يتلاعب أطباء أسنان ومخابر سنية في العاصمة دمشق وريفها بمواد التعويضات السنية، من تيجان وجسور وحشوات تجميلية وغيرها، من خلال الغش في طبيعة مواد تلك التعويضات وخصوصاً "الزيركون" والخزف، إذ لا يفرّق المرضى بينها نتيجة عدم معرفتهم بتركيبتها. وخصائصها
ويكتشف المرضى حالات الغش بعد مدة قصيرة من انتهاء التركيب، إذ تتعرض هذه التعويضات السنية للكسر أو الخلع، وتحتاج إلى إعادة معالجة. وهنا يقع المريض ضحية لما حدث له بعد تكبده تكاليف مادية باهظة.
حدث ذلك مع نور (39 عاماً) التي تقول لـ موقع تلفزيون سوريا: "لم يمضِ شهر واحد على تركيبي تلبيسة جديدة حتى انكسرت نصفين"، مضيفةً أنها راجعت طبيب أسنان آخر في الحارة التي تقطن فيها نتيجة سوء وضعها لتكتشف بأن التلبيسة ليست من مادة الخزف كما أبلغها طبيبها السابق.
وأوضحت نور أنَّ طبيبها الجديد تفاجأ بمادة التلبيسة ووصفها بأنها من "النوعية السيئة"، فهي ليست من الخرف ولا من "الزيركون" وإنما من المواد الرخيصة. وفي حين أن نور دفعت ثمن تلك التلبيسة 550 ألف ليرة على أنها خزفية؛ قالت إنها اضطرت لإعادة تركيب تلبيسة خزف جديدة بـ460 ألف ليرة.
غشّ في التركيب والتشخيص!
حال نور كحال كثيرين أجروا معالجات سنية ثم اضطروا لإجراء إعادة معالجة أسنانهم نتيجة استخدام أطباء الأسنان تعويضات سنية غير معروفة وسيئة التركيب.
وأفاد علاء (47 عاماً) لـ موقع تلفزيون سوريا بأنه اضطر لخلع تلبيسة زيركون بعد تركيبها نتيجة ألم وانتفاخ في الوجه بعد مرور نحو يومين من تركيبها. ويقول علاء إنَّ طبيبه أخطأ في سحب العصب لكنه لم يعترف بذلك، وأرجع السبب إلى وجود "خراج في الضرس وليس خطأ في سحب العصب"، على حد قول الطبيب.
من جهته، علّق طبيب الأسنان "لؤي" على تلك الحالات بالقول إنّ "مخابر التعويضات السنية تستخدم مواد رخيصة وتتلاعب بالتعويضات السنية وبتركيبتها"، مضيفاً في حديث لموقع تلفزيون سوريا بأن هناك مرضى أجرى لهم إعادة معالجة نتيجة لسوء التعويضات المستخدمة سابقاً.
وأوضح الطبيب المقيم في دمشق، بأنَّ ارتفاع كلفة المواد ومستلزمات مخابر التعويضات السنية خصوصاً المستورد منها، دفع معظم المخابر إلى الغش وتركيب جسور وتيجان وغيرها من التعويضات بمواد ذات نوعية سيئة، مؤكداً أن بعض أطباء الأسنان وكذلك المخابر يتاجرون بصحة المرضى بهدف "الترزق" من أوجاعهم، على حد وصفه.
ولفت إلى أن بعض أطباء الأسنان يتّبعون نظام المحاسبة بالدولار، خصوصاً لمن يحتاجون لزراعة الأسنان، حيث تبدأ كلفة الزرعة الواحدة من 350 دولاراً فما فوق. مضيفاً أن من يلجؤون إلى معالجة أسنانهم اليوم وإجراء عمليات زرع أو تجميل، هم في الغالب من السوريين المقيمين في الخارج ويأتون لزيارة ذويهم.
حشوة السن تتجاوز الراتب
ويعاني مرضى الأسنان من ارتفاع كلفة المعالجة، إذ تبلغ كلفة علاج سحب عصب مع حشوة دائمة من دون تلبيس نحو 350 ألف ليرة سورية، أي بما يتجاوز راتب موظف حكومي، بينما تبلغ كلفة إعادة المعالجة وسطياً بين 250 و550 ألفاً بحسب الطبيب وموقع عيادته.
أما تلبيسات الأسنان، فتتراوح بين 550 ألف ليرة للخزف، ومليون ونصف المليون ليرة للزيركون، وسط تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي للسوريين ووقوع أكثر من 90 في المئة منهم تحت خط الفقر وفقاً لتقديرات المنظمات الأممية.