أفادت مصادر لـ موقع تلفزيون سوريا بأنّ وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة أصدرت قراراً يحظر دخول الصهاريج المحمّلة بمادة "الفيول" والقادمة من مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية (قسد)" إلى مناطق سيطرة الجيش الوطني السوري.
وقالت المصادر إنّ القرار وصل، منذ شهر تقريباً، إلى إدارة "معبر الجطل" الذي يفصل بين مناطق سيطرة الجيش الوطني ومناطق سيطرة "قسد" في المنطقة بين جرابلس ومنبج شرقي حلب.
والقرار "الغامض" -وفق المصادر- يمنع دخول جميع الصهاريج التي تحمل مادة "الفيول" (النفط الخام) إلى حرّاقات تكرير النفط في منطقة ترحين غربي مدينة الباب في ريف حلب الشرقي.
نحو 360 صهريج "فيول" متوقّف عند معبر الجطل؟
وأدّى هذا القرار الذي لم توضّح "المؤقتة" أسبابه، إلى توقّف نحو 360 صهريجاً يحمل "الفيول" عند معبر الجطل، منذ أسابيع، كما أدّى إلى ارتفاع سعر المحروقات في الشمال السوري.
وتنتظر الشاحنات "حلاً" يسمح لها بالدخول لـ تفريغ حمولتها، لكن "المؤقتة" تشترط التفريغ بأن يكون داخل صهاريج أُخرى موجودة في مناطق سيطرة الجيش الوطني، والتي بدورها تنقلها إلى حرّاقات النفط في ترحين.
— تلفزيون سوريا (@syr_television) June 20, 2023
وقال أحد سائقي صهاريج "الفيول" خليل الدبش لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّه ينتظر دخوله إلى منطقة ترحين، منذ شهر تقريباً، ولم يتمكّن من ذلك بسبب قرار إدارة "معبر الجطل"، الذي يتطلب تفريغ حمولته في صهريج آخر.
وأضاف "أبو محمود الصوص" - صاحب حرّاقة تكرير نفط - أنّ الحرّاقات في ترحين متوقّفة حالياً بسبب قرار منع دخول صهاريج "الفيول"، وقرار تفريغها في صهاريج أُخرى غالباً سيتسبّب بارتفاع أسعار المازوت في الشمال السوري، لأنّ كلفة تفريغ الطن الواحد تصل إلى 20 دولاراً.
لـ"منع تهريب المخدرات والمتفجرات"
بحسب المصادر فإنّ شرط وزارة الدفاع بتفريغ مادة "الفيول" بشاحنات أُخرى قبل دخولها إلى مناطق سيطرتها، غالباً هو لـ"منع تهريب المخدّرات والمتفجرات"، خاصةً أنّ "قسد" متهمة بإدخال ملغّمات أدّى تفجيرها إلى وقوع عشرات الضحايا من المدنيين.
وذكرت المصادر أنّ "الفيول" مادة شبه صلبة لا يمكن تفتيشه بدقه من دون تذويبه، وهذه العملية تتطلب وجود حرّاقات في منطقة تجمّع الشاحنات، وهي في الوقت ذاته عملية صعبة بسبب ضيق المكان وعدد الشاحنات الكبير، فضلاً عن أنّها تشكّل خطراً كبيراً بين الصهاريج، بسبب رداءة المادة، التي تحتاج إلى درجة حرارة عالية جدّاً لتصبح لزجة.
كذلك فإنّ قرار تفريغ "الفيول" سيؤدّي إلى ارتفاع كبير في أسعار المحروقات بالمنطقة، إذ أوضح أحمد المحمود - صاحب كازية وفلترة مازوت - لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّ سبب ارتفاع أسعار المازوت هو توقّف عمل حرّاقات تكرير النفط.
وأضاف أنّه في حال سُمح بدخول الصهاريج واستئناف عمل حرّاقات تكرير النفط، قد يتراجع سعر برميل المازوت إلى أقل من 100 دولار، الذي وصلت أسعاره حالياً إلى نحو 107 دولارات للبرميل الواحد.
