يعتقد كثير من البوسنيين أن المطبخ السوري تطغى عليه التوابل والنكهات الحارة، رغم أن معظم الأكلات السورية غير حارة فعلياً إنما هي خيارات شخصية قد تضاف إلى الأكلات السورية المتنوعة، ويختلف المذاق من مدينة إلى أخرى.
ومع قلة المطاعم العربية في العاصمة سراييفو، عمل بعض السوريين على تأسيس مطاعم لتخديم الجالية السورية والعربية في البلاد، وتقديم الأطعمة والأطباق التي يفضلونها ويحبونها، إلى جانب تعريف البوسنيين على أطباق عربية لم يتذوقوها من قبل.
مطعم سوري في سراييفو
وفي جولة موقع "تلفزيون سوريا" في البوسنة والهرسك، زار مطعم "همام فود" المتخصص بالأكل العربي وخصوصاً السوري، إلى جانب بعض الأكلات البوسنية في محاولة لاستقطاب أكبر عدد من الزبائن.
وعلى مسافة قريبة من جامع الملك فهد بن عبد العزيز، اختار خالد الحلاق موقع مطعمه، حيث تكثر نسبة السياح الخليجيين والعرب، إلى جانب العشرات من العائلات السورية المقيمة في سراييفو منذ ما يقارب العقد تقريباً.
وقال الحلاق لموقع "تلفزيون سوريا"، إنه قدم إلى البوسنة والهرسك عام 2000 لأول مرة، للعمل في مجال صناعة الحلويات الشرقية، إلا أن البلاد لم تعجبه، خصوصاً أنها كانت قد خرجت من الحرب حديثاً والدمار في كل مكان ولم تأخذ شكل النمو الحالي.
وأضاف أنه تعلم مهنة الطبخ في سوريا، ثم ذهب إلى السعودية وعمل فيها لنحو 10 سنوات، وفي عام 2014 عاد إلى البوسنة بعقد عمل مع فندق (ملاك أجنسي) المملوك لرجل أعمال سعودي، حيث بقي معهم لثلاث سنوات ونصف تقريباً، وحصل على راتب ممتاز مقارنة بالبوسنيين.
لم تكن فكرة بناء مشروع مطعم من الصفر سهلة أمام خالد الحلاق، خصوصاً أنه لا يعرف قوانين البلد جيداً، والمطعم العربي يحتاج إلى تجهيزات معينة ليست موجودة في البوسنة أصلاً.
وأسوة بالسوريين الذين بدؤوا من الصفر في العديد من دول العالم بعد التغريبة السورية، بحث عن بناء واستأجره على اسم أخيه المقيم في البوسنة أيضاً وشركته، ثم أسس شركته الخاصة بعد فترة.
افتتح الشيف السوري خالد الحلاق القادم من قرية الغزلانية في الغوطة الشرقية لدمشق، قبل بداية وباء كورونا بفترة وجيزة، وأدت القيود التي فرضتها الحكومة البوسنية إلى صعوبات عديدة على مشروعه الناشئ، إلا أن التطور الرقمي الذي رافق الجائحة من انتشار تطبيقات التجارة الإلكترونية وطلبات الطعام ساعدته في تجاوز المشكلة حيث انتشر بشكل جيد في السوق المحلي وليس العربي فقط.
إعجاب بوسني بالمطبخ السوري
وأوضح الحلاق: "أن تبدأ في مشروع مطعم بالبوسنة أمر شديد الصعوبة خصوصاً معرفة نظام البلد والتراخيص والضرائب، حيث لا توجد مواد عربية تدخل في صلب المطبخ السوري أو العربي أو الخليجي، لا يوجد معظم أنواع البهارات، ولا الأرز البسمتي أو العديد من البقوليات والحبوب مثل الفول والفريكة.
