يستعد السوريون لاستقبال السنة الجديدة على أمل تحسن أوضاعهم الاقتصادية في ظل الوضع المزري الذي يعيشونه وعدم قدرتهم على شراء معظم ما تمتلأ به الأسواق لسهرة رأس السنة بسبب نسب التضخم المرتفعة جداً والتي صعدت في الآونة الأخيرة بعد زيادة الرواتب.
وفي سوق باب سريجة أحد أبرز الأسواق الدمشقية، الذي يعج بعشرات آلاف المارة والمتسوقين يومياً يقف كثيرون متأملين الأسعار دون أن يقدموا على الشراء محتفظين بأموالهم القليلة للحصول على الأساسيات دون الكماليات المرتبطة بآخر ليالي العام.
ويُعد سوق باب سريجة من الأسواق المهمة والتاريخية في دمشق، اشتهر بمحاله التي تختزل الماضي والحاضر في وقت واحد، وتعد أسعاره رخيصة مقارنة بأسواق الشعلان وأبو رمانة وكفرسوسة.
كم كلفة احتفال عائلة سورية صغيرة في المنزل؟
موقع "تلفزيون سوريا" اطلع على أسعار معظم السلع التي تباع في هذا السوق، والتي يتبضع بها المحتفلون برأس السنة الميلادية، أو المتسوقون، إلى جانب استطلاع آراء عدد من الباعة والمتسوقين.
وتبلغ كلفة احتفال بسيطة بليلة رأس السنة تضم طبقاً من الحلوى المنزلية وآخر من التبولة و"البوشار" ورقائق "الشيبس" المقلي وكيلو من التفاح وآخر من البرتقال ونصف كيلو من بذر دوار الشمس دون وجبة عشاء أكثر من 62 ألف ليرة، أي أكثر من نصف راتب الموظف، وفق أسعار السوق.
أسعار صادمة
وقال أبو عمر صاحب أحد المتاجر في السوق لـ "تلفزيون سوريا"، إن أكثر السلع طلباً لرأس السنة هي "الطحين والسكر والجيليه والكسترد والبسكويت السادة والكاكو والبيض والزبدة والحليب، إضافة إلى رقائق الشيبس وذرة البوشار وزيت القلي".
وأضاف: بالطبع ارتفعت أسعار هذه السلع مؤخراً باعتبارها ضمن الموسم حيث بلغت بحسب سعر صرف الدولار اليوم (كل دولار بـ 3625 ليرة تقريباً):
- الطحين 3500 ليرة سورية
- الكسترد 5000
- البسكويت السادة 2000
- الكاكو 2500
- باكيت الجيليه 3500
- البيض (حبة واحدة) 500
- قالب الزبدة الحيواني 7000
- قالب الزبدة النباتي 3500
- لتر الحليب 2000
- كيلو السكر 3500
- رقائق الشيبس (أوقية) 5000
- ذرة البوشار (كيلوغرام) 4500
- زيت القلي (ليتر) 13000
وأشار أبو عمر إلى أن "المتسوقين يستغربون من هذه الأسعار والبعض يبدي صدمته، إلا أننا نشتري من سوق الجملة بأسعار مرتفعة ونضع أرباحا بسيطة على البضائع، أحياناً أبيع بسعر أقل لبعض الزبائن، لكن لا يمكننا البيع بخسارة".
الكستناء بسعر اللحم
من جانبه قال بائع الخضار والفواكه سامح أبو الهدى لـ "تلفزيون سوريا"، إن فاكهة الشتاء قليلة مقارنة بفاكهة الصيف، وأسعارها أعلى بشكل عام لأنها تبقى لمدة أطول دون أن تخرب بسبب برودة الجو"، مضيفاً أن أكثر الخضار طلباً لرأس السنة هي عدة التبولة (بقدونس ونعناع وبصل أخضر وليمون وبندورة) إلى جانب عدة السلطة أو الفتوش، أما الفواكه فيكثر في رأس السنة طلب الأناناس والكستناء والتفاح والبرتقال والكيوي والخرمة".
وأشار إلى أن الأسعار تختلف حسب الجودة وأيام القطاف لكن بالمتوسط هي وفق التالي:
- حزمة البقدونس 1500 ليرة سورية
- حزمة النعناع 1000
- البصل الأخضر 1000
- البندورة (كيلوغرام) 4000
- الليمون (كيلو غرام) 4000
- الكستناء (كيلو غرام) ثلاثة أنواع 35000 و 25000 و 18000
- الأناناس (حبة واحدة) 23000
- البرتقال 4000
- التفاح 6000
- الكرمنتينا 5000
وأكّد أبو الهدى أن "هذه الأسعار طاردة للزبون الفقير ومعظم زبائن اليوم فقراء، ولا يستطيعون شراء حاجياتهم الأساسية، فكيف لهم أن يشووا الكستناء التي يصل سعرها إلى سعر اللحم البلدي".
وفي السوق تسمع أصوات الباعة تنادي على منتجاتهم، ويرغبون الزبائن بها، ورغم جودة المعروض في السوق إلا أن البيع في هذه الأوقات متراجع مقارنة مع السنوات السابقة لضعف القوة الشرائية لدى السوريين إلى حد كبير.
