icon
التغطية الحية

نيويورك بوست: لا أحد يصدق خط بايدن الأحمر في أوكرانيا بعد فشل أوباما في سوريا

2022.03.30 | 12:28 دمشق

الرئيس الأسبق باراك أوباما والرئيس الحالي جو بايدن وكلاهما قد خسر خطهما الأحمر مصداقيته
الرئيس الأسبق باراك أوباما والرئيس الحالي جو بايدن وكلاهما قد خسر خطهما الأحمر مصداقيته ـ نيويورك بوست
نيويورك بوست - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

حذر جيك سوليفان مستشار الأمن القومي لدى الرئيس الأميركي جو بايدن نظيره الروسي خلال الأسبوع الماضي من أن "أي قرار روسي محتمل حول استخدام السلاح الكيماوي أو البيولوجي في أوكرانيا" ستترتب عليه "عواقب".

إلا أن تهديدات البيت الأبيض باتت تفتقر إلى المصداقية، وهذا الأمر يعرفه تماماً حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

إذ كانت آخر مرة حاول فيها رئيس أميركي أن يمنع أحد المستبدين من نشر أسلحة كيماوية في نزاع دموي في عام 2013، وذلك عندما حذر رئيس جيك سوليفان السابق باراك أوباما، بشار الأسد من أن أي هجوم على الشعب السوري بالسلاح الكيماوي يعتبر "خطاً أحمر" وفي حال تجاوزه سيترتب على ذلك "عواقب وخيمة".

إلا أن الأسد لم يلتفت لتحذير أوباما، إذ نفذ في نهاية الأمر العشرات من الهجمات الكيماوية ضد شعبه، وقتها، تمنى أوباما (ونائبه جو بايدن) كسب دعم دولي ساحق بالنسبة للتدخل الأميركي، إلا أن الآراء في أوروبا كانت منقسمة، ولهذا تطلع أوباما لرأي الكونغرس، ومن ثم قرر ألا يمارس أي ضغط للحصول على تفويض بالتدخل من قبل الكونغرس، وفي نهاية المطاف، انتهت ولاية الرئيس، وتحطمت معها أي مصداقية تمتعت بها أميركا في الشرق الأوسط.

 

Syrian President Bashar al-Assad crossed Obama's "red line" and used chemical weapons in Syria.

بشار الأسد بعد تجاوزه لخط أوباما الأحمر يصافح بوتين

حدود واسعة للـ"خط الأحمر"

هنا لا يسع المرء سوى أن يتخيل كيف بدت حالة التردد بنظر الطاغية الروسي فلاديمير بوتين الذي كان يسعى للحد من النفوذ الأميركي في المنطقة. إذ بمجرد أن اتضحت نية أوباما بعدم التدخل تحرك بوتين، وأرسل طائراته إلى سوريا، حيث استهدف "الثوار" الذين كانوا يهددون حكم الأسد، وهناك نشر بوتين قواته البرية التي حاربت إلى جانب قوات النظام وكذلك مع ميليشيا حزب الله اللبناني الذي يعتبر تنظيماً إرهابياً، ومقاتلي ميليشيا الحرس الثوري الإيراني، ونتيجة لذلك لقي الآلاف من السوريين حتفهم، كما نزحت آلاف مؤلفة من الشعب السوري داخل البلاد وخارجها.

لم تسمح حقبة الخط الأحمر التي ظهرت في عام 2013 للأسد بالبقاء في السلطة وممارسة كل أنواع الجرائم بحق الإنسانية فحسب، بل أيضاً سمحت لبوتين بإدخال ما وصل عدده إلى 63 ألف جندي روسي إلى سوريا ومنها على مدار تلك السنوات، فاكتسب هؤلاء الجنود خبرة عسكرية ميدانية مهمة، استفادوا منها في أوكرانيا اليوم.

إلا أن العواقب الوخيمة لم تقف عند هذا الحد، إذ بمجرد أن انتقل بوتين إلى سوريا، قام بنشر نظم هائلة مضادة للصواريخ من نوع إس-400 وذلك لحراسة الأجواء السورية، وهذا ما كف يدي إسرائيل، التي أبدت رغبة متزايدة لشن غارات جوية على سوريا، وذلك بسبب عمليات تهريب الأسلحة الكبيرة التي تقوم بها الجمهورية الإسلامية الإيرانية في سوريا.

 

Russian President Vladimir Putin supported al-Assad in the civil war.

