يصطف العشرات من سكان العاصمة دمشق منذ الصباح الباكر أمام صالات "المؤسسة السورية للتجارة" الخاصة بالخضار للحصول على مخصصاتهم من البصل، ومع بدء التوزيع هذا الأسبوع، صُدموا بتدني جودة البصل الذي تبيعه السورية للتجارة.
وانتقد عدد من سكان العاصمة الذين التقاهم موقع تلفزيون سوريا، جودة البصل الموزع في صالات السورية للتجارة. مؤكدين أن فرز الصالح للأكل ورمي غير الصالح يجعل كل نصف كيلو بصل بـ 6000 ليرة وبالتالي بات قريباً من سعر السوق (تبيع السورية للتجارة الكيلو بـ 6000 ليرة، في حين وصل سعره في السوق إن وجد إلى 12 ألف ليرة).
ويرى البعض أن سبب رفع "السورية للتجارة" كمية البصل المتاحة على البطاقة من كيلو واحد إلى 2 كيلو في الأسبوع، هو للتخلص من الكميات التي استوردتها وتبين أنها سريعة التلف ونوعيتها متدنية وسط عدم قدرة الوزارة على حفظها، إضافةً إلى بدء موسم بصل الفريك والبصل الأخضر، ما قد يدفع الناس للعزوف عن الشراء عبر البطاقة.
مواطنون يتجهون لشراء البراصيا
ويقول (عثمان. م) لموقع تلفزيون سوريا، إنه "انتظر دوره في اليوم الأول من التوزيع (السبت الماضي)، أكثر من ساعة ونصف، وبعدها انتهى التوزيع بسبب نفاد الكميات، وفي يوم الأحد انتظر أيضاً لساعتين وفي النهاية حصل على مخصصاته من البصل، لكنه كان بصلا أبيضَ طريا، في حين من المفترض أن يكون بصلا يابسا أصفر.
لن يعيد عثمان الكرة ليصطف بطابور لساعات على حساب عمله كي يحصل على 2 كيلو بصل بالأسبوع، ويرى في ذلك إهانة للناس كون الكميات قليلة وقد لا يحالفه الحظ ليومين متتاليين، إضافة إلى أن النوعية سيئة وفيها كمية فاسدة يجبر المواطن على شرائها من دون أن يستطيع اختيار الحبات الجيدة، لذلك قال إنه اتجه لاستخدام البراصيا التي وجد بطعمها كالبصل وسعرها لا يتجاوز الألف ليرة على حد تعبيره.
ومن المعاناة التي رصدها موقع تلفزيون سوريا، هو عدم قدرة الأعزب على شراء البصل لعدم امتلاكه بطاقة ذكية، وإنفاق بعض سكان ريف دمشق التي لا يوجد بها صالات للسورية للتجارة، أموالهم على المواصلات للوصول إلى دمشق أو أقرب صالة لهم ثم الانتظار على الطوابير على أمل الحصول على حصتهم التي قد تنتهي الكميات قبل أن يأتي دورهم ليعودوا في اليوم التالي، وتصبح تكاليف الحصول على البصل أغلى من شرائه من السوق.
ما سبب أزمة البصل؟
وسمحت حكومة النظام السوري بتصدير البصل لمدة شهرين اعتباراً من تاريخ 19 أيار الفائت، وبررت القرار بوجود فوائض من الإنتاج المعروض من البصل تفوق حاجة السوق خلال تلك الفترة، ونقلت صحيفة (الوطن) المقربة من النظام عن مصادر مطلعة أن "قرار التصدير جاء بعد عدم قدرة الجهات المسوقة والمخزنة على تخزين المادة في البرادات المخصصة وذلك بسبب أزمة المحروقات فكان محصول البصل مهدداً بالفساد".
وبعد تفاقم مشكلة انقطاع البصل، سمحت الحكومة باستيراد ألفي طن من البصل لصالح "السورية للتجارة" شريطة أن تصل الكميات قبل نهاية شهر شباط الماضي، لتقوم الأخيرة بطرح الكمية في صالاتها وبيعها بالمفرق عبر البطاقة الذكية.
البصل يتصدر الترند السوري بعد الزلزال .. والنظام يبرر#تلفزيون_سوريا #لم_الشمل pic.twitter.com/5wBQFwhTgQ
— تلفزيون سوريا (@syr_television) March 4, 2023
ويعزو البعض سبب فقدان البصل إلى "سياسة الحكومة غير المدروسة" والتي تسعى لجذب القطع الأجنبي على حساب حاجة المواطن. شخص اسمه ربيع أبو حميد، علّق على فيديو لقاء مع وزير "التجارة الداخلية" عمرو سالم على صفحة الوزارة في فيس بوك قائلاً "دكتور أنا قدمت لك طلب أن أجيب بصل من القامشلي وأنت رفضت، بداية الموسم قدمت طلب إجازة 5000 طن بسعر واصل الشام 1100 ليرة سوري. بعدين البصل بدال ما تستورد من مصر استوردوه من القامشلي (..) البصل الي موجود بالقامشلي أفضل بصل بالعالم أفضل ما يروح على العراق كل سنة موسم البصل".
أزمة عالمية
وقالت "وزارة الزراعة" في حومة النظام مؤخراً، إن "إنتاج سوريا هذا الموسم من البصل بلغ 42 ألف طن وهو أقل من الاحتياج بقليل، ما أدى إلى استغلال التجار لانخفاض الكميات المعروضة في السوق ورفع الأسعار".
لكن سبب انخفاض الكميات المزروعة، جاء على خلفية الخسائر التي تعرض لها المنتجون عام 2021 وانخفاض الأسعار حينها لوجود فائض كبير من المادة لم يتم تصديره، وفقاً لتقارير.
وأسهمت الحرب الروسية على أوكرانيا والظروف الجوية المتطرفة في عدة دول، إلى ارتفاع أسعار البصل والخضراوات الأخرى في 10 دول على الأقل في غرب آسيا وشمال أفريقيا وأوروبا، وفقاً لمنصة "ذا فيديرال" الهندية، التي اعتبرت أن "أسعار البصل تجعل الناس يبكون في جميع أنحاء العالم".
وشهدت عدة دول ارتفاعاً في أسعار البصل مثل الفيليبين وأوكرانيا وتركيا وكازاخستان وأوزبكستان وطاجكستان وأذربيجان والمغرب والنمسا، ما جعل من البصل رمزاً لأزمة الغذاء العالمية، ويقول الخبراء إن الأسوأ لم يأت بعد.