إحدى المشتريات اللواتي رفضت ذكر اسمها وتعمل موظفة أخبرت تلفزيون سوريا أنها تريد أن تصنع طبق "كسترد" لأطفالها برأس السنة إلى جانب كأس شاي دافئ، وربما صحن تبولة أيضاً، لكن هذه الأطباق باتت مكلفة اليوم، فالكسترد يصل إلى 11500 ليرة دون الغاز، والتبولة إلى 12000 ليرة يعني أكثر من 21% من راتبها الذي يصل إلى 95 ألف ليرة وفق الزيادات الأخيرة.
ليلة بدون "شواء"
ولعل طبق "المشاوي" من أكثر المأكولات شهرة على موائد المحتفلين برأس السنة في سوريا، إلا أن هذا العام لا يبدو أنه سيزين موائدهم مع أسعاره المرتفعة، هذا ما قاله اللحام أبو عبدو الذي يقف إلى جانب خروف متدلٍ من سقف دكانه ينادي على الزبائن، وموضحاً لتلفزيون سوريا أسعار ما يبيعه:
- لحم الخروف الضأن (كيلو غرام) 40000 ليرة سورية
- الدجاج (1 كيلو غرام) 8300
- شرحات الدجاج 18500
- سمك الأجاج (دينيز) 65000
- الديك الرومي (8 كيلو غرام) 100.000
وبخصوص الديك الرومي (الحبش) الذي تزيد مبيعاته مع اقتراب عيد الميلاد ورأس السنة، فأكّد اللحام أبو عبدو على أن هذا "(الفروج الحبش) يصل ثمنه إلى راتب موظف بعد الزيادات الأخيرة، يعني عشاء لعائلة كبيرة فقط دون كلفة طهيه التي تستمر لساعات".
وأضاف أن هناك زبائن يشترون بالسعر الحالي وسيبقى هناك من يشتري، وبصراحة أحزن على الفقراء والدراويش ولكن ليس باليد حيلة، ومؤخراً تحسنت أحوالنا مع اشتداد البرد لأن انقطاع الكهرباء المستمر جراء التقنين لا يؤثر على اللحم لعدة أيام أحياناً".
المكسرات من الترف بمكان
أما الموالح والمكسرات، فأسعارها لا تقل صعوداً عن بقية المنتجات المتوفرة في السوق، وتخلى كثير من السوريين عن شرائها لسهراتهم العائلية مع الاستمرار بشراء بذر دوار الشمس أو البذر الأسود أو الفستق باعتبارها الأرخص إلى حد ما، وفق ما قال أبو رياض صاحب إحدى المحامص.
وأوضح أبو رياض لـ "تلفزيون سوريا" أن المسكرات نسبة كبيرة منها مستوردة، ولذلك هي مرتفعة الثمن، ناهيك عن كلفة النقل والتخزين والتحميص وأجور العمال، مبيناً أن أسعار محمصته متنوعة ولديه حسومات وهي كالتالي:
- مكسرات مشكل نوع أول (كيلو غرام) 75000 ليرة سورية
- مكسرات مشكل نوع عادي 35000
- الكاجو 80000
- الفستق الحلبي 90000
- اللوز 80000
- الفستق (فول سوداني) 25000
- بذر أبيض 50000
- بذر أسود 20000
- بذر دوار الشمس 30000
من جهته، قال محمد أحد الذين اشتروا من المحمصة لتلفزيون سوريا، إن "الأسعار مرتفعة، لكننا مضطرون للشراء بها، فهي لم ولن تنزل، وسعر الليرة لن يتحسن؛ هذا هو الوضع وقد تأقلمت معه، وأتمنى أن يصبح أفضل".
وأكّد أنه لا يحتفل برأس السنة ولا بغيرها، فهو غير مهتم بذلك، ولكنه يشتري لعائلته بعض المكسرات لكسر الملل الذي يصيب العائلة في ليالي الشتاء الطويلة مع استمرار انقطاع التيار الكهربائي.
وأشار إلى أنه دفع نحو 50 ألف ليرة (نصف راتب موظف تقريباً) ثمن بعض المكسرات والبذورات، مؤكداً أن بعض المحامص تزيد نسبة الملح ليزيد الوزن، ما في رقابة على شيء".
وضع اقتصادي مترد على السوريين
وتعيش مناطق سيطرة النظام السوري وضعاً اقتصادياً متردياً، وأزمات معيشية كبيرة، في ظل فقدان الليرة السورية لقيمتها أمام الدولار، وضعف القوة الشرائية لأدنى مستوى، وارتفاع أسعار كل السلع.
وتضخمت الأسعار مؤخراً مع الزيادة التي أقرها رئيس النظام بشار الأسد منتصف الشهر الجاري على رواتب موظفي الدولة بنسبة 30% وعلى رواتب المتقاعدين بنسبة 25%، إلى جانب احتساب التعويضات على أساس الراتب الحالي بدلاً من أساس راتب 2013.
وقبل مراسيم زيادة المعاشات، رفعت حكومة نظام الأسد، أسعار المواد والسلع الأساسية المدعومة كالخبز والسكر والرز، بالإضافة إلى رفع أسعار المازوت والبنزين والغاز، والكهرباء والاتصالات، وإزالة الدعم عن أكثر من نصف مليون شخص قبل نهاية العام، الأمر الذي زاد من حجم المعاناة التي يعيشها السوريون.