icon
التغطية الحية

"مرآة لمقابلتي" لـ نادرة بسكين.. رواية عن الأتراك والسوريين والألمان

2022.03.24 | 14:58 دمشق

bskyn_-_tlfzywn_swrya.jpg
ترجمة وتحرير موقع تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

"مرآة لمقابلتي/ Ein Spiegel für mein Gegenüber" عنوان الرواية الأولى التي صدرت حديثاً للكاتبة الألمانية من أصول تركية نادرة بسكين، والتي تتناول فيها حياة السوريين والأتراك في ألمانيا وتركيا.

وبالرغم من أن الرواية الصادرة باللغة الألمانية لا تعدّ سيرةً ذاتية للكاتبة، فإنه لا يمكن التغاضي عن أوجه الشبه بين حياة بسكين وبطلة الرواية "هوزور/ Huzur" سواء من حيث مكان الإقامة والأصول والعمل في التعليم، وحتى من ناحية شكل شعرها المجعد الجميل، الذي تحاول هوزور تسبيله بوساطة مكواة كي تبدو طبيعية مثل بقية الألمان، ولكي يتم الترحيب بها أيضًا في متجر الحي. ورغم ذلك تقول الكاتبة: "شخصية هوزور ليست نسخة مني"، وفق ما نقل موقع ألماني.

من أجواء الرواية

داخل سوبر ماركت في العاصمة برلين- منطقة ويدينغ: /كل شيء كان كالمعتاد. أمين الصندوق لم يقل: مرحبًا، أو افعل هذا كثيرًا، أو من فضلك، نقدًا أو ببطاقة؟. اعتقدت هوزور أحيانًا أنه كان من الجيد لو تم الوثوق بأمها ومنحها حساباً جارياً كما هو الأمر في تركيا.

أثار دهشة الفتاة الصغيرة هوزور، سماع أمين الصندوق وهو يرحب بالعميل التالي بـ "مرحباً"، والعميل كان أشقراً وطويل القامة. كان الأمر يتعلق بالاختلافات الواضحة بين عالمين، حول الملابس واللغة والمظهر، وأمور أخرى غير مرئية، مثل ما يمكنك تعلمه في عدد معين من سنوات الدراسة. انتبهت هوزور أن ستة أطفال كانوا مع والدتها!/.

القارئ لهذا المشهد الصغير سيعرف تلقائياً ما تدور حوله رواية "مرآة لمقابلتي".

لاحقاً، تذهب بطلة الرواية هوزور إلى الجامعة، وهي تطمح الآن إلى أن يتم التعامل معها بطريقة ودية. منذ تجربتها في السوبر ماركت، بذلت هوزور جهدًا في المدرسة وقدمت تقريرًا جيدًا ولم تفعل أي شيء سيئ داخل المدرسة وخارجها؛ حتى إنها صارت تركض في حديقة المدينة -كل ما سبق كان لتحسين اللغة الألمانية والرياضة والحصول على شهادتين بهما. ويبدو أن التفوّق لنيل شهادة ثالثة هو أسمى مشاعر لفتاة تركية في ألمانيا. ومع الكثير من الاجتهاد كان بإمكانها الحصول على اثنتين على الأقل.

مع ذلك، لم تكن هوزور تُعامل مثل "صوفيا" و"ليناس" اللتين تدرسان معها -وحين تتدخل بغضب عندما يتم فحص صبيين تركيين من قبل الشرطة دون سبب- بدافع "التمييز العنصري".

هوزور مسلمة، لكنها لا ترتدي الحجاب عادة. وفي إجازة تقضيها في وطنها القديم (تركيا)، تشعر بالغثيان عندما ينادي المؤذن: "الله أكبر". لأن أي شخص يطلب المساعدة من الله تعالى بهذه الصيغة غير المؤذية بالفعل سيثير الرعب (دلالة على الإرهاب) في ألمانيا إذا حدث ذلك خارج المسجد -وهوزور استوعبت ذلك.

من أين يأتي التحيز؟ لماذا هي محرومة؟ هل هذه مجرد عنصرية شائعة أم شيء آخر أيضًا؟ لأن هوزور البالغة لديها صديقة تلاحظ اختلافًا فيها، بالرغم من أنها ليست ألمانية أيضًا، وإنما من سويسرا الناطقة بالفرنسية، ونشأت في إحدى ضواحي برلين داخل فيلا، ووالداها أكاديميان. أما هوزور فهي من أبناء الطبقة العاملة التي جاءت مما يطلق عليه "منطقة ساخنة".

العنصرية عابرة الحدود

تسلط الكاتبة نادرة بسكين الضوء على ذلك الواقع، أحيانًا بمحبة وود وأحيانًا باستهجان وغضب. وهناك مشاهد مضحكة في روايتها أيضاً، ولكن الضحك غالبًا ما ترافقه غصّة في الحلق تشبه صخرة جليد كبيرة أو دموع يذرفها القارئ وهو يتابع تفاصيل الرواية. بمقدور القارئ أن يبتسم ويبكي ضمن ثلاثة أسطر فقط! هناك مقدرة عظيمة لدى الكاتبة في إثارة تلك المشاعر.

يظهر اللاجئون السوريون أيضًا في الرواية، بوصفهم لاجئين يعانون من الفقر والتمييز في تركيا. حيث تلعب فتاة سورية صغيرة لا تكاد تتكلم كلمة واحدة في الرواية دورًا مهمًا، وتحاول بسكين تشبيه ما يحصل مع هوزور والأتراك في ألمانيا مع ما يحصل لتلك الطفلة والسوريين في تركيا، وفي ألمانيا أيضاً، ضمن سرد روائي شيّق ومثير للعواطف.

كثيرة هي القضايا التي ناقشتها الرواية، وخاصة فيما يتعلّق بالمفاهيم المضللة والمغلوطة، وربما الكاذبة أيضاً في مجتمع الأغلبية الألماني. وتتساءل الكاتبة في روايتها: من هي الأغلبية هنا ومن هي الأقلية؟ وكما تتحدث الرواية عن مفاهيم الألمان والأتراك كمجتمعين؛ فهي سلّطت الضوء بطريقة ما على الحكّام والمحكومين "حيث لا يتعلّق الأمر بالفوارق بين الحواجز القومية، بل بين ما هو فوق وما هو تحت" بحسب تعبير الموقع.

نادرة بسكين

كاتبة ألمانية من أصول تركية، ولدت عام 1987 في برلين. درست الفلسفة والأخلاق واللغة الإسبانية، وعملت في تعليم العديد من اللغات لعدة سنوات. لها نصوص شعرية نثرية وقصص قصيرة منشورة في العديد من المجلات والصحف. و"مرآة لمقابلتي" هي روايتها الأولى.