"معبر الجطل"
افتتح "معبر الجطل"، أواخر 2017، في قرية الجطل (الشعيب) التابعة لبلدة الغندورة في منطقة جرابلس شمال شرقي حلب، ويربط بين مناطق سيطرة "قسد" ومناطق سيطرة الجيش الوطني.
وقالت إدارة "فرقة السلطان مراد" التي تسيطر عليه، في بيان افتتاحه حينئذ: إنّ "المعبر إنساني غير ربحي، يهدف لمساعدة المدنيين على التنقّل، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى أهالي الرقة ودير الزور".
وكان الهدف من افتتاحه - وفق المصادر - هو "المضاربة" على "معبر الحمران" القريب والذي كانت تسيطر عليه "الجبهة الشامية (الفيلق الثالث)"، والعمل على تحويل عمليات الحركة التجارية - خاصةً صهاريج "الفيول" - وما يترتب عليها من مبالغ مالية كبيرة للمعبر الجديد، إلّا أنّه أغلق، مطلع العام 2018، بعد خلافٍ بين الفصائل.
وفي أواخر شهر آب من العام 2022، تجدّد الخلاف بين "الفيلق الثالث" و"هيئة ثائرون للتحرير" بقيادة "فرقة السلطان مراد" ووصل إلى حشد قواتهما باتجاه "معبر الجطل"، على خلفية اتهام "ثائرون" للفيلق بأنّه وراء دفع "قسد" إلى إغلاق المعبر من جانبها.
ويبدو أنّ "السلطان مراد" أعاد افتتاح "معبر الجطل" مجدَّداً، بعد انتزاع "معبر الحمران" القريب، الذي سيطرت عليه "حركة أحرار الشام/ القطاع الشرقي" على "معبر الحمران" القريب، بمساندة من "فرقة الحمزة (الحمزات)، وفرقة السلطان سليمان شاه (العمشات)".
اقرأ أيضاً.. لماذا تحالفت "تحرير الشام" مع "الحمزات والعمشات"؟ وما السيناريوهات القادمة؟
اقرأ أيضاً.. اتصالات بين "تحرير الشام" و"قسد".. اقتصاد وسياسة ثم إدارة مدنية مشتركة
وتحوّلت حركة صهاريج "الفيول" من "الحمران" إلى "الجطل"، خاصةً أنّ مورّدي "الفيول" (محمود خليفة، حسن خليفة، حسن كامل)، هم شركاء "السلطان مراد"، وعند افتتاح "معبر الجطل" مجدّداً، كان مجاناً لمدة شهر، بهدف "المضاربة" على "معبر الحمران" وإغلاقه.
وكانت وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة قد أعلنت، مطلع آذار الماضي، أنها تسلمت إدارة معبر "الحمران" -أبرز معابر تهريب المحروقات في ريف حلب- بعد اتفاق مع "حركة أحرار الشام/ القطاع الشرقي (أحرار عولان)"، لكن مصادر عسكرية أكّدت أنّ "الاتفاق لم يتم بعد".
وكان "معبر الحمران" يحظى بأهمية كبيرة، على اعتبار أنّه كان "المعبر الوحيد الذي يمر عبره النفط الخام (الفيول) القادم من مناطق سيطرة "قسد" شمال شرقي سوريا، إلى مناطق سيطرة الفصائل في شمال غربي سوريا.
وفي منطقة ترحين القريبة من معبري "الحمران والجطل" بنحو 30 كيلومتراً، تعمل عشرات حرّاقات تكرير النفط، ولكن مؤخّراً اشتكى أصحابها من أنّ "هيئة تحرير الشام" تحاول احتكار تجارة المحروقات في عموم شمال غربي سوريا، ووضع يدها على جميع الحرّاقات في المنطقة.
اقرأ أيضاً.. بوادر معركة قادمة.. "تحرير الشام" تستنسخ تجربة وتد شمالي حلب عبر أذرعها
وبحسب مصادر لـ موقع تلفزيون سوريا، فإنّ "تحرير الشام" حاولت، مؤخّراً، ترسيخ سيطرتها على سوق المحروقات في مناطق نفوذ الجيش الوطني بريف حلب عبر أذرعها المتمثلة بـ"أحرار عولان" وشخصيات أمنية واقتصادية أخرى.