من المفترض أن يصل وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عصام شرف الدين إلى دمشق خلال الـ 24 ساعة المقبلة، لبحث ملف إعادة اللاجئين السوريين بناء على رغبة الجانب اللبناني، ومعالجة كل الملفات المتعلقة سياسيا وأمنيا واقتصاديا، والتي يرتبط بها ملف لا يقل أهمية وهو إعادة الإعمار.
لذلك يرى بعضهم أن محاولات بعض أطراف السلطة في لبنان إثارة هذا الملف هو لعب في الوقت الضائع لن يقدم ولن يؤخر وهو باب لتطبيع العلاقات مع النظام السوري لا أكثر ولا أقل، من بوابة التحريض على اللاجئين السوريين وتحميلهم عبء الأزمة الاقتصادية في لبنان، علما أن حزب الله المعني أكثر بذلك ليس متحمسا لإعادة اللاجئين خصوصا أنه يسيطر على قراهم ويقيم فيها مراكزه ويستفيد من خيراتها، كما أنه يستفيد من اليد السورية العاملة في الزراعة لا سيما في زراعة الحشيش والأفيون في البقاع، وتصنيعها في البلدات المسيطر عليها على طول الحدود اللبنانية ـــ السورية.
ولا يتوقع مراقبون نجاح الوزير اللبناني المتحمس لبحث قضية اللاجئين في المهمة التي كلف بها نفسه، ولكن إعادة أكثر من مليون لاجىء تحتاج إلى أكثر من عشر سنوات، علما أن الأمم المتحدة أعلنت رفضها لها.
وكان الوزير شرف الدين، أشار إلى أنه "توجد مسودة عمل، سنقوم بها لمناقشة ملف عودة النازحين السوريين، وأنا متفائل، فهناك تواصل بيني وبين الجهات المعنية في سوريا، وسنتوصل إلى اتفاق قريباً".
لكن مصادر سياسية لبنانية معارضة لسياسة العودة القسرية ـ طلبت عدم الكشف عن هويتهاـ اعتبرت في حديثها لـ "موقع تلفزيون سوريا"، أنه " قد لا يكون هناك إمكانية لنجاح هذه الخطة كما هي المحاولات الأخرى التي جرت سابقا ومنها قيام الأمن العام اللبناني بترحيل أعداد من السوريين كانوا يعودون عن طريق التهريب عبر المعابر الحدودية المنفلتة بدون إجراءات أمنية تضمن لجم عصابات تهريب البشر من الجهتين" مشيرة إلى أنه "أمر يجب مناقشته مع الجانب السوري".
وتابعت أنه من "الواضح أن النظام السوري ليس متحمسا لاستقبال اللاجئين من الدول الحدودية معه أي لبنان والأردن وتركيا، فالموضوع أكبر من تصريحات وإجراءات تخدم سياسات هذا البلد أو ذاك في حسابات الداخل". لأن النظام يريدها بوابة لإعادة الإعمار وهو ما يرفضه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
إلا أن نظام الأسد يعتبر عودة اللاجئين أساسية، إذ تشكّل بنظره خير دليل على انتهاء الصراع، ما يسمح بعودة علاقات البلاد إلى طبيعتها مع الدول المجاورة التي تستضيف اللاجئين.
إعادة السوريين من لبنان وابتزاز المجتمع الدولي
وفي هذا الإطار يقول الكاتب والمحلل السياسي الدكتور مكرم رباح لـ موقع تلفزيون سوريا أن "ما تقوم به الطبقة السياسية اللبنانية أو بالتحديد الحكومة اللبنانية فيما يتعلق بموضوع اللاجئين السوريين هو شيء طبيعي ومتوقع، فهم يقومون بابتزاز المجتمع الدولي وفي نفس الوقت استعمال اللاجئين السوريين وحتى الفلسطينين كورقة ضغط داخلية وخارجية".
وردا على إمكانية نجاح أو فشل هذه الخطة، أعرب عن اعتقاده بأنه "في الماضي قامت تلك الأطراف وبالتحديد حلفاء حزب الله بمحاولة فرض هذه العودة كون الطرف السوري لا يريد ذلك بل يريد أن يظهر للعالم بأنه يتعاون ولكن في واقع الحال هو لا يتعاون. بالإضافة إلى شيء أساسي هو أن هناك عددا كبيرا، أكثر من 40% من اللاجئين السوريين في لبنان. جاؤوا من مناطق احتلتها الميليشيات الإيرانية وبالتحديد منطقة القلمون وبلدة القصير التي أصبحت الآن أساسية لحزب الله والميليشيات الايرانية".
وبرأيه فإن الموضوع لا يقتصر فقط على رغبة تقنية أو رغبة سياسية من طرف لبناني فلا يمكن أن يعود اللاجىء السوري إلى بلاده بدون تسوية سياسية شاملة، تشمل رحيل بشار الأسد واستعمال بطاقة اللاجئين وتصويرهم أنهم سبب الأزمة الاقتصادية اللبنانية هو كذب وخداع ويأتي في إطار محاولات الطبقة السياسية الحاكمة التنصل من مسؤوليتها".
سوريا غير آمنة لعودة اللاجئين
قال مركز كارنيغي في دراسة سابقة إن سياسة لبنان لإعادة اللاجئين السوريين لم تأخذ في الحسبان جائحة كوفيد-19 وتدهور الوضع الاقتصادي في سوريا خلال السنوات الماضية وحتى اليوم. ورجح المركز أن يتسبّب هذان العاملان في خفض أعداد اللاجئين الراغبين في العودة إلى بلادهم طوعًا.
وشدد المركز على أن عدد اللاجئين العائدين إلى وطنهم سيبقى محدودا بسبب الوضع السياسي المتقلّب في سوريا والخوف من عمليات الاعتقال والاحتجاز التعسفية عند الوصول إلى البلاد أو في وقت لاحق.
اقرأ أيضا: وزير المهجرين اللبناني: سأطرح تشكيل لجنة ثلاثية في سوريا لعودة اللاجئين
وأضاف أن العودة الآمنة والمستدامة للاجئين تقتضي إرساء إطار عمل يقرّ بالجذور السياسية للأزمة السورية، ولا يكتفي باحتساب أبعادها الإنسانية وحسب، وبأن السلام مستحيل من دون العدالة؛ ويعترف بحقّ اللاجئين في العودة إلى مسقط رأسهم.
والشهر الماضي، أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" على أن "أي إعادة قسرية للاجئين السوريين ترقى إلى حد انتهاك التزامات لبنان الخاصة بعدم إعادة الأشخاص قسراً إلى بلدان يواجهون فيها خطراً واضحاً بالتعرض للتعذيب أو غيره من الاضطهاد".
بيان المنظمة الدولية جاء رداً على تصريحات وزير شؤون المهجرين اللبناني، عصام شرف الدين، بأن لبنان سيسير بخطة لإعادة 15 ألف لاجئ سوري إلى سوريا، مهما كان موقف مفوضية شؤون اللاجئين، مشيراً إلى أنه طلب من المفوضية تعليق المساعدة لأولئك الذين تم اختيارهم للعودة.