حاولت السلطات الهولندية شهر أيار الماضي ترحيل طالب لجوء سوري بـ"القوة" إلا أن وضعه الصحي السيئ أنقذه من "الترحيل القسري" باللحظات الأخيرة قبل تحرك الطائرة المغادرة إلى بلغاريا وجاء ذلك بينما كان مطار "سخيبول" ممتلئا بالمسافرين الذاهبين لقضاء الإجازة الصيفية.
وفي التفاصيل، نشرت منظمة حقوق الإنسان "MiGreat" مقطع فيديو يظهر كيف حاولت الشرطة الهولندية ترحيل رجل سوري بـ"طريقة عنيفة" من هولندا.
وكان الرجل مقيدا إلى مقاعد الطائرة بينما يمسكه ضابط من الشرطة العسكرية ويغلق فمه، وكان الرجل السوري يصرخ قائلاً إنه لا يحصل على ما يكفي من الهواء "يا الله يا الله.. أرجوكم.. أكسجين! أكسجين!".
وبينما كان الشرطي ممسكاً به بإحكام، كانت اثنتان من ناشطات منظمة حقوق الإنسان تتوسلان إلى الحاضرين أن يفعلوا شيئاً، في حين كان الطبيب الحاضر مع الشرطة يطلب من الناشطتين الجلوس ويقول إن كل شيء على ما يرام وأن اللاجئ السوري يستطيع السفر.
وينحدر الرجل من محافظة دير الزور شرقي سوريا ويبلغ من العمر 28 عاماً، ولم تنشر "ميغريت" اسمه لـ"أسباب أمنية"، ويطلق عليه اسم "يوست" في الفيديو.
وبحسب مديرة المنظمة روس يكيما، هناك رسالة من نشر الفيديو "لن يتم ترحيل يوست قسراً أبداً" وبالفعل نجحوا في ذلك.
ووفقاً لمنظمة "ميغريت" تم تصوير الفيديو في 20 أيار الماضي على متن طائرة في مطار سخيبول، وكانت وجهة الطائرة بلغاريا.
وكان الرجل قد فر إلى هولندا قبل أكثر من 6 أشهر قادماً من بلغاريا وبما أنه تم تسجيله لأول مرة فيها حيث تم إجباره من قبل الشرطة على "البصم"، فإن هذا البلد هو المسؤول عن إجراءات اللجوء وبالتالي يحق لهولندا إعادة طالب اللجوء إلى البلد الأول الذي وصل فيه إلى أوروبا خلال فترة زمنية معينة.
وقالت مديرة المنظمة يكيما في تصريحات لموقع "أر تي ال نيوز": "أردنا وقف الترحيل".
وكان من المقرر ترحيل الرجل إلى بلغاريا عبر رحلة جوية عادية وتمكنت المنظمة الحقوقية من حجز تذكرتين والصعود إلى الطائرة وعلى متن الطائرة، وقفت يكيما ومتطوعة ثانية للتظاهر ضد الترحيل حتى لا تتمكن الطائرة من الإقلاع.
وتصدت المتطوعتان من "ميغريت" للعنف المستخدم ضد اللاجئ السوري وتقول يكيما "لم نفكر مسبقاً في أننا سنسجل هذا"، مضيفة "لقد صدمت للغاية مما رأيته على متن الطائرة.. دائماً ما يكون هناك إكراه في مثل هذا الترحيل.. لكنني لم أكن أعلم أن هناك أيضاً عنفا جسديا.. يبدو أنه أمر شائع جداً!".
"اتهامات للشرطة بالعنف والعنصرية"
واتهمت المنظمة الهولندية على حسابها على فيسبوك الشرطة بممارسة "عنف" و"عنصرية" ضد طالب اللجوء السوري، الأمر الذي تسبب له بضيق التنفس والإغماء إلى أن وصلت ثلاث سيارات إسعاف ونقلته إلى المستشفى.
بدورها، قالت الشرطة العسكرية الملكية الهولندية على لسان الناطق باسمها في تصريحات صحفية إنه "تم إجراء تقييم للمخاطر"، وعلى هذا الأساس تقرر استخدام ما يسمى بـ"body-cuff"، وبالتالي يمكن ربط أذرع وأرجل الشخص، وأضاف "لا يتم استخدام العنف ما لم يكن هناك خيار آخر".
