يشتكي سكّان محافظة اللاذقية من البنية التحتية غير الصالحة للتعليم، وحاجة المدارس للصيانة والترميم، لاسيما القديمة منها التي تأثّرت بشكل واضح بعد الزلزال الذي ضرب المحافظة قبل نحو عام ونصف العام.
وتعتبر مدرسة (محمد سعيد يونس) في مدينة جبلة بريف اللاذقية، وهي من أقدم المدارس وتضم حوالي 1500 طالب، واحدة من أبرز الأمثلة على الإهمال الذي تعاني منه المدارس، فرغم حاجتها إلى الصيانة وتأثر هيكلها الخارجي بالزلزال وظهور قضبان الحديد من أحد الأعمدة، ما تزال المدرسة المؤلفة من ثلاثة طوابق حتى اليوم بلا صيانة رغم المخاطر الكبيرة.
وفي مدينة جبلة وريفها تفتقد الكثير من المدارس إلى الصيانة والتأهيل ومنها مدرستا (أبو بكر الصديق وسعد بن أبي وقاص) وغيرهما، وتظهر في بعضها أضرار من الزلزال بشكل واضح مثل التشققات في الجدران والهيكل الخارجي والطلاء، كما أن مقاعد المدارس لم تُستبدل أو تخضع لصيانة منذ سنوات، فضلاً عن أنّ مرافق الشرب ودورات المياه على حالها منذ سنوات طويلة.
الناشط الإعلامي في مدينة جبلة (أبو يوسف جبلاوي) يؤكّد في حديث لـ موقع تلفزيون سوريا، أنّ وضع المدارس مأساوي في محافظة اللاذقية، فرغم الاكتظاظ الكبير وتضرر المدارس بالزلزال اكتفت حكومة النظام ببعض المشاريع التي أطلقها الهلال الأحمر الإماراتي لترميم بعض المدارس في المحافظة وعددها نحو 40 مدرسة، رغم أن جميع المدارس منذ بداية الحرب أُهملت ولم تٌشيّد مدارس جديدة وباتت بحاجة كبيرة إلى الترميم وبعضها يحتاج إلى الهدم وإعادة الإعمار.
وأضاف "جبلاوي" أن البنية التحتية للمدارس تعود إلى فترة الثمانينات، فالمدارس تعاني من سوء المرافق، مثل دورات المياه، ولا تتضمن أماكن مخصصة للعب الأطفال وأي ألعاب أُخرى، وكذلك مياه آمنة ونظيفة أو حمامات صالحة، ومع انتشار الكوليرا تزداد المخاطر على التلاميذ.
كذلك لا تحتوي مدارس اللاذقية على أي وسائل تعليم حديثة، مثل أجهزة العرض البصري أو الشاشات، ما يجعل التدريس في الساحل يعتمد على آليات ووسائل وتقنيات تعود إلى عقود سابقة عدة.
من جانبه قال وائل -مدرس رياضيات منذ 23 عاماً في اللاذقية- لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّ المدارس لم يجر أي تحسين عليها منذ سنوات طويلة فالمقاعد بقيت ذاتها ويزيد عمرها على 20 عاماً.
وتابع: "نستخدم براغي بعض المقاعد لتثبيت أخرى، وبعضها لا تتضمن أماكن لوضع حقائب كما أن الصفوف معتمة شتاء والتدفئة غير متوفرة في مدارس كثيرة أو بكميات قليلة جداً، والطلاب يعانون بالتالي من البرد الذي يزيده تحطم كثير من النوافذ، واستخدام لواصق لتثبيتها، هذا عدا عن انقطاع الكهرباء المستمر والاكتظاظ وحشر أكثر من 40 طالباً في غرفة واحدة".
ويؤكّد وائل أن بيئة التعليم في اللاذقية وسوريا عموماً تراجعت بشكل ملحوظ، خلال السنوات الأخيرة، بدل أن تواكب التقنيات التعليمية الحديثة، والسبب الرئيسي هو عدم اهتمام الحكومة بقطاع التعليم وصرف الأموال عليه.
عبد الله - والد طفلين في المدارس الحكومية- يروي لـ موقع تلفزيون سوريا معاناته العام الفائت مع المدارس والتي وصفها بأنها لا تشبه أبدا أي مركز تعليمي حقيقي، موضحاً: "في صف أحد أولادي 47 طالباً، بعض المقاعد تحوي 4 طلاب، معظم المعلمين لا يحضرون الدروس بسبب الرواتب الضعيفة فترى الأولاد يقضون يومهم في الباحة أو في الصفوف بلا أي دروس".
وتابع: "هذا عدا عن الكتب القديمة الممزقة والبرد وغياب الكهرباء أما عن المرافق فأنا أوصي ولديّ بعدم شرب الماء من الصنابير في المدرسة، أو دخول حماماتها التي لا تحتوي على صابون لغسل اليدين، ولا تنظف حتى مرة خلال العام الدراسي، ما يجعل الأوساخ فيها تصل إلى درجة القرف".
وأضاف أنّ "معظم الأهالي باتت تعتمد على تسجيل أولادها في معاهد تعليمية خاصة لمواكبة المنهاج ومن لديه قدرة يسجلهم في مدارس خاصة، والتعليم ذاهب إلى الانهيار، أو أن التعليم الحقيقي في المدارس العامة قد انتهى".
5500 مدرسة متضرّرة في سوريا
تُظهر إحصاءات وزارة التربية في حكومة النظام السوري نُشرت، نهاية العام الفائت، أن عدد المدارس المتضررة في عموم المناطق التي طالها الزلزال تصل إلى 5500 مدرسة، منها 300 مدرسة في محافظة اللاذقية.
ولم يُرمّم نصف عدد هذه المدارس المتضررة، وفق تصريحات مدير تربية اللاذقية عمران أبو خليل، الذي بيّن أنه جرى تدعيم 65 مدرسة، وترميم ما يقارب من 100 أخرى.
وبحسب تقرير صدر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، عام 2021، يزيد عدد الأطفال السوريين خارج المدارس على 2.4 مليون، ويعاني نظام التعليم في سوريا من إجهاد ونقص في التمويل، وهو غير قادر على توفير خدمات آمنة وعادلة ومستدامة لملايين الأطفال.