تشهد أسواق الألبسة في مناطق سيطرة النظام السوري، خاصّةً في غوطة دمشق الشرقية، ركوداً كبيراً على وقع الأزمات الاقتصادية وغلاء الأسعار الكبير.
ويعاني السكّان من ضعف القدرة الشرائية بعد ارتفاع في كلفة الإنتاج نتيجة لتكاليف المواد الخام والعمالة والطاقة، ما أدّى إلى ارتفاع أسعار الألبسة الجاهزة، وتبدو أسواق الغوطة الشرقية شبه خالية من الزبائن.
وغلاء أسعار الألبسة الجاهزة وقلة القدرة الشرائية لكثير من السكّان قد يجعل عملية شراء ألبسة جديدة للعيد تحمل عبئا إضافيا على العائلات، وقد يضطر البعض إلى إعادة استخدام الألبسة القديمة بسبب الصعوبات المالية، أو تفصيل ألبسة بأقل كلفة من السوق، بينما يتجه آخرون إلى محال الألبسة المستعملة (البالة).
موسم الألبسة هو الأضعف منذ 30 عاماً
أحد تجار الألبسة في الغوطة الشرقية قال لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّ ارتفاع أسعار الألبسة يرجع إلى ارتفاع كلفة الإنتاج بسبب غلاء المواد المستوردة، وعدم توافر التيار الكهربائي الرخيص اللازم للإنتاج في الورش والمصانع، واصفاً موسم الألبسة الحالي بالأضعف منذ 30 عاماً.
حتى المائدة الرمضانية في معظم المنازل تقلّصت إلى نسبة 50% عن العام السابق، فقد غابت كثير من المواد عنها واقتصرت على البقوليات وقليل من الخضار، وأصبحت الفواكه واللحوم من المنسيات، وأصبح سعر كيلو اللحم أكثر من نصف راتب الموظف.
لباس العيد للطفل بنصف مليون ليرة
تكاليف شراء بدل العيد لطفل واحد ارتفعت إلى نحو 500 ألف ليرة سورية، بعد أن شهدت أسعار الألبسة زيادة تتراوح بين 100 و300% خلال العام 2024 مقارنة بالعام الفائت.
ومتوسّط سعر البنطال نحو 150 ألفاً، ما يعني 90% من الراتب الذي يتقاضاه الموظف خلال شهر كامل، أي إنها معادلة مستحيلة الحل كما وصفها البعض، هذا الارتفاع يعني أن معظم العائلات لن تكون قادرة على شراء الألبسة هذا العيد، بعد أن أنفقت مدخراتها على شراء المواد الغذائية في رمضان، حيث شهدت أسعارها ارتفاعاً كبيراً.
وفي لقاء مع إحدى الأرامل، قالت إنّها استغنت منذ سنوات عن شراء الألبسة الجديدة لأطفالها الأربعة، وأنها ستشتري لهم الملابس المستعملة (البالة)، المنتشرة في الأسواق.
تقتصر تجهيزات عيد الفطر على فئة معينة من المواطنين الذين يمتلكون أقارب مغتربين يرسلون لهم حوالات مالية، وبعض الميسورين من التجار وأصحاب رؤوس الأموال، بينما البقية وهم الغالبية، لا يملكون أكثر من قوت يومهم بالحد الأدنى من الاحتياجات الغذائية.
وقد وصف أحد المواطنين سبب الغلاء قائلاً: "يأتي ذلك في ظل عدم فاعلية الجمعيات المعنية بحماية المستهلك وغياب الرقابة عن الأسواق من ناحية ضبط الجودة والسعر".
الغلاء لم يقتصر على سوق الألبسة والأحذية، بل منذ بداية شهر رمضان شهدت أسعار معظم المواد الغذائية ارتفاعاً كبيراً، وأصبح تأمين لقمة العيش أولوية للعائلات، في حين استغنى كثير منهم عن كسوة العيد، التي باتت رفاهية حُرموا منها منذ سنوات.
ويعتبر هذا الركود في أسواق الألبسة جزءاً من الأزمة الاقتصادية العامة التي تعاني منها سوريا، والتي أدّت إلى تراجع حاد في معدلات النمو الاقتصادي وزيادة في معدلات البطالة وانخفاض في الدخل الحقيقي للمواطنين.
يشار إلى أنّ النظام السوري -بدعم روسي وإيراني- أحكم سيطرته على كامل غوطة دمشق الشرقية، في نيسان 2018، بعد سنواتٍ طويلة من الحصار، تخلّلتها معارك كبيرة استخدم فيها "النظام" مختلف أنواع الأسلحة وارتكب عشرات المجازر، منها أوّل مجزرة كيماوية، عام 2013، راح ضحيتها مئات المدنيين بينهم نساء وأطفال، قبل أن يعيد الكرّة مجدّداً، شهر نيسان 2018، ليُحكم بعدها سيطرته الكاملة على المنطقة ويُهجّر أهلها إلى الشمال السوري.