يعمل زوجان بجد لينوعا في الأطباق السورية المقدمة في مطبخهما الذي أقاماه في إحدى الزوايا بمركز مدينة إدنبرا الاسكتلندية، أما قصتهما فقد ألهمت كثيرين.
بالنسبة للحدث بحد ذاته فهو نادي العشاء السوري الذي يقام للمرة الرابعة خلال أربع سنوات في إدنبرا وذلك بفضل منظمة Cyrenians الخيرية التي تحارب التشرد في المدينة.
يتجمهر كثيرون لحضور ذلك الحدث عند إحدى الزوايا المخصصة لتناول بعض الأطعمة السورية التي أعدها الزوجان البارعان اللذان وصلا إلى اسكتلندا قبل ثماني سنوات.
الفرار من تدمر إلى تركيا
اضطرت نورا صليبي، 32 عاماً وأم لأربعة أطفال، للنزوح من بيتها في تدمر، بما أن الحرب جعلت العيش في بلدها أمراً خطيراً، ولكنها بقيت تفكر بالعودة، إذ تقول وهي تضع لمساتها الأخيرة على الطيب من المطبخ السوري: "اعتقدنا بأن الحرب لن تدوم أكثر من شهرين أو ثلاثة، إلا أنها بقيت مستعرة حتى الآن، بعد مرور أكثر من عشر سنين على اندلاعها".
خلال عقد من الزمان، أجبرت العمليات العسكرية التي شنها النظام السوري آلاف السوريين على الهروب من بلدهم واللجوء إلى دول أخرى، كان بينهم نورا وزوجها قيس صليبي اللذان اضطرا للهروب إلى تركيا.
نورا صليبي
وبما أن نورا كانت معلمة لغة عربية متميزة، لديها خبرة بالتدريس في المدارس الابتدائية بسوريا، فقد حالفها الحظ عند وصولها إلى تركيا بالعمل في تدريس اللغة العربية في المدارس التركية.
وتخبرنا نورا عن أهلها فتقول: "مايزال لدي عمات وأعمام يعيشون في سوريا، إلا أن أولادي وزوجي وأهله يعيشون بقربي في اسكتلندا اليوم، في حين سافر أهلي إلى قطر بما أن أخي يقيم هناك".
بعد إقامة في تركيا امتدت لثلاث سنوات قرر الزوجان الانتقال إلى اسكتلندا ليصبحا قريبين من شقيق قيس الذي يقيم في تلك الدولة بصفة أستاذ جامعي منذ بضع سنوات.
اللغة كعائق أمام عمل السوريين
عند وصول الأسرة إلى اسكتلندا بموجب خطة إعادة التوطين التي وضعتها المملكة المتحدة والتي تسعى لتوطين اللاجئين الفارين من الحرب السورية، تم ربطها بأحد العاملين على إدارة شؤون ملفهم لدى مجلس المقاطعة في اسكتلندا، وعن تلك الموظفة تقول نورا: "ستحضر الليلة بكل تأكيد" وهي تشير إلى ليزي تريسي التي عملت على إدارة ملفهم في السابق.
وتتابع نورا بالقول: "أخبرتهم عند وصولنا بأني أرغب بالعمل، لكني لا أستطيع العمل في المدراس بما أني لا أتحدث اللغة الإنكليزية بطلاقة، ولكن عندما كانت المسؤولة عن ملفنا تأتي لزيارتنا كنت أعد لها دوماً أطعمة لذيذة، فسألتني إن كنت أرغب بالعمل في مجال الطعام، وبالرغم من أني لم أفكر في ذلك من قبل، إلا أني قلت لها: لمَ لا؟"
كانت جدة وجد نورا مصدر إلهام لها في مجال الطهي، بما أن جدها كان طاهياً يدير مطعماً في تدمر، وعنه تقول: "تعلمت من أهلي الكثير، إذ عندما كنت صغيرة لم أصدق كيف كانوا يطهون ويعدون الكثير من الأطباق للكثير من الناس".
إلا أن رؤيتها لأهلها وهم يفعلون ذلك أيام طفولتها ألهمتها لتقوم بالسير على نهجهم.
وعندها، تحول الهدف إلى مساعدة نورا على اجتياز امتحان دورة نظافة الأغذية وصحتها حتى تصبح مؤهلة قانونياً للعمل في ذلك المجال، ولكن بسبب ضعف لغتها الإنكليزية، أخذت ليزي تفكر خارج الصندوق، وعن ذلك تقول: "كانت منظمة Cyrenians تسعى بحق لإقامة نادي العشاء وكنت أعرف بأن نورا وزوجها يحضران دورة حول نظافة الأغذية وصحتها، وهكذا تدبرنا أمر الامتحان ليتم باللغة العربية، فنجحت نورا به بكل بساطة".
تعبر ليزي عن فخرها بصديقتها وعملها في مجال الطهي ضمن احتفالية نادي العشاء السوري، إذ تقول: "إنها امرأة ملهمة".
أطباق سورية بامتياز
تشتمل قائمة الأطعمة ضمن فعالية نادي العشاء السوري الأخيرة على عدد من الأطباق الشرق أوسطية التي أعدها الزوجان.
أما بالنسبة للنباتيين، فيعتبر البابا غنوج أفضل طبق بالنسبة لهم، إذ يأتيهم برفقة رغيف من الخبز السوري اللذيذ، فضلاً عن حساء الخضار الذي يدفئ الجسم في هذا الجو البارد.
ثم تأتي الوجبات الرئيسية لعشاق اللحوم والتي تتضمن طبق المقلوبة التقليدي، وهنالك الكبة، والكبة المحشوة بالخضار والمصنوعة من الأرز المضاف له أنواع مختلفة من البهارات والتي تم إعدادها خاصة للنباتيين.
وبالحديث عن المستقبل، تخبرنا نورا بأنها لا تعلم ماذا يخبئ المستقبل لها، لكنها تتمنى أن تعود لبلدها في يوم من الأيام، على الرغم من استمتاعها بولعها بالطبخ اليوم، إذ تقول: "أتمنى أن أفتتح مطعماً صغيراً برفقة زوجي، وقد يتسنى لي العودة إلى سوريا بعد عشر سنوات، ولكن ذلك صعب جداً حالياً".
المصدر: Mirror