أعلنت السلطات الأوكرانية أن جهوداً جديدة تبذل لمحاولة إجلاء السكان المدنيين العالقين في مدينة ماريوبول، التي ترزح تحت قصف روسي عنيف بعد شهر من الغزو الروسي لأوكرانيا، في حين تخضع العاصمة كييف لحظر تجوّل، ويختبئ السكان في منازلهم.
وتقع ماريوبول، حيث تقيم غالبية من الناطقين بالروسية، بين القرم ومنطقة دونيتسك الانفصالية شرقي أوكرانيا، وتتعرض لقصف روسي عنيف منذ أسابيع، في حين رفضت الحكومة الأوكرانية إنذاراً وجهته موسكو من أجل استسلام المدينة.
وقال الجيش الأوكراني إن الجيش الروسي "تكبد خسائر فادحة ويواجه مقاومة شرسة، لكنه عزّز وجوده في المجال الجوي الأوكراني، مشيراً إلى أنه "إضافة إلى استخدام الطائرات المسيّرة، فإن العدو يستخدم قاذفات قنابل وطائرات هجومية وقتالية وصواريخ بالستية وصواريخ كروز"، وفق بيان نُشر على معرفاته الرسمية.
وقالت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني، إرينا فيريشتشوك، في مقطع فيديو، أمس الثلاثاء، إنه "نركّز على إجلاء سكان ماريوبول، حيث الوضع الإنساني مأساوي"، موضحة أنه "يُفترض فتح ثلاثة ممرات إنسانية بين ثلاث مدن قريبة من ماريوبول ومدينة زابوروجيا على بعد 250 كم نحو الجهة الشمالية الشرقية".
وأضافت فيريشتشوك أنه "لن تكون هناك أماكن كافية للجميع، لكننا سنواصل عملية الإجلاء بالوتيرة نفسها حتى إخراج جميع السكان من مدينة ماريوبول"، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
ونقلت منظمة "هيومن رايتس ووتش" عن مساعد رئيس بلدية ماريوبول، بترو أندريوشتشينكو، قوله إن "أكثر من مئتي ألف شخص لا يزالون داخل المدينة، في حين قتل أكثر من ثلاثة آلاف مدني منذ بدء المعارك، لكن الحصيلة المؤكدة لا تزال مجهولة.
ووصف سكانٌ فروا من المدينة المدمرة للمنظمة الوضع بأنه "جحيم بارد، مع شوارع تنتشر فيها الجثث وأنقاض المباني المدمّرة، وآلاف الأشخاص المقطوعين عن العالم في مدينة محاصرة، يختبئون في طوابق سفلية من دون مياه ولا طعام ولا كهرباء ولا وسائل تواصل".
من جانبها، أعلنت الأمم المتحدة أن الوضع الإنساني في مدينة ماريوبول "خطير جداً، مع نقص كبير في المواد الغذائية والماء والأدوية، الأمر الذي يهدد أرواح المدنيين".
زيلنسكي يوجّه رسالة للطيارين الروس
وصباح اليوم الأربعاء، قال مكتب المدعي العام في أوكرانيا، إن 121 طفلاً قتلوا منذ بداية الغزو الروسي حتى الآن، مضيفاً أن عدد الأطفال المصابين بلغ 167، وفق ما ذكرت وكالة "رويترز".
وانتقد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الطيارين الروس، حيث خاطبهم عبر كلمة مسجلة، قال فيها "سوف يتم محاسبتكم، بشكل أو بآخر، ولا يهم إن حدث ذلك اليوم أو غداً، لأن المحاسبة لا مفر منها".
وأشار الرئيس الأوكراني إلى أن الطيارين الروس "ليس لديهم فكرة عن خطورة الأوامر التي ينفذونها"، مؤكداً على أن "قتل المدنيين جريمة".
انشقاق 300 جندي روسي
من جهة أخرى، أكدت هيئة أركان الجيش الأوكراني، أمس الثلاثاء، أن نحو 300 جندي روسي انشقوا عن الجيش قرب بلدة أوختيركا في منطقة سومي شمال شرقي البلاد، مؤكدة على أن القوات الروسية لا تملك ذخائر أو طعام أو وقود سوى لثلاثة أيام، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الألمانية.
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مصادر في الاستخبارات الأميركية قوله إن أكثر من سبعة آلاف جندي في صفوف الجيش الروسي قتلوا منذ بدء الحرب.
وفي منطقة دونباس شرقي أوكرانيا، التي تنشط فيها حركة انفصالية موالية لروسيا منذ العام 2014، أعلنت الإدارة المحلية أن 124 مدنياً على الأقل قُتلوا في منطقة لوهانسك، في حين تحدثت وزارة الدفاع الروسية عن سيطرة الانفصاليين الموالين لروسيا على عشرات البلدات في المنطقة.
وفي سياق ذلك، قالت المكلّفة بشؤون حقوق الإنسان في البرلمان الأوكراني، ليودميلا دينيسوفا، إن هجوما روسيا استهدف مدينة أفدييفكا المحاذية لدونيتسك شرقي أوكرانيا، مساء أول أمس الإثنين، ما أسفر عن خمسة قتلى و19 جريحاً.
روسيا تدمر مختبراً في تشيرنوبل
من جانب آخر، ذكرت الوكالة الأوكرانية، المسؤولة عن منطقة تشرنوبيل المحظورة أن القوات الروسية دمرت مختبراً في محطة تشيرنوبل النووية، كان يعمل على تحسين إدارة النفايات المشعة، وفق ما نقلت وكالة "أسوشيتد برس".
وكان الجيش الروسي استولى على المحطة التي توقفت عن العمل بداية الغزو الشهر الماضي، والمنطقة المحظورة هي المنطقة الملوثة حول المحطة، التي شهدت أسوأ كارثة نووية بالعالم في العام 1986.
وقالت الوكالة الحكومية إن المختبر، الذي شيد بكلفة 6 ملايين يورو بدعم من المفوضية الأوروبية، افتتح في العام 2015، مشيرة إلى أنه يحتوي على "عينات نشطة للغاية من النويدات المشعة"، وهي عبارة عن ذرات غير مستقرة من العناصر الكيميائية التي تطلق الإشعاع.
وأضافت أن هذه العينات "موجودة الآن في أيدي العدو، والتي نأمل أن تضر نفسها وليس العالم المتحضر"، في حين قالت وكالة الرقابة النووية الأوكرانية إن "أجهزة مراقبة الإشعاع حول المحطة توقفت عن العمل".