قدّر الخبير الاقتصادي، سمير طويل، الإيرادات التي يحققها النظام السوري من التهريب عبر المعابر غير الشرعية بين سوريا ولبنان بما يقارب 300 مليون دولار سنوياً.
ولفت في تصريح لموقع تلفزيون سوريا إلى أن هذه النسبة تقريبية، إذ إنه لا يمكن الحصول على أرقام دقيقة تتعلق "باقتصاد الظل"، مشيراً إلى أن حجم التبادل التجاري المعلن بين البلدين يبلغ نحو 100 مليون دولار.
ويتم تعريف اقتصاد الظل على أنه "الاقتصاد غير الرسمي الذي يضم جميع النشاطات خارج مجال الاقتصاد الرسمي. ويشير بشكل خاص إلى قطاع الدخل العام والذي تكون فيه أنواع معينة من الدخل ووسائل إدارتها غير مضبوطة من قبل مؤسسات المجتمع في بيئة قانونية واجتماعية".
وبحسب "طويل"، يستفيد النظام من تلك المعابر لإدخال بعض المستلزمات، والالتفاف على قانون قيصر، مشيراً إلى أن تهريب المخدرات الذي نشط بعد عام 2011 بين البلدين شكّل مورداً مالياً مهماً للنظام السوري.
الأسلحة والمخدرات في الصدارة
بدوره قال مصدر عسكري في قيادة الجيش اللبناني لموقع تلفزيون سوريا إن هناك نحو 120 معبرا غير شرعي تمتد على طول السلسلة الجبلية بين لبنان وسوريا، غالبية تُستخدم للعمليات العسكرية لحزب الله والفرقة الرابعة، كما تستخدم بعضها لتهريب المدنيين إلى جانب السيارات والأدوية.
ويشير المصدر إلى أن معظم المعابر ترتكز في منطقتي البقاع والهرمل في الأراضي اللبنانية، حيث تنشط زراعة "الحشيشة" على أنواعها، وبالتالي تستخدم المعابر لتهريب المخدرات وتمرير القوافل العسكرية بالدرجة الأولى، لافتاً إلى أن حزب الله استغل بيئة المواقع الجبلية في تلك المنطقة وحفر عدة أنفاق تربط سلاسل الجبال اللبنانية – السورية، بعيداً عن أنظار طائرات المراقبة الإسرائيلية.
وتمتد المعابر من منطقة وادي خالد شمالي لبنان، مروراً بجوسية ورأس بعلبك وجرود الهرمل في البقاع، وصولاً إلى بلدة عرسال، ومعبر المصنع وبلدة يانطة في دير العشائر.
ويرى المصدر أن الجيش اللبناني لا يستطيع ضبط تلك الحدود ووقف عمليات التهريب بسبب سيطرة حزب الله الكاملة، علماً أن بريطانيا قدمت في وقت سابق أبراج مراقبة للجيش اللبناني لوقف التهريب، إلا أنه لم يتم استخدامها.
وفي السياق، طالبت الأمم المتحدة البلدين بنشر قوات أممية على الحدود، إلا أن مطلبها قوبل برفض الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، الذي صرح أن تلك المعابر تستخدم للقوافل الإنسانية، وأن أي أمر بإغلاقها يجب أن يكون صادراً عن النظام السوري والحكومة اللبنانية فقط.
ومنذ عامين، عبّدت السلطات اللبنانية معبراً قديماً يصل منطقة البقاع بمنطقة الزبداني لتسهيل مرور الشاحنات والدبابات العسكرية، الأمر الذي أثار غضب الشارع اللبناني بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية في لبنان، في وقت كان حزب الله يقوم بإرسال شاحنات مؤن وإغاثة ومحروقات إلى الداخل السوري، مستخدماً هذا الطريق المعبد، الذي كان يعرف باسم "معبر الزبداني.
