عقدت الحكومة الاتحادية الألمانية في العاصمة برلين، مساء أمس الثلاثاء، اجتماعاً مع "الاتحاد المسيحي" وحكومات الولايات، لمناقشة سياسة اللجوء وبحث النتائج المترتبة على هجوم الطعن الذي نفذه لاجئ سوري في مدينة زولينغن.
وضم الاجتماع ممثلين عن الأحزاب الثلاثة المشاركة في الائتلاف الحاكم وهي (الاشتراكي الديمقراطي، الخضر، الديمقراطي الحر)، وممثلين عن حزبي (الاتحاد الديمقراطي المسيحي، والاتحاد الاجتماعي المسيحي) وهما أكبر كتلة معارضة، إضافة إلى ممثلين عن حكومات الولايات.
وبعد انتهاء أول جلسة، مساء أمس الثلاثاء، صرّحت وزيرة الداخلية الاتحادية نانسي فيزر من (الحزب الاشتراكي الديمقراطي)، أن حكومة ائتلاف "إشارة المرور" و"الاتحاد المسيحي" والولايات الاتحادية يرغبون في مواصلة المشاورات حول موضوع الهجرة واللجوء.
وقالت الوزيرة في بيان نقلته وكالة الأنباء الألمانية، إنّ "المشاورات كانت مركزة ومفتوحة وبناءة، أما الآن فالأمر يتعلق بدراسة بعض النقاط التي ناقشناها بشكل سري من الناحية القانونية ومن ثم مناقشتها بشكل أكبر، وقد اتفقنا على ذلك".
وأضافت أنها "ممتنة للحوار الجاد والبناء اليوم، وتريد حكومتها مواصلة هذا الحوار بسرعة"، كما تحدثت وزيرة الداخلية في ولاية سكسونيا السفلى دانييلا بيرينس من (الحزب الاشتراكي الديمقراطي)، عن عملية جيدة، مشيرةً إلى أنهم يريدون الاجتماع مرة أخرى الأسبوع المقبل.
زعيم المعارضة يشكك
الخميس الفائت، وافقت أحزاب الائتلاف الحاكم على حزمة جديدة من الإجراءات فيما يتعلق بالأمن وسياسة اللجوء، منها إلغاء المساعدات الاجتماعية التي تُقدم طالبي اللجوء المرفوضة طلباتهم بموجب اتفاقية دبلن، وفرض قوانين أكثر صرامة بشأن الأسلحة، بالإضافة إلى توسيع نطاق صلاحيات الأجهزة الأمنية في مكافحة "التطرف الإسلاموي"، وسحب حق الحماية من الأشخاص الذين يسافرون إلى بلدهم الأصلي من دون أسباب قاهرة.
وعقب الاجتماع، وضع "الاتحاد المسيحي" شروطاً لإجراء مزيد من المناقشات مع الحكومة، وأوضح زعيم حزب (الاتحاد المسيحي الديمقراطي) فريدريش ميرتس، أنّ "الاتحاد المسيحي والولايات التي يحكمها اتفقوا على عدم الدخول في مزيد من المحادثات إلا إذا تم إعادة الأشخاص على الحدود الألمانية، وإذا لم تفعل الحكومة ذلك، فلن نكون مستعدين لمواصلة هذه المحادثات".
واتهم ميرتس، الذي لم يشارك بالاجتماع، ائتلاف "إشارة المرور" بعرقلة القضية، وقال إنّ "الحكومة ليس لديها استعداد للحديث عن الإعادة القسرية على الحدود الألمانية، فهذا هو اقتراحنا الرئيسي الأول".
تفاؤل حذر
حضر الاجتماع تورستن فراي وأندريا ليندهولتس، وهما نائبان برلمانيان كبيران من "الاتحاد المسيحي" المعارض، وأكّد فراي على ضرورة أن يكون هناك بالفعل انخفاض في تدفق اللاجئين في النهاية، وأن تظل الهجرة قابلة للإدارة والتكامل"، مشدداً على "ألا تكون هناك ضوابط حدودية فحسب، بل أن يكون هناك بالفعل حالات رفض على الحدود".
