icon
التغطية الحية

"من طرف الجيب".. فجوة الدعم الإنساني في سوريا تتسع والإنفاق على الحرب يزداد

2023.01.09 | 14:16 دمشق

متطوعون في أوكرانيا
شهد تمويل الأمم المتحدة انخفاضا في العامين الماضيين ـ رويترز
تلفزيون سوريا ـ سامر القطريب
+A
حجم الخط
-A

تزداد فجوة التمويل الإنساني في سوريا اتساعاً، ويزداد في المقابل الإنفاق الدولي على التسلح، لتبدو المبالغ المطلوبة لسد الفجوة في سوريا "رقماً تافهاً" أو كما يقول السوريون "من طرف الجيب" أمام ما تصرفه الدول على ميزانيات التسلح والدفاع خاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

وبحسب تقارير الأمم المتحدة فقد شهد تمويلها انخفاضا في العامين الماضيين، ما يعني أن الدول خفضت إنفاقها على حفظ السلم مقابل زيادة "الإنفاق على الحرب".

وتبلغ الميزانية المعتمدة لعمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام للسنة المالية من 1 تموز 2021 - وحتى 30 من حزيران 2022 نحو 6.38 مليارات دولار وبالمقارنة؛ يقل هذا المبلغ عن نصف في المئة من النفقات العسكرية في العالم حيث قدرت نفقاتها بنحو 1.981 بليون دولار في عام 2020، بحسب الأمم المتحدة.

سوريون لا يستطيعون شراء الخبز

ووفق تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) فإنّ هناك حاجة إلى 209.51 ملايين دولار للشتاء والاستجابة للفيضانات في شمال غربي سوريا. وهذا المبلغ يشكّل فجوة كبيرة في التمويل نسبتها 82 في المئة، ما يهدد حياة 2.5 مليون شخص في المخيمات.

اقرأ أيضا: الكارثة المعيشية في سوريا بالأرقام وفق تقرير مجلس الأمن لعام 2022

ويعيش أكثر من 2.1 مليون شخص في شمال غربي سوريا في المناطق الفرعية الأكثر عرضة لخطر تفشي الكوليرا. وأوضح التقرير أن التضخم وقدوم فصل الشتاء يهدد حياة المدنيين القاطنين في شمال غربي سوريا، حيث يعاني 3.3 ملايين شخص من انعدام الأمن الغذائي، موضحاً أن 44 في المئة من السكان في شمال غربي سوريا لا يستطيعون شراء الخبز.

كما أصدر مجلس الأمن الدولي تقريراً خاصاً حول الاحتياجات الإنسانية في سوريا، أمس الأحد، جاء فيه أن 14 مليوناً و600 ألف إنسان كانوا بحاجة إلى مساعدات إنسانية في البلاد عام 2022، مع وجود توقعات ترجح ارتفاع هذا الرقم إلى 15 مليوناً و300 ألف إنسان في عام 2023، واصفا سوريا بواحدة من أشد حالات الطوارئ الإنسانية تعقيداً على كوكب الأرض.

انخفاض في تمويل الأمم المتحدة

بحسب أحكام المادة 17 من ميثاق الأمم المتحدة، إن كل دولة من الدول الأعضاء ملزمة قانوناً بدفع حصتها في تكاليف حفظ السلام.

وتقسم الجمعية العامة نفقات حفظ السلام استناداً إلى جدول خاص للأنصبة المقررة وفقا لصيغة معقدة وضعتها الدول الأعضاء ذاتها. وتأخذ هذه الصيغة في الاعتبار جملة من الأمور، الثروة الاقتصادية النسبية للدول الأعضاء، ويطلب من الدول الأعضاء الخمس في مجلس الأمن دفع نصيب أكبر نظرا للمسؤولية الخاصة التي تقع على عاتقها في صون السلام والأمن الدوليين.

وتمثل ميزانية الفترة 2021 - 2022 انخفاضا بمعدل 2.1٪ مليار على الميزانية المعتمدة للفترة بين 2020-2021.

