منذ بداية التدخل الروسي في سوريا نهاية العام 2015، وأولى حملاته العسكرية على ريف اللاذقية الشمالي هجّر عدد كبير من سكان قرى جبلي الأكراد والتركمان وريف جسر الشغور صوب الحدود السورية – التركية.
استقر نازحو ريف اللاذقية في مخيمات عشوائية بنيت على عجل في التلال والأودية والجبال وسط غياب شبه تام للمنظات الإغاثية عن دعم هذه المنطقة التي غابت عنها أي مشاريع لبناء بيوت طينية أسوة بمناطق أخرى في حلب وإدلب.
وعلى طول الجدار الحدودي مع تركيا بداية من قرية "اليمضية" في جبل التركمان بريف اللاذقية وصولا إلى "عين البيضا" و"خربة الجوز" يمكن للزائر ملاحظة حالة الفقر والعشوائية التي بنيت بها هذه المخيمات.
كما يعاني هؤلاء النازحون سنويا من العوامل الجوية القاسية في فصل الشتاء مع انخفاض درجات الحرارة دون الصفر وتشكل الفيضانات والسيول التي تغمر خيامهم.
أبو بشار، مدير مخيم صلاح الدين في ريف اللاذقية، قال في حديث لموقع "تلفزيون سوريا" إن معظم خيم النازحين على أبواب الشتاء ممزقة وبالية وغير قابلة لأن تقاوم الرياح والأمطار.
وأضاف، لم تصل هذا العام أي مساعدات لتجديد الخيام التالفة، فضلاً عن أن المساعدات الغذائية متوقفة عن المخيم منذ انتهاء مشروع منظمة أكتد قبل أشهر.
وأشار مدير المخيم إلى أن مخيمات ريف اللاذقية بحاجة ماسة حاليا إلى مواد التدفئة لأن المنطقة باردة جداً في الشتاء وإلى عوازل مطرية وحليب أطفال وأدوية بالإضافة لدعم مدارس المخيمات التي تفتقر للمقومات الأساسية.
ولفت أبو بشار إلى أن مخيمات ريف اللاذقية بحاجة لمشاريع البيوت الطوب التي انتشرت في إدلب وحلب ولم تصل حتى اليوم إلى ريف اللاذقية داعيا كل المنظمات الإنسانية والإغاثية للاطلاع على أوضاع النازحين.
لماذا تغيب مشاريع منازل الطوب؟
حول أسباب افتقاد المنطقة لمشاريع بيوت الطوب قال مسؤول القسم الإعلامي في فريق ملهم التطوعي، عبد الله الخطيب لموقع "تلفزيون سوريا" إن عدم استقرار الوضع الأمني هو ما منع الفريق من استبدال خيم ببيوت الطوب.
وأضاف أن المنطقة مهددة باستمرار باجتياح من قبل القوات الروسية وقوات النظام السوري وإقامة مشاريع لاستبدال هذه المخيمات ودفع مبالغ مالية كبيرة في منطقة قريبة من خطوط جبهات هي "مغامرة كبيرة" في ظل استمرار الوضع الراهن.
في حين عزا عدي جازة، مسؤول إغاثي سابق عمل بالمنطقة، غياب مشاريع الطوب إلى توجهات المانحين وأسباب سياسية تحوّل جميع مشاريع الطوب إلى مناطق بعينها دون غيرها بحسب قوله.
مخيمات مهمشة
من جانبه وصف إبراهيم شيخاني (47 عاما)، من سكان المنطقة، مخيمات ريف اللاذقية وغربي إدلب بـ "المهمشة".
وقال شيخاني في حديث لموقع "تلفزيون سوريا" إن الخيام في معظم المخيمات لم تستبدل منذ أربع سنوات كما يعاني أهالي المخيمات في الساحل من سوء الصرف الصحي، ويقتصر الأمر على حفر فنية خاصة بكل خيمة، وهو ما يسبب انتشار الأمراض.
كما يعاني النازحون بحسب شيخاني من قلة الدعم الغذائي وانتشار البطالة عند معظمهم بسبب عدم توافر فرص العمل وتردي الوضع التعليمي، ما سبب انتشار الفقر في المخيمات، حيث إن أغلب النازحين يعملون في قطع الحطب وبيعه لتأمين قوت يومهم لعائلاتهم".
واعتبر شيخاني أن مبرر وجود المخيمات في منطقة "غير آمنة" لعدم إقامة منازل طوب ومشاريع هو حجة غير مقنعة موضحا كلامه بالقول: "خيمنا على الجدار الحدودي الفاصل مع تركيا نحن هنا منذ 7 سنوات. أي منطقة في سوريا اليوم لا يمكن أن تتعرض للقصف؟".
بدوره، قال زياد خليلو، من أبناء قرى جبل الأكراد ويقيم في مخيم خربة الجوز، إن الفرق كبير في تعامل المنظمات الإنسانية بين منطقة وأخرى، معتبرا أن هذا الأمر يندرج ضمن سياسية هادفة تهدف للتغيير الديمغرافي في نهاية الأمر.
وأضاف خليلو أن سوء أوضاع نازحي اللاذقية دفع البعض منهم للتوجه إلى قرى ريف حلب وإدلب للحصول على المساعدات ومحاولة توفير عمل بينما هذه المنطقة وكأنها خارج حسابات المنظمات وحتى مسؤولي المعارضة الذين لم يفكر أحد منهم يوما بزيارة هذه المخيمات العشوائية والاطلاع على أوضاع نازحيها.
وبحسب إحصائيات محلية يصل عدد النازحين في مخيمات ريف اللاذقية إلى نحو 150 ألفاً يقيمون في أكثر من 20 مخيما إضافة إلى عشرات الخيام المتفرقة.