وأضاف فراي عقب الاجتماع "كان لدينا انطباع بأن النقاط المهمة بالنسبة لنا قد تم تناولها بجدية أيضاً". وأشار إلى أن الاتحاد يتوقع الآن رد فعل سريع من الحكومة الاتحادية، موضحاً: "إذا رأينا أن هناك رغبة في تحقيق مثل هذه النتائج، فسوف نوضح أيضاً قضايا أخرى".
فراي شدّد على ضرورة إحراز تقدم في الأسبوع المقبل، وقال إنّ "الاتحاد المسيحي سيكون مستعداً أيضاً لإفساح المجال لذلك في البرلمان الأسبوع المقبل، لكن الأمر يتعلق بالسرعة".
بدورها، قالت أندريا ليندهولتس إنّ "الخطوة الأهم هي أن تتوصل معنا حكومة إشارة المرور إلى استنتاج مفاده أن هذا الرفض على الحدود ضروري لأن النظام لا يعمل، وبعد ذلك يمكننا الانتقال إلى نقاط أخرى".
وأكّد وزير داخلية ولاية هيسن رومان بوسيك من (الاتحاد الديمقراطي المسيحي) أن "الحكومة أصرت على تحول حقيقي في سياسة الهجرة، ودعت إلى اتخاذ تدابير ملموسة للحد من الهجرة، ومن وجهة نظرنا، يشمل ذلك في المقام الأول مراقبة الحدود والرفض على الحدود، ومن غير الواضح حالياً ما إذا كانت هناك محادثات أخرى ستجري بهذا الشكل أم لا".
الحكومة ترفض الإعادة القسرية على الحدود
وكانت وزارة الداخلية الاتحادية ما تزال متشكّكة للغاية بشأن الإعادة القسرية الأسبوع الفائت، وأوضح متحدث باسم الوزارة أن الأشخاص الذين تقدموا بطلبات للحصول على الحماية في ألمانيا يجب أن يتم تحويلهم أولاً إلى مركز استقبال أولي، ولا يمكن نقل طالبي اللجوء المرفوضة طلباتهم بموجب اتفاقية دبلن إلا إلى الدولة الأوروبية المسؤولة عنهم وفقاً لقواعد الاتفاقية، مردفاً: "ليس بالضرورة أن يكون هذا هو البلد المجاور الذي يتم عبور الحدود منه".
ووفقاً لمصادر مشاركة في الاجتماع، فإنّ "هناك مخاطر قانونية كبيرة تتعلق برفض أو إعادة طالبي اللجوء، وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ الاتحاد المسيحي بهذه المطالب يخاطر بتقويض قانون إصلاح اللجوء الذي توصل إليه الاتحاد الأوروبي بشق الأنفس، والذي ينص أيضاً على لوائح أكثر صرامة".
وتشير المصادر إلى أنه "في حال شكّكت ألمانيا بالالتزام في قواعد دبلن، التي تحدد الدولة المسؤولية عن إجراءات اللجوء في أوروبا، فقد تشجّع دول أوروبية أخرى طالبي اللجوء على مواصلة السفر إلى ألمانيا بدلاً من البقاء في تلك الدول".
وقبل الاجتماع، حذّرت مفوضة الحكومة الاتحادية لشؤون الهجرة، ريم البالي رادوفان، من "التركيز الأحادي الجانب على تشديد سياسة الهجرة"، وقالت السياسية المنتمية إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي لشبكة (RND) الإخبارية، إنّ "حزمة الإجراءات الأمنية يجب أن تعزز الحماية من الإرهاب والعنف والجريمة، ومن المهم أن يتم ذلك دون شكوك وتعميمات".
وكانت منظمة "برو أزول" الحقوقية المعنية بشؤون اللاجئين، قد أعربت عن قلقها قبل الاجتماع، وناشدت الحكومة الاتحادية بعدم اتخاذ أي إجراءات غير قانونية، وطالبت حزب (الاتحاد الديمقراطي المسيحي) بـ"الوفاء بمسؤوليته كحزب ديمقراطي، وألا يزيد من الاستقطاب في النقاش"، مع التشديد على أن "يركّز الاجتماع على التدابير التي تعزز الديمقراطية والتماسك الاجتماعي وتمنع التطرف الإسلاموي أو اليميني".