icon
التغطية الحية

لماذا تهيمن قضية الهجرة واللجوء على الحملات الانتخابية في النمسا؟

2024.05.10 | 06:49 دمشق

7688888888888888888888888
أندرياس بابلر وهانز بيتر دوسكوزيل من "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" في النمسا (د ب أ)
دير شبيغل - ترجمة وتحرير موقع تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

بدأت منذ الأسبوع الفائت الحملات الانتخابية في النمسا استعداداً لانتخابات عام 2024، والتي تشمل انتخابات برلمان الاتحاد الأوروبي المقررة في بداية حزيران المقبل، وانتخابات البرلمان الوطني المقررة في أيلول المقبل.

لكن على الرغم من وجود العديد من القضايا المهمة، فإن النزاع حول اللاجئين يبدو أنه سيهيمن على المشهد الانتخابي بالنسبة للأحزاب والناخبين، في الأسابيع والأشهر المقبلة.

ويوم الإثنين، أعلن المستشار الاتحادي النمساوي، كارل نيهامر، أنه يعتزم تشديد الرقابة على لم شمل اللاجئين عن طريق اختبارات الحمض النووي. وقال إن هذه الخطة أعدها حزب الشعب النمساوي، الذي يتزعمه، تهدف لاستخدام اختبارات الحمض النووي على اللاجئين كلما كان هناك أي شك بشأن أوراقهم عند دخول البلاد، معتبراً أن لم شمل الأسر هو "التحدي التالي الذي تواجهه حكومته".

ورغم وجود العديد من المشكلات الأخرى التي يمكن أن تتنافس الأحزاب في النمسا على حلها كالتعليم، والصحة، والإسكان، والتضخم وغيرها. فما تزال القضية الأكثر إثارة للمشاعر هي الهجرة، وخاصة تلك التي توصف بأنها هجرة غير شرعية والتي عادة ما تختلط مع قضية اللجوء.

ولا توجد قضية أخرى بهذه السهولة في إثارة الخوف والكراهية والاستياء، ولا توجد قضية أخرى يصعب إيجاد إجابات بناءة وهادفة وواعدة لها مثل هذه القضية المعقدة - من اللجوء إلى الهجرة والاندماج. وهذا يجعل من الصعب جداً على الأطراف الأخرى شرح مقارباتها ومواقفها وطرحها للنقاش.

توجهات مختلفة داخل الأحزاب

في النمسا، تخلى حزب الخضر منذ فترة طويلة عن هذه المسألة، معتقدين على ما يبدو أنه لا يوجد شيء يمكن الاستفادة منه على أي حال. ومن المعروف أن حزب الخضر يؤيد حقوق الإنسان وسيادة القانون، وهذا ينطبق أيضاً على قضايا اللجوء؛ ويبدو أن حزب الخُضر في النمسا قد تخلى منذ فترة طويلة عن هذه القضية؛ معتقدين أنه لا يمكن تحقيق أي مكاسب من وراء هذه المسألة، ومن المعروف أن حزب الخضر يدعم حقوق الإنسان وسيادة القانون، وهذا ينطبق أيضاً على قضايا اللجوء؛ ولكن عندما تصبح الأمور أكثر تعقيداً، مثل التعامل مع الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم جنائية خلال إجراءات اللجوء، يلتزم حزب الخضر الصمت.

بالنسبة لأندرياس بابلر رئيس "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" ثاني أكبر حزب في النمسا، فإنه يشغل منصب عمدة مدينة ترايسكيرشن، وهي المدينة التي تضم أكبر مخيم للاجئين في النمسا، لسنوات عديدة، وهو حتماً على دراية بالمشكلات التي تتراوح بين إجراءات اللجوء والإقامة وسوق العمل والاندماج.

ومع ذلك، من الصعب تحديد موقف "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" ويرجع ذلك أيضاً إلى وجود توجهات مختلفة داخل الحزب، فحاكم ولاية بورغنلاند، هانز بيتر دوسكوزيل، الذي خسر أمام بابلر في السباق على رئاسة الحزب، يؤيد موقفاً متشدداً جداً، وذلك من أجل كسب الناخبين، فهو يؤيد وضع حد أعلى لطلبات اللجوء يبلغ 10 آلاف طلب لجوء فقط سنوياً، في حين يرى بابلر أن وضع حد عددي هو أمر غير وارد، لأن ذلك سيتعارض على الأرجح مع المعايير الدستورية.

ويؤيد زعيم "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" التوزيع العادل لطالبي اللجوء في أوروبا، ولكنه يفضّل أن يكون التوزيع في النمسا مختلفاً، فهو يرى أن العديد من المشكلات الموجودة الآن ستختفي في حال تطبيق آلية توزيع طالبي اللجوء على الولايات الفيدرالية بشكل عادل ومناسب.

إن اقتراح بابلر توزيع طالبي اللجوء على الولايات الاتحادية، لن يرضي الولايات التي يديرها حزب الشعب النمساوي، على وجه الخصوص، حيث سيتعين عليها عندئذٍ رعاية عدد أكبر نسبياً من اللاجئين. ومن ناحية أخرى، سيخفف ذلك العبء عن ولاية فيينا التي يقودها حزب بابلر. وبالتالي فإن المنافسة السياسية تقف عائقاً في طريق الحل المشترك.

ضعف تنسيق الأحزاب فاقم أزمة اللاجئين

ويمكن ملاحظة ضعف التنسيق بين "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" و"حزب الشعب النمساوي" في هذا المجال من خلال مسألة لم شمل أسر اللاجئين، والتي شكلت خلال الأشهر الماضية مشكلة كبيرة بالنسبة لفيينا التي يقودها "الحزب الاشتراكي الديمقراطي"، وخاصة في قطاع المدارس.

وكانت وزارة الداخلية التي يتولى مسؤوليتها حزب "الشعب النمساوي" والمسؤولة عن تحليل أرقام إجراءات اللجوء بدقة شديدة، على علم مسبق بعواقب العدد الكبير من طالبي اللجوء، وخاصة السوريين، منذ ستة أشهر أو أكثر، ثم واجهت فيينا فجأةً - ومن دون سابق إنذار - مشكلة عدم وجود أماكن في المدارس وقلة عدد المدرسين الذين التحقوا بالمدارس خلال العام الدراسي.

ورغم أن عدد طلبات اللجوء كانت أقل بكثير في النمسا هذا العام عن العام الماضي، فإن نحو نصف هذه الطلبات قدمها أطفال قاصرون غير مصحوبين بذويهم، ما يزيد احتمالية لم شمل عائلاتهم، وبالتالي مزيد من الضغط على المدارس.

وينوي "حزب الشعب النمساوي" البدء بالعمل بالقانون في أقرب وقت، بينما لن يحتاج لموافقة شركائه في الائتلاف الحاكم، وبالمقابل أعلن حزب الخضر أنه لن يكون جزءاً من هذه الخطة، التي اعتبر أنها تحوي "حقداً" من بعض الأطراف.

واقترح "حزب الشعب النمساوي" أيضاً إجراءات أخرى للحد من تدفق اللاجئين، كالسماح لأفراد عائلات اللاجئين بدخول البلاد بشرط تمكنهم من إعالة أنفسهم، لكن اعتماد مثل هذه الاقتراحات تحتاج لموافقة على مستوى الاتحاد الأوروبي.