أما البلدان العشرة المساهمة الكبرى بالأنصبة المقررة في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام لعام 2020-2021 هي كما يلي:

  • الولايات المتحدة(27.89%)
  • الصين (15.21%)
  • اليابان (8.56%)
  • ألمانيا (6.09%)
  • المملكة المتحدة (5.79%)
  • فرنسا (5.61%)
  • إيطاليا (3.30%)
  • الاتحاد الروسي (3.04%)
  • كندا (2.73%)
  • جمهورية كوريا (2.26%)

في العام 2020 مع بداية جائحة كورونا، انخفض عدد الدول الأعضاء التي قدّمت المساهمات إلى مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان 5 دول وبلغ عددها 61 دولة، كما انخفض العدد الإجمالي للجهات المانحة بـ6 دول، فبلغ 79 مقارنة مع 84 في العام 2019. وخلال الفترة الممتدّة بين العامَيْن 2012-2020 تراوح عدد الدول الأعضاء المساهمة بين حدّ أدنى بلغ 62 في العام 2015 وحدّ أقصى بلغ 70 في العام 2013.

تأثيرات الحرب الأوكرانية على الاقتصاد العالمي

خفضت منظمة التعاون الاقتصادي توقعاتها للنمو العالمي هذا العام إلى 3٪ من 4.5٪ في كانون الأول وضاعفت توقعاتها للتضخم إلى ما يقرب من 9٪ لدولها الأعضاء البالغ عددها 38. وتتوقع في عام 2023 أن يتباطأ النمو إلى 2.8٪. بحسب وكالة بلومبيرغ.

ووصفت قائمة طويلة من المخاطر تتراوح من الانقطاع المفاجئ للإمدادات الروسية في أوروبا إلى نقاط الضعف في الأسواق المالية من الديون المرتفعة وأسعار الأصول المرتفعة.

وقالت المنظمة في توقعاتها الاقتصادية: "كانت هناك عدة تغييرات مهمة في البيئة الاقتصادية العالمية في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك الانتشار العالمي لمتحور أوميكرون واستمرار الضغوط التضخمية بشكل أكبر من المتوقع". "ومع ذلك ، "فإن التغيير الأكبر الوحيد هو التأثير الاقتصادي للحرب في أوكرانيا". 

أوروبا هي واحدة من أكثر المناطق المعرضة للخطر إذا استمرت الحرب في أوكرانيا أو تصاعدت، حيث تكافح اقتصاداتها لفطم نفسها عن الوقود الروسي. كما أن الاقتصادات منخفضة الدخل معرضة للخطر بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية والطاقة.

رغم التضخم العالمي ميزانية التسلح ترتفع

تخطط دول الاتحاد الأوروبي لزيادة نفقاتها الدفاعية بمقدار 70 مليار يورو بحلول عام 2025 من أجل سد الثغرات القائمة في القدرات وفقا لمنسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل.

ووفقا لبيانات وكالة الدفاع الأوروبية، نما الإنفاق الدفاعي داخل الاتحاد الأوروبي في عام 2021 إلى 214 مليار يورو. هذه زيادة بنسبة 6٪ مقارنة بعام 2020 - وأقوى معدل نمو سنوي منذ عام 2015.

وهناك اختلافات كبيرة بين الدول الأعضاء بشكل عام، تنفق الدول الأعضاء في المتوسط 1.5٪ من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع. زادت خمس دول أعضاء من الإنفاق الدفاعي بنسبة 20٪ أو أكثر العام الماضي؛ وزاد أحدهم بنسبة 42٪

في حين بلغ الإنفاق العسكري الأميركي على ميزانية الدفاع لعام 2020، 778.23 مليار دولار ، بزيادة قدرها 5.98٪ عن عام 2019.

أما الصين ثاني أكبر داعمي الأمم المتحدة فقد أعلنت ميزانية دفاع قدرها 1.45 تريليون يوان (نحو 229 مليار دولار) للسنة المالية 2022، بزيادة 7.1 في المئة على أساس سنوي من عام 2021.

وتشير الأرقام والبيانات الواردة أن الأزمة الاقتصادية التي خلفتها جائحة كورونا والغزو الروسي لأوكرانيا، ليسا عائقا حقيقيا أمام تمويل الاحتياجات الإنسانية في سوريا أو في أي بقعة "ساخنة" في العالم.