وأشار إلى أنه لا يوجد أي بقالة سورية أو عربية في كل البوسنة، ولكن توجد محال بوسنية تستورد المنتجات والبهارات من تركيا ودول أخرى.
ولفت إلى أن البوسنيين يعتقدون أن الطعام السوري والعربي نكهته حارة، ولكن مع وجود المطعم أصبح الكثير من البوسنيين يتذوقون ويعجبهم وشخص يدل آخر ويعطيه انطباعاً لطيفاً.
من جانبه، قال البوسني محمد إبراهيموفيتش، إنني كنت أظن أن الطعام العربي مذاقه حار جداً، ولكن صديقتي السورية في الجامعة أقنعتني بزيارة مطعم يقدم طعاماً سورياً، فتذوقت الفلافل والشاورما كانت وجبة لذيذة جداً وغنية.
وأضاف محمد لموقع تلفزيون سوريا، إن وجود المطبخ السوري في البوسنة مهم جداً، فهو إضافة ثقافية وتنوع مطلوب، إلى جانب أنه طيب ولذيذ، وأدعو الجميع لتجربته.
ومعظم الذين تذوقوا الشاورما السورية أعجبتهم ويطلبونها بشكل دائم، حيث يصل حجم سيخ الشاورما بالمتوسط ما بين 25 و 35 كيلوغراماً باليوم، بحسب الحلاق.
الفرق بين المطبخين السوري والبوسني
ويعتمد الأكل البوسني بشكل كبير على المعجنات، حيث توجد مخابز بوسنية في كل مكان، ولديهم أصناف وأنواع مختلفة تشبه إلى حد الكبير المطبخ التركي وبعيدة عن المعجنات السورية من ناحية الطعم والشكل.
وتشتهر البوسنة بالكباب البوسني وبعض الطبخات المحلية التي تفتقر إلى البهارات والنكهات القوية إنما تعتمد على اللحوم والخضراوات.
ويقدم "هُمام فود" كل أنواع المشاوي السورية والبوسنية، والعديد من الطبخات الشرقية والخليجية أيضاً مثل الفريكة والمناسف والكبسة والمندي والبرياني، ولديه كذلك الشاورما السورية والفلافل والفول والفتات بأنواعها، إلى جانب المعجنات والشوربات والسلطات والأطعمة الباردة (المازة).
وأشار الشيف السوري إلى أن معظم زبائنه من السوريين المقيمين الذين درسوا في البوسنة أو يوغسلافيا سابقاً، ومنهم من أصبح يمتلك الجنسية البوسنية أو الإقامة الدائمة وأصبح من أبناء البلد، إلى جانب السياح الخليجيين والعرب خصوصاً أن مطعمنا قريب من مطار سراييفو الدولي ومن الفنادق في هذه المنطقة.
ويزور المطعم العديد من الطلاب السوريين والعرب الذين يدرسون في الجامعات البوسنية، وكذلك أصدقاؤهم من الطلاب البوسنيين.
وأبدى العديد من السوريين الذين التقى بهم موقع "تلفزيون سوريا" في سراييفو إعجابهم بمأكولات مطعم "هُمام فود" معتبرين أن مثل هذه المشاريع ضرورية جداً، وتعيدنا إلى ذكريات بلدنا وأكلاتها خصوصاً الأكلات التقليدية مثل الفول والفتات والمعجنات السورية.
والمطعم السوري معظم عمالته من البوسنيين أبدوا لموقع "تلفزيون سوريا"، ارتياحهم بالعمل في هذا المطعم، خصوصاً أن الحلاق يطبق قانون العمل البوسني بشكل جيد من ناحية ساعات العمل والأجور والعطل المدفوعة والرسمية إلى جانب عطلة سنوية إضافية تصل لـ 10 أيام لكل موظف.
ويستقبل المطعم توصيات الطبخ والعزائم والولائم الضخمة، إذ لديه القدرة على طبخ أي نوع سوري أو عربي أو بوسني، بحسب الحلاق.