خمس سنوات كاملة احتاجها النظام للسماح لسكان قريتين في ريف اللاذقية بالعودة ووصل الكهرباء لهم على حساب الكنيسة الأرثودكسية التي تبرعت بالمبلغ، فيما يمنع حتى اليوم سكان عشرات القرى في جبلي الأكراد والتركمان من العودة لمنازلهم.
دعم الكنيسة الأرثودكسية
بداية شهر آب الجاري روج النظام عبر إعلامه بعودة سكان قريتي الغنيمية ووادي شيحان في جبل الأكراد إلى منازلهم بعد تهجير دام 9 سنوات (أكثر من نصف هذه المدة كانت هذه القرى تحت سيطرة قوات النظام)، وعودة الحياة والكهرباء إلى هاتين القريتين وإصلاح المنازل بدعم الكنيسية الأرثودكسية التي تبرعت بتكاليف إعادة تأهيل التيار الكهربائي والمدرسة والمنازل المدمرة.
والغنيمية قرية جبليّة صغيرة ضمن سلسلة جبال مركزها مصيف سلمى وتبعد عنها 7.4 كم وتبعد عن اللاذقية 43.5 كم تتبع لمجلس بلدية وطى الخان وغالبية سكانها من الأرمن.
على الطريق الدولي اللاذقية – حلب تتوزع حواجز قوات النظام، لا يسمح لأي من سكان قرى جبلي الأكراد والتركمان حتى اليوم بدخولها إلا بموافقة أمنية صادرة عن جهاز "الأمن العسكري" باللاذقية، إلا بعد تقديم معلومات مفصلة تتعلق بسبب الزيارة ومدتها، كما لا تعطى هذه الموافقة للجميع بحسب ما تؤكد مصادر في اللاذقية لـ "تلفزيون سوريا".
طلبات عودة مرفوضة
وتضيف المصادر أن عدداً كبيراً من النازحين في مدينة اللاذقية قدموا عشرات الطلبات للعودة رغم عدم وجود كهرباء وقراهم غير المؤهلة أملا في الخلاص من تكاليف الأجار الباهظة، إلا أن النظام يرفض عودتهم حتى اليوم.
ومنذ خمس سنوات سمح لسكان عدد محدود من القرى بالعودة وهي تقارب 7 قرى فقط من بين عشرات القرى التي سيطر عليها النظام بما فيها مركزا جبلي الأكراد والتركمان سلمى وربيعة.
وبحسب الناشط الإعلامي أحمد اللاذقاني فإن القرى التي سمح للسكان بالعودة إليها هي غالبا من الأقلية المسيحية مثل قرية الغنيمية ومن الطائفة العلوية مثل قرية جب الأحمر.
وحول أسباب منع السكان من العودة رأى اللاذقاني أن النظام يتبع سياسة العقوبة الجماعية بحق سكان هذه القرى التي كانت من أولى المناطق خروجا عن سيطرته في عام 2012 واستمرت حتى بداية التدخل الروسي عام 2016.
وأضاف: "ماذا يعني السماح لسكان قريتين لا تبعدان عن مركز بلدة سلمى سوى عدة كيلومترات بالعودة إلى منازلهم في حين أن سكان مركز البلدة الرئيسية يمنعون من زيارتها بحجة عدم استقرار الوضع الآمني حتى اليوم رغم أن جبهات القتال باتت بعيدة عشرات الكيلومترات عن منطقتهم؟"
قاعدة حميميم أحد الأسباب
من جهة أخرى قال الصحفي أحمد حاج بكري المنحدر من قرى جبل الأكراد بإدلب إن من أسباب منع النظام عودة السكان في ريف اللاذقية هو الوجود الروسي والخوف من استهداف قاعدة حميميم العسكرية، لاسيما بعد استهداف القاعدة مرارا بطائرات مسيرة وقرب هذه القرى منها.
وأضاف "حاج بكري" في حديث لموقع "تلفزيون سوريا" أن قرى جبل الأكراد تحديدا تحولت منذ سنوات إلى قواعد للمليشيات الإيرانية التي سيطرت على الأراضي الزراعية وخيرات المنطقة، حيث تعتبر قرى ريف اللاذقية الشمالي من أغنى مناطق سورية الزراعية بالفاكهة لاسيما الصيفية منها، وهي مصدر رئيسي للإنتاج والتصدير إلى باقي المناطق.
ولفت "حاج بكري" إلى سبب آخر يمنع النظام من الموافقة على عودة السكان وهو الوضع الخدمي، وعدم قدرة حكومة النظام على وصل الكهرباء والماء إلى هذه القرى وتخصيص موارد هي بالأصل غير كافية لمدينة اللاذقية.
رغبة بالعودة رغم الدمار وانعدام الخدمات
لا يخفي أبو محمود وهو من سكان بلدة ربيعة بجبل التركمان رغبته بالعودة إلى بلدته رغم الدمار الواسع وعدم وجود أي مقومات للحياة، ويقول في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا": "نعم مستعد للعودة حتى على العتمة، أدفع أجار منزلي في اللاذقية 50 ألف ليرة وأعمل عتالا لساعات طويلة في السوق، هناك لي أرض كبيرة أستطيع زراعتها وبيع محصولها والعيش منه".
ويضم جبلا الأكراد والتركمان في ريف اللاذقية عشرات القرى التي لا يزال العدد الأكبر منها غير مأهول، باستثناء قرابة 8 قرى سمح النظام بعودة سكانها.
ومنذ عام 2012 سيطرت قوات المعارضة على معظم ريف اللاذقية الشمالي، وتوسعت إلى مدينة الحفة على مشارف اللاذقية، حيث تعرضت هذه القرى خلال السنوات الماضية في قسم كبير منها للدمار جراء قصف قوات النظام المدفعي والصاروخي، ونزح معظم سكانها عنها، قبل أن تسيطر على معظمها قوات النظام وروسيا في نهاية العام 2015، فيما لا تزال حتى الآن بعض القرى بحوزة قوات المعارضة وأبرزها كبانة.