icon
التغطية الحية

مخاوف السوريين تتزايد: سياسة اللجوء الهولندية في قبضة اليمين المتطرف

2024.06.25 | 08:58 دمشق

آخر تحديث: 25.06.2024 | 11:33 دمشق

4325
مارولين فابر
هولندا ـ أحمد محمود
+A
حجم الخط
-A

شدد حزب "الحرية" اليميني المتطرف والمعادي للإسلام واللاجئين قبضته على جميع ملفات اللاجئين، الذين يشكل السوريون معظمهم في هولندا، بعد أن تسلم ملف "الاندماج" إضافة إلى حقيبة وزارة الهجرة واللجوء، التي تسببت بأزمة بين أحزاب "الائتلاف اليميني".

ونقلت صحيفة "NRC" الهولندية عن إنغريد كوينرادي، المرشحة عن حزب "الحرية" لتولي وزارة الدولة للعدل والأمن، قولها إن الائتلاف الحكومي القادم سيقوم بنقل مسؤولية سياسة الاندماج الهولندية من وزارة الشؤون الاجتماعية إلى وزارة العدل والأمن. 

وقالت كوينرادي، بعد محادثتها مع المنسق بين الأحزاب ريتشارد فان زفول والمرشح لرئاسة الحكومة ديك شوف، إنها ستكون مسؤولة أيضاً عن السجون وإدارة الأزمات. 

تتولى الجهة الحكومية المسؤولة عن الاندماج تنفيذ قانون الاندماج الخاص بالقادمين الجدد، مثل حاملي تصاريح الإقامة، الملزمين بتعلم اللغة الهولندية والاندماج في المجتمع.

"سياسة اندماج صارمة"

في السنوات الماضية، أصبحت سياسة الاندماج الهولندية صارمة، ويحدد الائتلاف اليميني المكون من أحزاب "الحرية" و"الشعب" و"عقد اجتماعي جديد" و"الفلاحين" الخطوط العريضة لسياسة اندماج "أكثر صرامة" تتضمن فرض التزامات إضافية على اللاجئين. 

يريد الائتلاف وفق خطته تمديد شرط مدة التجنيس إلى عشر سنوات ورفع مستوى اللغة المطلوب للحصول على الجنسية من A2 إلى B1، كما يريد الائتلاف الجديد أيضاً أن يشمل التكامل "المعرفة حول الهولوكوست وضحاياها". 

تسبب تولي حزب "الحرية" حقيبة وزارة "الهجرة واللجوء" بأزمة داخل الائتلاف بعد اختيار نائبة متطرفة لاستلام الوزارة، مما أدى إلى تصاعد مخاوف اللاجئين - خصوصاً الذين ينتظرون تصاريح الإقامة - على مستقبلهم في البلاد. 

رشح رئيس الحزب المتطرف خيرت فيلدرز بدايةً جدعون أو جيدي ماركوسزور، المولود في تل أبيب وذو الأصول "الإسرائيلية"، لاستلام منصب نائب رئيس الوزراء ووزيراً للجوء والهجرة. 

خلال "الفحص الأمني" تبين أن جدعون المعروف بدعمه للصهيونية "غير مؤهل" بعد أن أعربت المخابرات الهولندية عن قلقها بشأن علاقاته مع جهاز مخابرات أجنبية يُرجح أنه "الموساد". 

قال فيلدرز على منصة "إكس" إنه برزت أمور قد تعتبر إشكاليات أمام أدائه كوزير، لذلك سحب ترشيحه ورشح بدلاً عنه النائبة المتطرفة عن حزبه مارولين فابر لحقيبة وزيرة اللجوء والهجرة.

"تاريخ من العنصرية" لوزيرة الهجرة

كانت فابر نائبة في مجلس الشيوخ لعدة سنوات وزعيمة حزب "الحرية" في مقاطعة خيلدرلاند، لكنها أصبحت عضواً في البرلمان منذ نهاية العام الماضي. 