وبحسب المصدر، فإن هذا المعبر كان يستخدم سابقاً كطريق عسكري لحزب الله اللبناني، يبدأ من بلدة النبي شيت جنوب شرقي مدينة بعلبك، ويمر عبر بلدة جنتا – واحدة من أهم القواعد العسكرية لحزب الله اللبناني - وجرودها، ومنها إلى قرية الشعرة، قبل أن ينحدر شرقاً داخل الأراضي السورية باتجاه مدينة الزبداني ومن ثم إلى دمشق، وإلى الشمال الشرقي لمدينة البوكمال ودير الزور، ليصل إلى العراق وطهران.
نقاط مهمة للتهريب بين سوريا ولبنان
وأكّد المصدر العسكري لموقع "تلفزيون سوريا" أن أكثر النقاط التي تتم فيها عمليات التهريب تقع في جرود بلدة رأس بعلبك، والبقاع الشمالي، وبلدة القصير، حيث يستخدم حزب الله تلك المناطق لتمرير قوافله العسكرية، وسلاحه، وعتاده من وإلى لبنان.
وتتركز معسكرات وقواعد حزب الله في المناطق الحدودية وتقع غالبيتها بالقرب من المعابر غير شرعية، سواء في الجانب اللبناني أو السوري من الحدود، وتعتبر منطقتا النبي شيت وجنتا من أهم قواعده العسكرية، إذ تضم معسكرات تدريب وتحوي آليات عسكرية ثقيلة من دبابات وقواعد لإطلاق الصواريخ.
وبحسب المصدر فإن معسكرات حزب الله التي تتلقى السلاح من المعابر غير الشرعية هي: قاعدة ومعسكر النبي شيت، ومعسكر جنتا وجرودها، وقاعدة ومعسكر قوسيا، ومعسكر عين البيضا، ومعسكر السلطان يعقوب.
المعابر مقابل الدولة
ويرى الخبير الاقتصادي يونس الكريم أن المعابر غير الشرعية تغطي ما يزيد عن 80 في المئة من احتياجات السوريين عبر ضخ السلع في السوق السوداء سواء كانت داخلية (بين النظام وقوات سوريا الديمقراطية أو غرب الفرات)، أو الخارجية (مع لبنان بشكل كبير، والأردن بشكل بسيط، نتيجة تشديد الجيش الأردني في حماية الحدود)، إلى جانب المعابر البحرية، في حين تقوم مؤسسات الدولة بتأمين 20 في المئة من احتياجاتهم، بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة، والمنظمات الإغاثية والاستيراد .
وتقسم أرباح المعابر إلى ثلاثة أقسام، بحسب "الكريم":
- قسم لأمير الحرب الذي يدير المعبر ويتزعّم الميليشيات التي تدافع عنه، ويندف النظام من خلاله إلى ولاء أمير الحرب له كما تساهم هذه آلية بمنع أي مجموعة من الاستفادة من المعبر لتكوين ثروة تنافس النظام.
- قسم للفرقة الرابعة والحرس الجمهوري ويحوّل قسم منه لوزارة الدفاع عبر المكتب السري للضابطة الجمركية.
- قسم يودع في البنك المركزي لدفع رواتب الموظفين، ودعم مؤسسات الدولة.
ما هي طبيعة المواد التي تهرّب؟
يشير الكريم إلى أن طبيعة المواد المهربة إلى الداخل السوري تختلف بحسب الأماكن، ففي مناطق شرق الفرات يتم تهريب النفط، والحبوب، والحشيش، وبعض المواد المصنّعة للكوكائين والهيرويين.
أما من لبنان، فيتم تهريب المازوت المكرر والنفط، والطحين، والدخان، والسمن، بالإضافة إلى السلع الأساسية الاستهلاكية، وبعض المواد المصنّعة للأدوية، والكوكائين والهيروين، إلى جانب احتياجات السوق من أجهزة الخليوي، وغيرها.
ويتم تهريب الحشيشة والمخدرات من وإلى العراق، إلى جانب الأموال والأسلحة، بالإضافة إلى كميات نفطية قليلة.
أما التهريب من الأردن، فهو خجول، ويتضمن القليل من المحروقات والمواد التجميلية وتهريب المخدرات (الكبتاغون والهرويين والكوكائين).