تنتشر الألواح الشمسية في الأراضي الزراعية بمناطق شمال غربي سوريا، حيث أصبحت مصدراً للطاقة البديلة للأهالي، وذلك بعد تدمير نظام الأسد البنية التحتية في تلك البلدات والقرى إثر حملات القصف الممنهجة التي مارسها وما يزال منذ اندلاع الثورة السورية.
ولجأ أهالي شمال غربي سوريا في البداية إلى استخدام المولدات التي تعمل بالديزل لإنارة منازلهم ومحالهم التجارية لكن بسبب أصواتها التي أصبحت مصدر إزعاج للسكان وارتفاع أسعار المحروقات وضعف القدرة الشرائية عند معظم الأهالي اتجهوا إلى استخدام الألواح الشمسية للحصول على الكهرباء وأصبحت تنتشر على أسطح المنازل والمحال، وفي الأراضي الزراعية بين المزروعات.
الاعتماد على الطاقة الشمسية في جميع مفاصل الحياة
يعيش نحو 3 ملايين شخص من سكان محليين ونازحين في مناطق شمال غربي سوريا، حيث يفتقر 90 في المئة منهم إلى إمدادات الطاقة المستقرة، وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لذلك أصبحت الألواح الشمسية المثبتة على الأسطح أو في المستشفيات أو بين خيام النازحين مصدراً للطاقة.
وقال خالد مصطفى مزارع في ريف إدلب لوكالة فرانس برس إنه عند قصف النظام لريف إدلب وتضرر البنية التحتية وخروجها عن الخدمة لجؤوا إلى المولدات التي تعمل بالوقود لكنهم أصبحوا يعانون من نقص الوقود وارتفاع أسعار المحروقات لذلك اتجهوا إلى الاعتماد على الطاقة الشمسية.
وأضاف أنهم أصبحوا يعتمدون على الألواح الشمسية في جميع مفاصل حياتهم، حيث يستخدمونها لتشغيل مضخات المياه لري الأراضي الزراعية أيضاً، مشيراً إلى أنه في حال عودة الكهرباء سيبقون يستخدمون الطاقة الشمسية لري الأراضي الزراعية لأن كلفتها أقل.
وقال مصطفى:تركيا "حتى لو أعيدت كهرباء الدولة، ستبقى الطاقة الشمسية أرخص".
وتقول الأمم المتحدة إن إنتاج الكهرباء في سوريا انخفض بمقدار النصف خلال السنوات السابقة لكن مع تراجع الاقتتال في مناطق شمال غربي سوريا ارتفع معدل استخدام الطاقة الشمسية كبديل جيد عن المولدات.
8 في المئة يستخدمون الطاقة الشمسية كمصدر رئيسي للطاقة
ووفق دراسة استقصائية فإن 8 في المئة من سكان شمال غربي سوريا يستخدمون الطاقة الشمسية كمصدر رئيسي للطاقة في منازلهم، وعُشر الأشخاص يستخدمون الطاقة الشمسية لتوفير المياه الساخنة وثلثهم يستخدمونها كمصدر ثانوي للطاقة كالإضاءة وشحن البطاريات.
وقال عبد الحكيم عبد الرحمن مندوب مبيعات الألواح الشمسية في إحدى بلدات ريف إدلب إن المبيعات ارتفعت بنسبة 300% بين عامي 2018 و2021، حيث يمثل المزارعون معظم زبائنه.
وأشار إلى أن مشروعاً زراعياً واحداً يمكن أن يتطلب من 100 إلى 500 لوحاً شمسياً، وأن معظم الألواح الشمسية يتم استيرادها من تركيا ويتم استيراد الألواح من ألمانيا والصين ويمكن أن يستمر استخدامها لنحو 20 عاماً.
وقال زكريا سنو أحد سكان ريف إدلب إنه ركب 3 ألواح شمسية على سطح منزله وهي تكفي لتشغيل الثلاجة والغسالة والإضاءة.
وأطلق اتحاد منظمات الرعاية الطبية والإغاثة (UOSSM) في العام 2017 مبادرة "سوريا للطاقة الشمسية" لتقديم الطاقة المتجددة لمستشفيات إدلب، ومنذ ذلك الوقت تم تركيب 480 لوحة شمسية في مستشفى واحد و300 لوحة أخرى في منشأة طبية أخرى، وساهمت في توفير الطاقة الشمسية إلى 40 عيادة في إدلب وشمالي حلب.
وأفاد مؤسس مبادرة "سوريا للطاقة الشمسية" طلال كنعان أنه في حال أدى نقص الوقود إلى توقف المولدات فإن الطاقة الشمسية تحافظ على "أقسام المستشفيات الحساسة" كالعناية المركزة وغرف العمليات وأقسام الطوارئ، مشيراً إلى أن الطاقة الشمسية تغطي بين 30 و40% من استهلاك المستشفى للطاقة.
يذكر أن الطفرة الشمسية في شمال غربي سوريا لا ترتبط بالمخاوف من تغير المناخ أو الرغبة في تقليل البصمة الكربونية كما هو الحال في دول أخرى، لأنها الخيار الوحيد القابل للتطبيق بالنسبة لمعظم سكان المنطقة الذين فقدوا مصدر الطاقة التقليدية بسبب قطع النظام للكهرباء عنهم وقصفه للبنية التحتية، ولأن أسعار الوقود لم تعد بالمقدور تأمينها عند معظم الأهالي لذلك أصبحت الألواح الشمسية البديل المناسب للأهالي لتأمين أبسط احتياجاتهم.