وأضاف الناطق باسم الشرطة العسكرية: "تم الأمر بسلاسة حتى نقله إلى الطائرة.. عند الصعود إلى الطائرة، كان هناك مقاومة شديدة من الشخص المعني.. ثم قام المرافقون بتطبيق تقنيات السيطرة وفقاً للتعليمات الرسمية، لنقل الشخص المعني بأمان واحترافية قدر الإمكان".
وبحسب الشرطة العسكرية، فإن السوري لم يفقد وعيه ولم يتعرض لأي إصابات، لكن يكيما تناقضه بذلك وتقول إنه فقد وعيه وأصيب بسبب عنف الشرطة، كما أظهرت الصور التي بحوزتها وجود كدمات وخدوش على جسد الرجل.
وتؤكد الشرطة الهولندية رواية منظمة "ميغريت" بأن طالب اللجوء نُقل في النهاية إلى المستشفى بواسطة سيارة إسعاف.
مصاب بـ"صدمة" ويريد البقاء مع شقيقيه
ووصفت يكيما وضع اللاجئ السوري بأنه سيئ وقالت "إنه مصاب بصدمة نفسية"، مضيفة "لقد تم اعتقاله وإساءة معاملته من قبل شرطة الحدود في بلغاريا.. لديه شقيقان في هولندا، ولهذا السبب لا يريد العودة ويريد البقاء هنا".
وطردت الشرطة العسكرية يكيما وزميلتها من الطائرة في أثناء احتجاجهما وعلى الرغم من العنف، فقد استطاعت المنظمة تحقيق هدفها، إذ دخل السوري في إجراءات اللجوء في هولندا بعد خروجه من المشفى.
وكان من المفترض ترحيل الرجل السوري قبل 21 أيار، لكن هذا الموعد لم يكن ممكناً بسبب دخوله إلى المستشفى. وتقوم "MiGreat" بالتحقيق فيما إذا كان يمكنها الإبلاغ أو تقديم شكوى ضد الشرطة العسكرية الملكية.
"تحرك في البرلمان"
وفي الأثناء، طرح حزبي "فولت" و"من أجل الحيوانات" أسئلة برلمانية حول "عمليات الترحيل الصادمة" وقالت النائبة في البرلمان عن حزب فولت، ماريكي كويكويك وفق موقع "ان بي او راديو1": "نريد إجابة لما حدث هنا وكيف يمكن أن تسير الأمور بشكل خاطئ إلى هذا الحد.. لدينا أيضاً أسئلة حول الأرقام المتزايدة، حيث ارتفع استخدام التدابير القسرية من 5٪ إلى 15٪؟ لماذا كل هذا".
وعلى الرغم من أن بلغاريا إحدى دول الاتحاد الأوروبي، إلا أنها لا تزال تعتبر دولة "غير مقبولة" للترحيل إليها.
وتقول يكيما إنه تم سجن يوست سابقاً في مراكز احتجاز غير إنسانية واضطر إلى التعامل مع الانتهاكات من قبل حرس الحدود، وتضيف: "يتم استخدام الكثير من العنف على الحدود لإبقاء طالبي اللجوء خارج البلاد، وفي هولندا أيضاً لإخراجهم من البلاد!".
وبدورها قالت ماريك كوكويك إنها بنفسها ذهبت سابقاً إلى الحدود الأوروبية وتؤيد كلام يكيما: "أنت ترى نفس الممارسات.. لدينا حدود مشتركة، لكننا في هولندا لسنا مستعدين لتحمل مسؤوليتنا وحراسة تلك الحدود بطريقة إنسانية!".
وأشار حزبي "فولت" و"من أجل الحيوانات" أيضاً في الأسئلة عن سياسة الترحيل القسري إلى موقف القضاء الهولندي من الوضع في اليونان، حيث طالب "مجلس الدولة الهولندي" قبل عامين بعدم إعادة اللاجئين إلى هناك، وتساءلت كوكويك قائلة: "عندما ننظر إلى ظروف الاستقبال في بلغاريا، ألا ينبغي لنا تطبيق ذلك هناك أيضاً".