بوتين الداعم الأكبر لحكم الأسد

إيران وإسرائيل

استغلت إيران غبار الحرب في سوريا، فاستعانت بساحة المعركة لتقوم بنقل ذخائر موجهة عالية الدقة بالسر إلى حزب الله في لبنان، بالرغم من أنه لم يسبق لجهة فاعلة لا تمثل دولة أن حصلت على ذخائر موجهة عالية الدقة، لذلك قد تترتب عواقب كبيرة في حال حصول ميليشيا حزب الله على ما يكفي من تلك الأسلحة، لأنها ستساعدها على ضرب أهداف استراتيجية في العمق الإسرائيلي بدقة عالية قاتلة، كما بوسعها أن تتفادى منظومة القبة الحديدية التي نشرتها إسرائيل، إذ بوجود ما يكفي من تلك الأسلحة، بوسع حزب الله أن يشن حرباً تدميرية على إسرائيل في يوم واحد.

وكما هو متوقع دب الذعر بين صفوف الإسرائيليين ولهذا شنوا على مدار السنوات الماضية آلاف الغارات على أهداف تعود لإيران وميليشيا حزب الله في سوريا. إذ بالنسبة لإسرائيل يعتبر ذلك أمراً عاجلاً يمس الأمن القومي الإسرائيلي، ولكن حتى يتسنى لإسرائيل تنفيذ تلك الغارات، يجب عليها أن تخفف النزاع مع الجيش الروسي. وبالطبع وبسبب حقبة الخط الأحمر التي تعود لعام 2013، أصبحت إسرائيل بحاجة لروسيا، وهذه الحاجة تظهر في حال رغبتها بشن أي عملية على حدود إسرائيل الشمالية.

 

Biden said that there would be “consequences” for Russia if Vladimir Putin uses chemical weapons in Ukraine.

بوتين يفكر باستخدام السلاح الكيماوي في أوكرانيا بالرغم من تحذيرات بايدن بعدم استخدامها

 

وفي تغير غريب للأحداث، أصبح كثير من المسؤولين الذين فشلوا في فرض الخط الأحمر الذي تحدث عنه أوباما يعملون لدى إدارة بايدن اليوم، ومع انعدام وعيهم بما يقولونه، أصبح هؤلاء ينتقدون إسرائيل لعدم مساعدتها لأوكرانيا بما فيه الكفاية، ولعل ما فاتهم هنا هو أن إسرائيل لا يمكنها أن تقف في وجه روسيا علناً إن كانت ترغب باقتحام المجال الجوي السوري.

انتقادات في غير محلها

وفي انقلاب غريب آخر للأمور، أصبح البيت الأبيض يطالب الدول العربية المنتجة للنفط بتعويض خسائر النفط من جراء العقوبات المفروضة على روسيا، بالرغم من أن تلك الدول تمنت على إدارة أوباما أن تقوم بإسقاط الأسد في وقت من الأوقات، بيد أنها راقبت خائفة كيف تدخل بوتين لإنقاذ الأسد، ثم أخذت تراقب وهي غير مصدقة ما إذا كانت واشنطن ستوقع اتفاقاً نووياً مع إيران، لأن ذلك سيخفف أثر العقوبات على طهران بنسبة تصل لما يعادل 150 مليار دولار، وهكذا ستذهب أموال طائلة من ذلك المبلغ لتسهم في دعم نظام الأسد.

في الوقت الذي يضغط فيه بايدن على حلفائه العرب لزيادة إنتاجهم من النفط، تتفاوض الولايات المتحدة مع إيران في فيينا وتوشك أن تصل إلى توقيع اتفاق نووي آخر، ضمن صفقة لا يقل الدور الذي يلعبه الروس فيها عن دور الوسيط الرئيسي، لذا لا بد وأن تتمثل النتيجة من جديد بالإفراج عن مليارات الدولارات التي ستذهب لتمويل طهران ووكلائها، وبالطبع سيكون الأسد من بين المستفيدين مرة أخرى.

إلا أن بايدن نفسه حذر مؤخراً من "عواقب" قد تترتب على موسكو في حال استخدامها للسلاح الكيماوي في أوكرانيا، ولكن بالنسبة لحلفاء أميركا في الشرق الأوسط، تبدو تلك التهديدات جوفاء اليوم، كما كانت في عام 2013.

لكل عمل نتيجة وعاقبة، وينطبق الأمر ذاته على حالة الإحجام عن القيام بالعمل، إذ بعد مرور عشر سنوات، أصبح بوسع حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط أن يشهدوا على ذلك، كما أن حلفاء أميركا من الدول الأوروبية قد يفعلون الشيء ذاته حتى بعد مرور عشر سنوات من اليوم.

المصدر: نيويورك بوست