أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم أمس الخميس، عن رفع الحد الأدنى للأجور إلى 8500 ليرة تركية، وهو ما تجاوز التوقعات التي كانت ترجح رفعها إلى 7800 ليرة تركية.
وتعد مسألة الحد الأدنى للأجور من أهم القضايا التي تشغل الطبقة العاملة في تركيا، ومن بينهم السوريون الذين يعملون في قطاعات صناعية عديدة، على رأسها قطاع صناعة الملابس الجاهزة، حيث نقلوا خبراتهم في هذا القطاع عند لجوئهم إلى تركيا.
أفاد رمضان كايا، الذي يشغل منصب رئيس جمعية مصنعي الملابس الجاهزة التركية (TGSD) بأن كلفة الحد الأدنى للأجور بالنسبة لصاحب العمل ارتفعت من 410 دولارات إلى 630 دولاراً بعد الزيادة الأخيرة التي أعلن عنها الرئيس التركي.
ويعتبر "كايا" أن قرار رفع الحد الأدنى للأجور سيؤثر سلباً على العاملين في قطاع صناعة الملابس الجاهزة، وبأن خسارة السوق أمر لا مفر منه: "ليست لدينا فرصة للتنافس مع دول مثل بنغلاديش وفيتنام والهند وكمبوديا بكلفة 630 دولاراً"، متوقعاً خسارة إجمالية للوظائف تبلغ نحو 10 في المئة.
وبينما يحتل السوريون حيزاً مهماً في هذا القطاع، كيف سيكون مستقبلهم الوظيفي في ظل هذه التصريحات، وما هي حظوظهم خلال الفترة القادمة، خاصة مع وجود نسبة كبيرة منهم يعملون بلا تصاريح عمل، فبحسب وكالة (بلومبيرغ) يوجد أكثر من مليون سوري يعملون تحت وضع الحماية المؤقتة في تركيا.
السوريون يحتلون الصدارة في صناعة الملابس
في استطلاع صادر عن وقف أبحاث السياسات الإقتصادية التركية (TEPAV) ونشرت نتائجه في شهر شباط من العام 2021 الماضي، خلُص إلى أن 93 في المئة من السوريين الذين لجؤوا قبل نحو عشر سنوات إلى تركيا كانت لديهم مهنهم الخاصة، إلا أن معظمهم لا يعمل بشكل رسمي في البلاد.
وأوضح الاستطلاع الذي أجري في الولايات التركية (أضنة - بورصة - غازي عنتاب - هاتاي - إسطنبول - إزمير - قيصري - كلّس - قونية - ماردين - مرسين - شانلي أورفا) والتي تضم النسبة الأكبر من السوريين في البلاد، أن 81.1 في المئة منهم كانوا يعملون بمهنهم في سوريا، و 43 في المئة لديهم عشر سنوات أو أكثر من الخبرة في مهنتهم.
وبحسب التصنيف المعياري الدولي للمهن الصادر عن منظمة العمل الدولية، لوحظ أن 59.2 في المئة من العاملين السوريين في تركيا يصنفون ضمن فئة "الحرفيين"، حيث يظهر التصنيف في تحليله أن قطاعي "النسيج وصناعة الملابس الجاهزة" من خياطين ومشغلي ماكينات خياطة ومطرزين إلى جانب "البناء" احتلوا الصدارة بالنسبة للعاملين السوريين.
وأظهر التصنيف الذي اعتمد على دراسة حالة العمالة السورية في السوق التركية، أن 2.7 في المئة فقط من السوريين في تركيا لديهم تصريح عمل، و28.3 من السوريين غير المسجلين يعملون في وظائف غير منتظمة وليس لديهم دخل دائم والتي تكون في الغالب بقطاع الملابس الجاهزة والأحذية، حيث يعمل واحد من كل ثلاثة سوريين في هذا القطاع.
السوريون أول المتضررين.. ولكن!
أشار تقرير صادر عن مكتب منظمة العمل الدولية في تركيا، إلى أن معدلات التشغيل غير الرسمية زادت مع قدوم السوريين إلى تركيا، خاصة في قطاع النسيج والملابس الجاهزة، وهو ما يحمل دلالة على أن السوريين هم أول المتضررين في حال تأثر معدل التوظيف في هذه القطاعات، وانخفض بنسبة 10 في المئة حسبما أفاد رمضان كايا رئيس جمعية مصنعي الملابس الجاهزة التركية.
إلا أن سيبال كاراداغ، الأكاديمية لدى قسم العلوم السياسية والإدارة العامة في جامعة (Kadir Has) التركية، أفادت بأن اللاجئين الذين يشكلون أكثر من 80 في المئة من العمالة غير المسجلة (لا يملكون إذن عمل) في البلاد، طوروا منهجية خاصة بهم بشكل تدريجي للدفاع عن أنفسهم.
ونقلت "كاراداغ" عن أصحاب العمل قولهم: "لم يعد بإمكاننا توظيف سوريين كما كان سابقاً، نحن بحاجة للبحث عن غيرهم"، وهو ما تفسره بأن أصحاب العمل يمكن أن يستبدلوا اللاجئين السوريين بالمهاجرين الأفغان والباكستانيين الذين دخلوا بكثرة إلى البلاد خلال الفترة الماضية.
يمكن القول بأن اللاجئين السوريين ربما سيواجهون "صراعاً" جديداً من أجل الإستفادة من الحد الأدنى للأجور الجديد في تركيا، وهو ما يعتبر مهمة صعبة خاصة أن معظمهم غير مسجلين (لا يملكون إذن عمل) في تركيا، وهو ما يسهل على صاحب العمل الاستعاضة عنهم بسبب ارتفاع تكاليف تسجيلهم ومنحهم تأميناً اجتماعياً.