مع ارتفاع نسب التضخم في مناطق سيطرة النظام السوري إلى مستويات قياسية، شهدت أسعار الأضاحي ارتفاعاً غير مسبوق قد يمنع الكثير من شراء الأضاحي هذا العام، خصوصاً في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية.
وخلال السنوات الماضية، كان شراء الأضاحي أقل كلفة على الناس، باعتبار أن أسعاره أرخص، ونسب التضخم كانت أقلّ، لكن ذلك تغيّر بعد الارتفاع العالمي في أسعار اللحوم والأعلاف على إثر الغزو الروسي لأوكرانيا المستمر منذ شباط الماضي، والذي انعكس سلباً على الأسواق المحلية.
كم بلغ متوسط أسعار الأضاحي في دمشق؟
ولا يوجد سعر ثابت لأسعار الأضاحي في سوريا، حيث يختلف من مكان إلى آخر، إلا أنه في أسواق دمشق وريفها يصل سعر الأضحية (خاروف أو غنم) إلى ما بين 800 ألف ليرة إلى مليون ليرة سورية للأضحية التي تزن بين 48 و55 كيلوغراما.
وقال أبو خالد أحد بائعي المواشي في ريف دمشق لموقع "تلفزيون سوريا" إن سعر كيلو لحم الخاروف الحي، ارتفع من 14 ألفاً إلى 17 ألف ليرة في الأيام القليلة الماضية، في ظل ارتفاع أسعار الشحن والنقل، إلى جانب الزيادة الكبيرة في أسعار الأعلاف.
وأضاف أبو خالد أن الإقبال على الأضاحي أقلّ من العام الماضي بـ 30% على الأقل، بسبب ارتفاع الأسعار، وعزوف من في الخارج عن إرسال الأموال.
ولفت إلى أن العام الماضي كان سعر كيلو الخاروف "واقف" لا يتجاوز 10 آلاف ليرة، في حين قد وصل في العديد من المناطق إلى 17 ألفاً وقد يصل إلى 20 ألف ليرة خلال أيام العيد.
وأشار أبو خالد إلى أن سعر كيلو العجل الواقف يبدأ من 14 ألف ليرة في ريف دمشق، حيث يصل سعره إلى 5.6 ملايين ليرة سورية، ويشترك عادة في ثمنه من 5 إلى 6 أشخاص.
وبيّن أن سعر بقرة الأضاحي يبدأ من 4 ملايين ليرة ويزيد مع زيادة وزن الأضحية، وإن كانت الأبقار للأضاحي غير مفضلة لدى كثير من السوريين.
ارتفاع أسعار الأعلاف
من جانبه، قال فراس الضميري العامل في مجال الأعلاف، إن ارتفاع سعر اللحوم والأضاحي مرتبط إلى حد كبير بأسعار الأعلاف التي شهدت قفزة كبيرة خلال الأشهر الماضية.
وأضاف لموقع "تلفزيون سوريا" أن سعر كيلو الشعير وصل إلى 2000 ليرة سورية، والجلبانة الحب إلى 2300 ليرة، وتبن القمح الحوراني قراية 1200 ليرة، والنخالة 1400 ليرة، والتبن الأحمر 1500 ليرة".
ويعود التضخم في أسعار الأعلاف إلى شح الوقود وزيادة الطلب عليها خصوصاً في السوق السوداء، وفشل حكومة النظام السوري في تأمينها بالأسعار الرسمية.
ننتظر اللحم من الأضحى إلى الأضحى
واضطر كثير من السوريين إلى الاستغناء على وجبات اللحم بعد تجاوز كيلو اللحم 45 ألف ليرة سورية، ما يصل إلى نصف راتب موظف لا يتجاوز معاشه الشهري 100 ألف ليرة.
وبحسب السورية للتجارة فقد تراجع استهلاك اللحوم في سوريا بشكل كبير من 9 كيلوغرامات للفرد سنوياً عام 2010، إلى أقل من 2 كيلو غرام للفرد سنوياً في الفترة الحالية، بحسب صحيفة "الوطن" المحلية.
وقالت أم عبادة لموقع "تلفزيون سوريا" إنها تنتظر أضحية العيد بفارغ الصبر لتطعم أبناءها لحماً مع "طبخة شاكرية أو تعضيمة تحت أكلة محشي ورق العنب (اليبرق)"، فهذه أكلات لم نعد نطبخها.
وأضافت أن "أهل الخير في العام الماضي أعطوها ما يصل إلى 7 كيلوغرامات لحمة، فأخذت معظمها إلى اللحام فجرمها وصنعت منها (قاورمة) بالملح حتى لا تخرب في ظل انقطاع الكهرباء لساعات طويلة وعدم الفائدة من وجودها في الفريزا".
وأشارت أم عبادة إلى أن أسعار اللحوم هذا العام لا تبشر بخير، فقد تقل عدد الأضاحي عن العام الماضي، ولكن يبقى الأمل بالله ثم بأهل الخير في ظل هذه الظروف الصعبة.
من جهته، كشف أبو عمر العامل في جمعية خيرية بريف دمشق لموقع "تلفزيون سوريا"، أن عشرات آلاف العائلات في مناطق سيطرة النظام السوري تنتظر قدوم عيد الأضحى المبارك، للحصول على العيديات والأضاحي، في ظل الأزمة الاقتصادية المتنامية في البلاد.
ولفت أبو عمر إلى أن الجمعية في العام الماضي وزعت أكثر من 150 أضحية على الفقراء، ولكن هذا العام انخفض العدد إلى 95 أضحية، في ظل غلاء أسعارها إلى جانب ارتفاع تكاليف التوزيع والنقل.
وبيّن أن عشرات العائلات تسجل أسماءها لدينا يومياً في الجمعية، حيث إن الناس بحاجة، وفعلياً تنتظر حلول العيد للحصول على قطعة لحم بعد أشهر طويلة من انقطاعها عنه.
أزمة اقتصادية متنامية
وشهدت الليرة السورية أمام الدولار خلال الأعوام العشرة الماضية انهياراً دراماتيكياً، فقدت خلالها قيمتها بشكل كبير جداً، ما أثر في القوة الشرائية للسوريين ووضعها في الحد الأدنى مع ارتفاع صاروخي في أسعار السلع الأساسية.
وأثر الغزو الروسي لأوكرانيا على الوضع الاقتصادي في سوريا، حيث ارتفع سعر الزيت والسمن والغاز والوقود واللحوم والحبوب والأعلاف ما زاد من معاناة سكان مناطق سيطرة النظام.
وكانت صحيفة قاسيون المقربة من روسيا قد قالت إن تكاليف معيشة أسرة من خمسة أشخاص في دمشق ارتفعت متجاوزة مليوناً و240 ألف ليرة سورية.