أطلقت الصحافة اللبنانية في الآونة الأخيرة تقارير عديدة تناولت فيها ما وصفتها بـ "عمليات تهريب الدولار من لبنان إلى سوريا" ووضعها ضمن سياق أسباب الانهيار المتزايد لسعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي، حيث تخطى عتبة الـ47 ألف ليرة للدولار الواحد خلال فترة أعياد نهاية السنة الحالية.
وتتزامن التقارير عن التهريب من لبنان إلى سوريا مع تهاوي سعر صرف الليرة السورية أيضاً أمام الدولار، ومعاناة مختلف مناطق سيطرة النظام السوري من شحّ المشتقات النفطية وارتفاع أسعارها بشكل خيالي.
ومنذ أيام، اعلن مصرف لبنان المركزي في بيان له أن "ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي خلال فترة الأعياد ناتج عن عمليات مضاربة وتهريب الدولار خارج الحدود"، من دون أن يحدد "سوريا".
تبديل الليرة السورية بالدولار في لبنان
ووفق تقرير نشره موقع "العربية نت" اليوم الجمعة، أفاد النائب السابق لحاكم مصرف لبنان محمد بعاصيري بأن "المقصود بتهريب الدولار إلى سوريا توجّه تجار سوريين إلى منطقة شتورا في البقاع القريبة من الحدود السورية محمّلين بكميات كبيرة من العملة السورية لتبديلها بالدولار".
وأوضح أن "كل دولار أميركي يساوي اليوم نحو 7 آلاف ليرة سورية، فيأتي التاجر السوري ويعرض على الصرّاف اللبناني في منطقة شتورا شراء الليرة السورية بكلفة أقل، فيقوم بعدها الصرّاف ببيعها لعمّال سوريين في لبنان بسعر أعلى"، على حد زعمه.
وأشار بعاصيري إلى أن "سوريا تخضع لحصار اقتصادي، وبالتالي فإن لبنان الأقرب إليها جغرافياً للحصول على الدولار، لذلك فإن الاقتصاد اللبناني بات أخيراً يموّل جزءاً من الاقتصاد السوري".
الدولارات بسيارات "حزب الله"!
ونقل التقرير عن مصادر وصفها بـ "المطّلعة" أن "قصة تهريب الدولار إلى سوريا ليست محصورة بمنطقة شتورا في البقاع التي تضم عدداً كبيراً من محال الصيارفة معظمهم محسوبون على حزب الله، بل تشمل مناطق لبنانية حدودية في شمال لبنان، حيث تنشط عمليات تهريب الدولار بكميات كبيرة إلى الداخل السوري".
وأضافت المصادر: "أن كميات من الدولار تنتقل من لبنان إلى سوريا عبر المعابر الحدودية شمالي لبنان بواسطة سيارات خاصة ذات زجاج داكن (فيميه) لا تخضع للتفتيش حصل أصحابها على تسهيلات بالدخول والخروج".
"الليرة السورية في لبنان لإرسالها إلى سوريا"!
من جانبه، زعم الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمّود "أن هناك إقبالا على شراء العملة السورية في لبنان، بسبب وجود آلاف السوريين في لبنان الذين يشترون الليرة السورية لإرسالها إلى ذويهم في سوريا"، وفق ما نقل المصدر.
ويعدّ النائب عن الحزب التقدمي الاشتراكي هادي أبو الحسن أوّل من أثار قضية تهريب الدولار خارج الحدود، حين غرّد عبر حسابه على تويتر قائلاً: "الدولار يُهرّب إلى سوريا من قبل عصابات التهريب وسعره إلى ارتفاع جنوني ومن دون ضوابط، بدل التلهي بالمناكفات السياسية والفبركات القضائية، قوموا بواجباتكم بملاحقة تلك العصابات وأوقفوها".
#الدولار يهرّب الى سوريا من قبل عصابات التهريب وسعره الى ارتفاع جنوني ومن دون ضوابط، بدل التلهيّ بالمناكفات السياسية والفبركات القضائية، قوموا بواجباتكم بملاحقة تلك العصابات واوقفوها، لكن يبدو الارتهان والاستعراض الإعلامي يغريكم !
— Hadi Aboul Hosn (@HadiAboulHosn) December 22, 2022
وأفاد أبو الحسن لـ العربية نت: "بأن حقائب كبيرة محملة بالدولار خرجت أخيراً من سوق شتورا للصرافين باتّجاه سوريا، وهو ما أخبرنا به شهود عيان". وأضاف أن "هناك صرّافين لبنانيين يشترون العملة السورية بسعر منخفض ويبيعونها لاحقاً بسعر مضاعف، كما يشترون سلعاً مهربة من سوريا (دواجن وخضار...) بالدولار لتنافس الصناعات المحلية".
وبحسب أبو الحسن، فقد تم إهدار "20 مليار دولار من احتياطي مصرف لبنان لدعم سلع وبضائع تم تهريبها إلى سوريا خلال السنوات الثلاث الأخيرة. واليوم ونتيجة الأزمة المستفحلة التي تعصف بسوريا ونتيجة الحصار، ازدادت الحاجة إلى العملة الصعبة فتم اللجوء إلى السوق اللبنانية للحصول على الدولار رغم حاجة اللبنانيين إليه"، وفق ما نقل المصدر.