما سيكون هناك لقاءات مع مشاهير هولنديين بهدف جمع أكبر قدر ممكن من المال لمساعدة المنكوبين.
وسيبدأ البث عبر محطة راديو "NPO FunX"، يوم الأربعاء المقبل عند الساعة 5.55 صباحاً، وفي المساء عند الساعة 8:30، وسيتم بث برنامج مشترك من قبل "NPO وRTL وTalpa Network"، ويمكن مشاهدة البرنامج على "NPO1".
وبالإضافة إلى "NPO FunX"، تشارك محطات إذاعية أخرى في الحملة وهي: (QMusic وRadio 538 وRadio 10 وRadio Veronica وSky Radio وNPO)، وذلك مع استمرار مواصلة جمع التبرعات لصالح منكوبي الزلزال، وفق ما ذكرت وسائل الإعلام الهولندية.
وبحسب حملة "Giro555"، فإنّ الأموال مطلوبة بشكل عاجل لتأمين المأوى والمساعدات الطبية والطعام والشراب وإمدادات الإغاثة مثل الأدوية والملابس الدافئة والبطانيات للمنكوبين.
بلديات تتبرع بمئات الآلاف
ساهمت العديد من البلديات الهولندية في الحملة، حيث تبرعت بلدية روتردام بمبلغ 650 ألف يورو، تزامناً مع تنظيم الهولنديين والسوريين والمغاربة والأتراك في البلدية بعدة حملات تهدف إلى جمع التبرعات والمساعدات، كالألبسة وأغذية الأطفال ومواد النظافة والسخانات ومعدات الإسعافات الأولية والأدوية.
كذلك تبرّعت بلدية أمستردام بـ905 آلاف يورو لـ حملة "Giro 555"، ودعت جميع سكّانها للتبرع، كما تبرعت بلدية أوتريخت بـ362 ألف يورو (1 يورو عن كل ساكن في أوتريخت)، وقالت رئيسة البلدية شارون ديجكسما: "هذه الكارثة تؤثر على مدينتنا بعمق".
أما بلدية تيرنوزن فتبرعت بمبلغ 55 ألف يورو (يورو عن كل ساكن) وتبرعت بلدية ديفنتير بمبلغ 100 ألف يورو، وبحسب البلدية سيقدم هذا المبلغ لـ11 منظمة إغاثية هولندية كبيرة تنشط في كل من تركيا وسوريا من خلال المنظمات الشريكة، مشيرة إلى أنه بهذه الطريقة يمكنهم تقديم المساعدة الطارئة مباشرة.
وفي ظل عملية جمع المساعدات في بلدة ديفنتر، والتي تتضمن الملابس والبطانيات والأدوية، قال رئيس البلدية رون كونيغ: "لكن الأموال ضرورية أيضاً للمساعدات الطارئة"، عقب زيارته لأحد مساجد المدينة، وإحدى السفن التي يقيم فيها لاجئون سوريون.
وتبرعت بلدية كابيلا آن دا آيسل بمبلغ قدره 67،576 يورو (يورو واحد عن كل ساكن)، وأعرب العمدة بيتر أوسكام عن دعمه لجميع المتضررين قائلاً: "كارثة ذات حجم غير مسبوق ضربت تركيا وسوريا، أمر مروع للأشخاص هناك الذين يتعين الآن مساعدتهم بالمساعدات الطارئة والأموال لإعادة الإعمار.. إنه لأمر رائع أن تظهر مبادرات في هولندا والمنطقة وكابيلا لجمع مواد الإغاثة".
كذلك، أعلنت بلديات أنسخديه وألميلو وماسلويس وشيدام وماشروست، عن تبرعها بمبالغ مالية لصالح المنكوبين، فيما أعلنت عدة بلديات منها: دلفت وفينري، عن تعاطفما مع المنكوبين، ودعت سكّانها إلى التبرع لصالحهم عبر "الحملة الوطنية".
وفي ذات السياق، خُصّص ريع عدة حفلات في هولندا لصالح المنكوبين، حيث ذكرت وسائل إعلام هولندية، أنّ المغنية ميرال بولات تبرعت بعائدات الحفلة التي تنوي إقامتها في قاعة "دا دولن" بمدينة روتردام، يوم الجمعة المقبل، لصالح حملة "GIRO 555"، كما تبرّعت فرقة موسيقية أيضاً بعائدات حفلتها التي تعتزم إقامتها قريباً في 18 شباط المقبل بمدينة زاندام، لصالح المنكوبين.
10 ملايين يورو من الحكومة لـ منكوبي زلزال سوريا
حكومياً، خصّصت الحكومة الهولندية 10 ملايين يورو للمساعدات الطارئة لضحايا الزلزال في سوريا، وأعلن وزيرة التجارة الخارجية والتعاون الإنمائي الهولندي ليسجي شرينيماخر، أنّ هذا يتعلق بالغذاء والماء والبطانيات والخيام، مشيرةً إلى إنفاق 7 ملايين يورو من خلال الأمم المتحدة و3 ملايين يورو من خلال منظمات المعونة الهولندية.
وقالت "شرينيماخر" إنّ هولندا أرسلت بالفعل فريق بحث وإنقاذ إلى تركيا، وأن هذا البلد يتلقى المساعدة من جهات عديدة "لكن لا ينبغي لنا أن ننسى سوريا، حقاً هناك حرب مستعرة منذ سنوات.. بالنسبة لهم هذه كارثة بعد كارثة.. من المهم جداً أن ندعمهم أيضاً".
وذكرت الوزيرة الهولندية أن المساعدة المقدمة إلى الشعب السوري معقدة بسبب الحرب، حيث لا توجد علاقات دبلوماسية بين الاتحاد الأوروبي وسوريا، مردفةً: "لكننا على اتصال مع المنظمات للتأكد من وصولها إلى المناطق المحتاجة".
روته معجب بحملات التبرع السورية
زار رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، مطعماً سورياً لدعم حملة التبرعات التي ينظّمها السوريون لإغاثة منكوبي الزلزال في سوريا، كما زار أيضاً مسجداً تركيّاً.
وقال روته إنّ "العواقب الرهيبة للزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا أثرت على هولندا بشدة.. كثير من الناس قلقون للغاية بشأن أحبائهم الذين يعيشون في مناطق الكارثة، لقد دُمّرت المدن بالكامل وعدد القتلى والجرحى مرتفع جداً".
وتابع: "خلال زيارتي لمطعم سوري ومسجد تركي في روتردام، أجريت محادثات مؤثرة مع الناس حول حزنهم"، معرباً عن إعجابه بـ"كل حملات جمع التبرعات التي تم إعدادها في فترة زمنية قصيرة"، واصفاً إياها بـ"النقاط المضيئة الدافئة في هذا الوقت العصيب".
خلال المحادثة الختامية مع الصحافة بعد رحلة الكاريبي لملك هولندا وزوجته والأميرة أماليا، تحدث الملك ويليم ألكسندر مجدّداً عن كارثة الزلزال في تركيا وسوريا، ووصفها بأنها "رهيبة".
وقال الملك الهولندي: "قلوبنا مع الضحايا والأقارب والجرحى وأيضا مع عائلات السوريين والأتراك في هولندا المفقودين وهم بالتأكيد في حالة من عدم اليقين الكبير"، كما وجه كلمة شكر إلى جميع عمال الإغاثة، خاصةً فريق الإغاثة الهولندي "الذي يحاول ليلاً ونهاراً إخراج الناس من تحت الأنقاض".
