icon
التغطية الحية

كيف يغذّي النظام السوري اقتصاده بالقطع الأجنبي؟

2023.01.04 | 16:54 دمشق

حيازة الدولار
+A
حجم الخط
-A

يواصل النظام السوري تغذية اقتصاده المُنهار بالقطع الأجنبي، وسط ظروفٍ معيشية واقتصادية متردّية تشهدها مناطق سيطرته، فكيف يفعل النظام ذلك؟ وما الذي يحصل لقيمة الليرة السورية التي تترنّح بين الارتفاع والانخفاض..؟ وبماذا تتأثر؟ وهل شح المحروقات سبب أم نتيجة لانخفاض قيمتها؟

هذه الأسئلة فتحت المجال لـ مناقشة ضيف الحلقة الجديدة من برنامج "الثلاثاء الاقتصادي"، عمّا يحصل في سوريا ولبنان معاً، لكون الليرة اللبنانية تعرّضت لهزّات متعاقبة أوصلت قيمتها إلى ما يقارب الـ47 ألفاً أمام الدولار الواحد، في حين وصلت الليرة السورية إلى 7200 أمام الدولار لأوّل مرّة في تاريخها.

وبخصوص ما يُشاع عن تهريب "الدولار" من لبنان إلى النظام السوري، قالت ضيفة حلقة، أمس الثلاثاء، الصحفية الاقتصادية محاسن مرسل، إنّ هذا الأمر ليس جديداً لأنّ النظام السوري يتغذّى من الاقتصاد اللبناني قبل انهيار اقتصاد الأخير.

وتابعت: "أمّا اليوم فنحن أمام صراع بين النظامين اللبناني والسوري على القطع الأجنبي، فمن أين يأتي الدولار أصلاً إلى لبنان؟ تجيب بأنّ التحويلات التي يعترف بها البنك الدولي  تصل إلى 6.7 مليارات دولار، أمّا ما يصل خارج حدود البنوك والمصارف فيقدّر بـ3 مليارات دولار، إضافةً إلى أنّ بعض الرواتب باتت تصل بالدولار أيضاً.

وأضافت "مرسل" أنّه "عندما يتم رفع سعر الصرف يذهب الناس للتصريف وأكثر مَن ينشط هم الصيارفة في مناطق شتورة والضاحية لكون المسيطر عليها عناصر (حزب الله)، الذي بدوره يتعامل مع أشخاص في منطقة المصنع الحدودية، الذين يدخلون كمضاربين في السوق ليشتروا ويبيعوا الدولار والمواد المدعومة مثل (المحروقات والسيارات والدخان بشكل أساسي) من لبنان ونقلها إلى سوريا.

وبحسب "مرسل"، فإنّ النائب عن "الحزب التقدمي الاشتراكي" هادي أبو الحسن أكّد ذلك بالقول: "أهدرنا في السنوات الثلاث الأخيرة 20 مليار دولار من احتياطي مصرف لبنان لدعم مواد وبضائع تم تهريبها إلى سوريا".

وأشارت إلى أنّ استيراد المحروقات في لبنان يقدر بـ5 مليارات دولار والاستهلاك المحلي يقدر بـ مليارين ونصف المليار، هذا يعني أن ما تبقّى يخرج إلى سوريا مع الأخذ بعين الاعتبار فرق الأسعار بين البلدين، في لبنان سعر صفيحة البنزين تساوي 13 دولاراً وفي سوريا تصبح بـ46 دولاراً.

ويُنقل البنزين والمازوت بطرق عبور بدائية، معظمها تكون عبر درّاجات نارية تنتقل من لبنان إلى سوريا عبر تجاوز السواتر الترابية على الحدود، وتتكرّر الرحلة مرتين أو أكثر، ليصل مقدار ما تنقله الدرّاجة الواحدة في مجمل رحلاتها، 200 ليتر.

اقرأ أيضاً.. "جمهورية الفقر".. نظام الأسد يرفع الدعم عن المواطنين

وفي سؤال لضيف الحلقة الاقتصادي السوري حسن الشاغل، في حال كان لدى النظام السوري كل تلك الأسباب لدخول القطع الأجنبي، لماذا وصلت الليرة إلى هذا الحد في نهاية العام الفائت، وما الذي يتحكّم بها؟

قال "الشاغل": إنّ لدى النظام أذرعاً أخرى كثيرة وليس فقط في لبنان، وله شبكة كبيرة في أماكن عديدة بأوروبا وتركيا وبريطانيا، فضلا عن الأموال التي تصله من استخراج جوازات السفر والحوالات، وما تضخه المنظمات الدولية من قطع أجنبي للبنك المركزي، والتي تعد وارداً كبيراً للنظام، ورغم أن سعر صرف الحوالات تم تعديله بالنشرة الحالية، إلّا أنّ سعر صرف حوالات الأمم المتحدة لم يتم التعديل عليه!

وبحسب وكالة "أسوشيتد برس" فإنّ "مصرف سوريا المركزي" مفلس ويبحث عن دين جديد لدفع الرواتب، وهذا ما يفتح باب التناقض من جديد، حيث إنّ القطع الأجنبي يدخل بشكل منظم ووفير ولا نشهد انعكاسه في السوق، بل الأزمة تدخل مراحل جديدة والتغذية بالقطع الأجنبي تذهب إلى النظام وأزلامه السياسيين والاقتصاديين، وهذا ما يفسر ربما، وجود عالمين متوازيين في سوريا أحدهما من الرخاء والآخر من الحرمان والفقر.

وتضيف الصحفية اللبنانية محاسن مرسل، أنّ ما يصل إلى سوريا عبر لبنان للمواد المدعومة المهربة فقط وبشكل علني، هو ما يعادل مليار و500 مليون دولار، فضلا عن وجود ما يعادل 50 إلى 60 ألف سوري يدخلون ويخرجون بشكل طبيعي ودائم كزوّار لا لاجئين، يصرفون 100 دولار على الحدود السورية وهم مقيمون بشكل رسمي ومسجلون كلاجئين في لبنان، وهذا باب جديد لدخول "دولار جديد" إلى سوريا، عبر تصريف الدولار بالليرة السورية على المعابر، ومن قبل العمال السوريين في لبنان، الذين يرسلونها إلى أهاليهم.

وبحسب "مرسل" فإنّ هذا ما سيُبقي النظام السوري يتغذّى بالقطع الأجنبي كمورد إضافي مقابل زيادة غير منطقية للأسعار، وتحرّك غير منطقي لليرتين السورية واللبنانية على حد سواء.