كانت السياسية المتطرفة واحدة من أصحاب الصوت العالي في المقاطعة الرافضين لسياسة الهجرة، وحول خطط بناء 100 ألف منزل، قالت في مناظرة انتخابية إن هناك حاجة إلى 25 ألف منزل في خيلدرلاند "علينا أن نبني من أجل شعبنا وليس من أجل الباحثين عن الثروة (تقصد اللاجئين)". 

في عام 2015، تم إلغاء "أمسية الطبخ" لسكان مدينة نايمخين وطالبي اللجوء في المدينة بعد حملة عبر الإنترنت قامت بها فابر. 

بسبب ما قامت به حينها، لا سيما التصريحات العنصرية، قدم أحد سكان بلدة هوفيلاكن بلاغاً بسبب خطاب الكراهية والتمييز، لكن لم تتم محاكمتها. 

في عام 2017، تظاهرت فابر أمام مجلس مدينة أرنهيم ضد تعيين الهولندي من أصول مغربية أحمد مركوش رئيساً للبلدية، وكانت تحمل لافتة كتب عليها "لا أرنهيمستان! نحن نخسر بلادنا!". 

في سبتمبر/أيلول 2019، تعرضت فابر للجدل بعد أن نسبت حادثة الطعن إلى شخص "ذو مظهر شمال إفريقي"، بينما كان الجاني أبيض اللون، واتُهمت حينها بالتحريض على الكراهية ونشر أخبار كاذبة.

ما هي "نظرية استبدال السكان"؟

كان الجدل الأكبر الذي دار على وسائل الإعلام حول مصطلح "استبدال السكان"، الذي استخدمته فابر في مناقشة في مجلس الشيوخ في عام 2020 مع رئيس الوزراء مارك روته، وقالت فابر في ذلك الوقت: "يتم طرح أجندة معاداة السامية والإرهاب واستبدال السكان". 

تدور نظرية "استبدال السكان" حول فكرة أنه من خلال استراتيجية لـما تسمى "النخبة"، يقوم المهاجرون، وخاصة الأشخاص الملونون، بإزاحة الثقافة الغربية "البيضاء". 

تصف المخابرات الهولندية هذا بأنه "نظرية مؤامرة غير صحيحة من الناحية الواقعية"، وحذرت في عام 2017 من صعود أتباعها. 

كلمة "استبدال السكان" هي ترجمة للمصطلح الألماني Umvolkung، وهو مصطلح قدمه النازيون في الثلاثينيات، حيث كانوا يؤيدون "استبدال التوطين"، وقد أرادوا "إضفاء الطابع الألماني" على جميع السكان الأصليين في المناطق التي سيطروا عليها، من أجل تنمية "العرق الجرماني" ومنحهم "المجال الحيوي"، كما فعلوا ذلك بطريقة عنيفة خلال الحرب العالمية الثانية، من خلال "إبادة اليهود" وإخضاع وطرد الشعوب السلافية، وفق ما ذكرت وسائل إعلام هولندية. 

عادت النظرية للظهور في العقد الماضي خلال موجة اللجوء، وكان أنصارها يعتقدون أن "النخبة" تدعم دخول المهاجرين إلى البلاد حيث سيتم استبدال السكان "البيض" الأصليين ببطء عبر "غزو" المهاجرين، لا سيما المسلمين، وسيكون للساسة اليساريين مصلحة في ذلك حيث سيتم منحهم مزيدا من "الناخبين المحتملين".

الوزيرة "الأكثر صرامة"

خلال جلسة برلمانية عقدت قبل أيام، نأت فابر بنفسها عن مصطلح "استبدال السكان" وقالت إن لديها مخاوف بشأن "التغيرات الديموغرافية" في هولندا، لكنها "ليس لديها أي مخاوف" بشأن إعادة هذا المصطلح، وقالت: "أدرك أن استخدام المصطلح غير صحيح وغير مرغوب فيه بسبب الدلالة الرهيبة التي يحملها مع الماضي"، كما أعربت عن تفهمها الضجة المحيطة به.

