icon
التغطية الحية

متجاهلة كل القوانين.. شركات تعقيم تستغل أطفالاً لزجهم بالعمل في مشافي دمشق

2024.07.23 | 06:11 دمشق

آخر تحديث: 23.07.2024 | 06:11 دمشق

مشفى المواساة
مشفى المواساة في دمشق ـ إنترنت
دمشق ـ نور عيسى
+A
حجم الخط
-A

فوضى وعشوائية كبيرة تعاني منها معظم قطاعات العمل في مناطق سيطرة النظام، إلا أن أكثرها بؤساً وإجحافاً تلك المتعلقة بما تقوم به شركاتُ تعقيم وتنظيف المشافي التي تتعمد توظيف أطفال لم تتجاوز أعمارهم 12 عاماً كعمال تعقيم وتنظيف في أكثر وأشد الأماكن خطورةً، ضاربةً بعرض الحائط كل التشريعات التي تحرم عمل الأطفال، وغير آبهةٍ بما تتركه  تلك المهن من آثار خطيرة على  صحتهم.

استغلال وتواطؤ

د.فراس (طلب عدم ذكر اسمه كاملا) طبيب يعمل في إحدى أكبر المشافي التابعة لوزارة صحة النظام، أكد لموقع تلفزيون سوريا أن وجود الأطفال في غرف العمليات أو المرضى ليس بالأمر الجديد، معتبراً أنه مشهد اعتيادي في المشافي سواء الحكومية أو الخاصة.

وأوضح مفصلا المخاطر الصحية التي قد يتعرض لها الأطفال من جرَّاء عملهم في المستشفيات، قائلاً "إذا كنا نحن ككادر طبي وتمريضي نعاني ما نعانيه من نقصٍ كبير في مواد التعقيم والمستلزمات الطبية التي من البدهي جداً توافرها في المستشفيات، فكيف هو الأمر بالنسبة لهؤلاء الأطفال؟". مبيناً بأن إمكانية تعرضهم لخطر الإصابة بالإنتانات أو ما يعرف طبياً بعدوى المشافي مرتفعٌ جداً،  خاصةً وأنها قد تصيب  أي شخص قد يوجد في المشفى بغض النظر عن عمره، حيث من الممكن أن تعرضه لعدوى الإصابة بأمراض خطيرة، قد تصل في أحيانٍ كثيرة لخطر الوفاة!".

شركات التعقيم تستغل الأطفال والعمال

وأضاف أن مسببات العدوى قد تأتي بعدة أشكالٍ وطرق ومن مصادر متنوعة مثل الهواء أو الماء أو المرضى أنفسهم أو حتى الكادر الطبي، ومن خلال التماس المباشر مع الأدوات والأسطح التي تعتبر المصدر الرئيسي للعدوى ونقل الميكروبات، خاصة مع غياب تام للإجراءات ومستلزمات التعقيم التي تمنع العدوى، إضافة إلى رفض تلك الشركات تقديم وسائل ومستلزمات  الحماية الضرورية للعمال مستغلة أوضاعهم المادية الصعبة وليقينها بأنهم سيعملون مهما كان ظرف العمل صعبا أو خطيرا، مضيفاً بأن أكثر أنواع العدوى الجرثومية تتمثل بتلك التي تصيب الجهاز البولي والتنفسي والهضمي.

الطبيب أكد عدم اتباع والتزام شركات التعقيم لقواعد صارمة تحافظ من خلالها على صحة عمالها، وتحديداً الأطفال الذين يشكلون نسب كبيرة من العمال، خاصةً وأن هؤلاء الأطفال يعملون بمعدل 12 ساعة كـ وردية كاملة مقابل 200 ألف ليرة سورية كحد وسطي، مؤكداً بأن ما يحصل بحقهم من قبل تلك الشركات بتواطؤ مع إدارات المشافي يعتبر جريمةً بحد ذاته.

الأطفال يواجهون خطر النفايات الطبية

تغريد (طلبت عدم ذكر اسمها كاملا) ممرضة تعمل في مشفيين حكومي وخاص تقول لموقع تلفزيون سوريا إن وجود الأطفال في غرف العمليات لتنظيفها بعد الانتهاء من العملية أمرٌ غير  إنساني، خاصةً أنهم ينظفون آثار الدماء والمخلفات الناجمة عن العمليات وفي كثيرٍ من الأحيان من دون أي وسائل حماية كالكفوف والمعقمات وغيرها.

وتؤكد أن ذلك يحدث رغم معرفة كل تلك الجهات بخطر النفايات الطبية وما قد تسببه من عدوى وأمراض قاتلة، قائلةً "قد يكون الأمر مفهوما في المستشفيات الخاصة التي تسمح بعمل الأطفال وتسعى جاهدةً لتحصيل أرباح بكل الطرق والوسائل، أما في الحكومية فالسبب واضح جداً، ويتعلق بالمناقصات التي تتنافس الشركات للفوز بها، بعد دفع رشى للإدارات، لتتم بعدها الصفقات التي تسمح من خلالها الإدارات بتوظيف الأطفال في المشافي، لتضرب خلالها الشركات عصفورين بحجر واحد كما يقال، الأول يد عاملة رخيصة جداً لا يلزمها أي تأمينات صحية، إضافة إلى ضمان الحصول على المناقصة بالسعر الأفضل والأنسب لها".

وتشدد الممرضة على أن الجهات الرسمية التي تدعي منع وفرض قوانين تمنع عمالة الأطفال، لن تحتاج لبذل أي مجهود لرصد تلك الظاهرة، فالأطفال يعملون في المستشفيات بشكل علني ويمكن لأي شخص زائر أو مريض أن يراهم يجرون عرباتهم المليئة بأدوات التنظيف في المصاعد أو بين الطوابق أو في المطابخ وغرف المرضى وحتى مكاتب المديرين ومعاونيهم.

استغلال رسمي للأطفال السوريين في سوق العمل

في الواقع فإن معظم سياسات العمل الحالية في مناطق سيطرة النظام تنصب على استغلال الفئات الأكثر ضعفاً وتهميشاً في المجتمع، كالمسنين والأرامل والأطفال بشكلٍ خاص، الذين لم تنصفهم القوانين والتشريعات التي تم سنها لحمايتهم، فعلى الرغم من منع قانون العمل رقم 17 لعام 2010 عمل الأطفال، إضافة إلى  منع قانون أقره مجلس الشعب في 2020 تشغيل الأطفال ما دون سن الخامسة عشر، إلا أن القانون 17 عاد وسمح لاحقاً في فقراته بعمل الطفل ست ساعات كحد أقصى بموافقة ولي أمره، وفق ما أكده أحد المحامين لموقع تلفزيون سوريا، والذي أكد بأن النسب المتعلقة بعمالة الأطفال وصلت لأكثر من 20% وهي نسبة كبيرة جداً وفق إحصائيات غير رسمية، خاصةً وأنها تستهدف الأطفال من 7سنوات إلى 15.

ووفقاً لتقديرات أممية فإن نسبة الأطفال العاملين بلغت 25% من إجمالي نسبة العاملين في مناطق النظام، في السنوات 12 الماضية، علماً أنها لم تكن قبل عام 2010 تتجاوز 10% ما يعني تضاعفها، وبالتالي زيادة كبيرة لدخول الأطفال إلى سوق العمل، الأمر الذي ترك آثاراً سلبية خطيرة جداً على جيل كامل من الأطفال، لا تتوقف عند عدم قدرتهم على إكمال تحصيلهم الدراسي بل تتجاوزه لآثار نفسية وجسدية تنذر بما هو أخطر بكثير في السنوات القادمة.