أصدر مركز "وصول لحقوق الإنسان" تقريره السنوي عن انتهاكات حقوق الإنسان بحق اللاجئين السوريين في لبنان، مشيراً إلى أنه يأتي في ظل تصعيد في الخطاب الرسمي لإعادة اللاجئين إلى سوريا، الممارس من قبل السلطات والأحزاب اللبنانية.
وسلط التقرير الضوء على الانتهاكات التي تعرض لها اللاجئون السوريون على الأراضي اللبنانية خلال العام 2021، وذلك من خلال استعراض المعلومات الأولية من رصد وتوثيق مختلف انتهاكات حقوق الإنسان التي طالت اللاجئين، من خلال سلسلة نشاطات تفاعلية مع الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان، مركزاً بشكل أساسي على "الاعتقال التعسفي والتعذيب وإساءة معاملة والترحيل القسري وغيرها من الانتهاكات الجسيمة".
وقال المدير التنفيذي لمركز وصول لحقوق الإنسان، محمد حسن، إن "التوعية بانتهاكات حقوق الإنسان بحق اللاجئين من شأنه تخفيف احتقان المجتمع المحلي تجاه اللاجئين، سواء من خلال وسائل الإعلام أو تقصي الحقائق ونشرها، وإجراء مقاربات حقوقية في التزامات لبنان بموجبات القانون الدولي"، مشدداً على ضرورة مساهمة المجتمع المدني اللبناني في نشر الحقائق.
وأوضح حسن أن "المعلومات التي قمنا برصدها العام الماضي كانت أكبر بكثير من الأرقام الموثّقة في التقرير، ويجب على السلطات اللبنانية ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أخذ التوصيات الصادرة عن التقرير بعين الاعتبار وبشكل جدّي وعاجل".
وحمل مدير المنظمة الحقوقية مفوضية اللاجئين "المسؤولية عما آلت إليه أوضاع اللاجئين في لبنان"، مشدداً على "أهمية أن تولي المفوضية مسؤولياتها في التدخل لمنع الإخلاءات القسرية في الوقت الراهن، وإطلاع المجتمع المدني على خطتها الاستراتيجية في توفير احتياجات اللاجئين".
تساهم الأزمة الاقتصادية في لبنان في تراجع قدرة اللاجئين على تسديد بدل الإيجار، إضافة إلى تأثير جائحة كوفيد-19 على قطاعات العمل المختلفة خلال عام 2021، والتي انعكست سلبًا على اللاجئين.#التقرير_السنوي #انتهاكات #معًا_من_أجل_حقوق_الإنسان #اللاجئين_السوريين #إخلاء_قسري pic.twitter.com/f6mboj8rfz
— Access Center for Human Rights (ACHR) (@ACHRights) May 26, 2022
ووفق تقرير مركز "وصول"، فإن أبرز الانتهاكات بحق اللاجئين السوريين في لبنان هي:
الاعتقال والاحتجاز التعسفي
أشار المركز إلى أنه تابع وصول 139 حالة اعتقال تعسفي بحق اللاجئين خلال العام 2021، وكانت النسبة الأعلى من اعتقال اللاجئين ضمن المخيمات، لتأتي مراكز الاحتجاز في الترتيب الثاني، حيث يتم استدعاء الشخص لمراجعة أحد المراكز الأمنية أو الرسمية ويتم اعتقاله بدون إعطائه سبباً واضحاً.
التعذيب
وثق المركز 44 حالة تعذيب وإساءة معاملة في العام 2021، منها 40 حالة تعذيب حصلت في أثناء فترة الاعتقال التعسفي، و10 حالات تعذيب مسجلة في بيروت، و5 منها في قضاء بعلبك، و15 حالة ضمن قضاء زحلة والباقي ضمن مناطق مختلفة بدون تسجيل أي نمط متكرر.
الترحيل القسري
سجل المركز 59 حالة ترحيل قسري في العام 2021، مع ملاحظة الارتفاع اللافت مقارنةً بالعام 2020، الذي تم فيه تسجيل حالتين فقط، نظراً لإغلاق الحدود بين البلدين من جراء إجراءات مكافحة جائحة "كورونا"، في حين سجل 42 حالة ترحيل قسري خلال العام 2019.
وتأتي قرارات الترحيل عادةً من قبل القرار الصادر عن مجلس الدفاع الأعلى، القاضي بترحيل السوريين الذي دخلوا لبنان بشكل غير شرعي بعد تاريخ 24 نيسان من العام 2019.
ومن أبرز حالات الترحيل خلال العام 2021، والتي كانت أيضاً تنفيذاً لهذا القرار، كان الحالات المرتبطة بالإعادة القسرية نتيجة الهجرة غير الشرعية، حيث وثق المركز 51 حالة ترحيل قسري من لبنان إلى سوريا لأشخاص غادروا لبنان نحو قبرص بحراً بشكل غير شرعي، وتمت إعادتهم قسراً إلى لبنان من قبل السلطات القبرصية، وقام لبنان بدوره بتسليمهم مباشرة إلى سلطات النظام السوري.
الإخلاء القسري
سجل مركز "وصول لحقوق الإنسان" نحو 955 حالة إخلاء قسري خلال العام 2021، كانت معظمها في إطار انتهاكات جماعية، حيث تم تسجيل 18 حالة جماعية و6 حالات فردية.
وأوضح المركز أن حالات الإخلاء القسري شهدت ارتفاعاً هائلاً مقارنةً بالعام 2020، الذي تم فيه تسجيل 22 حالة إخلاء قسري.
دعوات لتأمين حقوق اللاجئين السوريين وحمايتهم
وأورد التقرير مجموعة من التوصيات للسلطات اللبنانية والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني، بهدف "حشد الجهود للمناصرة المحلية والدولية من أجل تحسين حالة حقوق الإنسان في المنطقة، من خلال الضغط على الجهات المعنية بشؤون اللاجئين في لبنان على الصعيد الوطني والدولي، لاتخاذ ما يلزم من إجراءات وسياسات لتأمين حقوقهم وحمايتهم".
وطالب المركز بمراجعة ملفات الموقوفين بشكل فردي ومكثف، وضمان عدم ترحيل الأشخاص قسراً إلى سوريا، وخاصة الأشخاص المعرضين للخطر في سوريا، مثل المنشقين والمطلوبين للخدمة العسكرية والناشطين والقاصرين.
كما طالب مركز "وصول" بالسماح للضحايا المهددين بالترحيل بممارسة حقهم بالطعن في القرارات الصادرة لدى المراجع القضائية المختصة، وفقاً لما تقضي به القوانين المحلية.
كما دعا إلى "منح جميع اللاجئين المقيمين على الأراضي اللبنانية الحق في طلب إقامات قانونية، والطعن بقرار الرفض من دون فرض شروط تعجيزية تحرمهم من ممارسة هذا الحق".
وشدد مركز "وصول لحقوق الإنسان" على ضرورة "إنشاء الآليات القانونية اللازمة لوقف عمليات الاعتقال والاحتجاز التعسفي، وضمان حق الموقوفين بالاتصال بذويهم و/أو محامي الدفاع الخاص أو العام قبل عمليات التحقيق".