تقول فابر إنها، باعتبارها وزيرة، تريد الحد من تدفق اللاجئين "قدر الإمكان". وبحسب فابر، فإن هولندا "لم تعد لديها أي قدرة استيعابية" بسبب "الهجرة الهائلة". 

ترى أن هذا ينعكس في التعليم وسوق الإسكان، وخاصة في المدن الكبرى، وتضيف "من المشروع جداً القلق بشأن ذلك.. أريد تغيير شيء ما في هذا البلد، ولا يمكن القيام بذلك إلا كوزير في الحكومة.. سأكون الوزيرة الأكثر صرامة فيما يتعلق باللجوء على الإطلاق في هذا البلد". 

أراد النواب أن يعرفوا من فابر مدى واقعية سياسة اللجوء الأكثر صرامة، في ضوء المعاهدات الدولية والاتفاقيات والقواعد الأوروبية، فقالت فابر إنها ترى فرصا كبيرة الآن بعد أن "هبت رياح أخرى في أوروبا"، وفق ما ذكرت وسائل إعلام هولندية.

قالت فابر عبر منصة "إكس" أيضاً إن هناك "ضجة حول تصريحاتي التي أدليت بها في الماضي حينما كنت عضواً في المعارضة"، وكتبت "بصفتي عضواً في مجلس الوزراء، سأعبر بالطبع عن نفسي كوزيرة في إطار الخطوط العريضة للاتفاق وسيادة القانون".

انتقادات

من خلال الإجابات التي قدمتها فابر على الأسئلة حول هذا الأمر، خلص نواب من حزب D66 وحزب من أجل الحيوانات وتحالف "العمل واليسار الأخضر" وحزب "دينك"، إلى أن فابر تنأى بنفسها عن كلمة "استبدال السكان"، ولكن ليس عن أفكارها حول هذا الموضوع. 

قال النائب بيري من تحالف حزب اليسار الأخضر والعمل: "أنت تتخلين عن نظرية استبدال السكان في البداية، لكنك تذكرينها مرة أخرى في جميع الإجابات الإضافية!". 

من جانبها، أعربت زعيمة حزب "الشعب" ديلان يسيلجوز صراحةً عن شكوكها حول ما إذا كانت فابر مناسبة بسبب لهجتها وتصريحاتها المتطرفة، فيما قال فان زول إنه "لا يريد مراجعة" تصريحات فابر وأنه يوافق على بيانها الأخير. 

أما رئيس حزب "عقد اجتماعي جديد" بيتر أومتسيغت، فقد عبر عن شعوره بـ"الاطمئنان" من وعد الوزيرة المرشحة مارولين فابر بأنها ستبقى "ضمن خطوط الاتفاق الرئيسي وإعلان سيادة القانون". 

قال أومتزيغت في تصريحات صحفية حول تغريدة فابر: "هذه جملة جيدة جداً، إنها تطمئنني". 

عندما سئل عما إذا كانت التصريحات حول "نظرية استبدال السكان" تتجاوز الحدود بالنسبة له، أجاب أومتزيغت: "هذه ليست الأشياء التي أريد سماعها". 

لم يقل إنه يريد إبعاد المرشحة للوزارة في مثل هذه الحالة، وأضاف أن أحزاب الائتلاف اتفقوا على "اتخاذ إجراءات صارمة ضد معاداة السامية والعنصرية وكراهية المسلمين".

يشعر آلاف اللاجئين السوريين في هولندا، لا سيما الذين لم يحصلوا على تصاريح الإقامة، بالخوف والقلق على مستقبلهم في البلاد بعد تسلم حزب الحرية ملف اللاجئين. 

على مدار العشر أعوام الماضية، فر من سوريا إلى هولندا عشرات آلاف السوريين، وحصل كثير منهم على الجنسية فيما ينتظر البقية الحصول عليها بعد استيفاء الشروط اللازمة. 

يقدر عدد السوريين في هولندا بأكثر من 130 ألف شخص، يتوزعون في كل أنحاء البلاد، لا سيما المدن الكبرى كدنهاخ وروتردام وأمستردام.