كشف الخبير الاقتصادي عمار يوسف، أن الأسرة المكونة من خمسة أشخاص في سوريا تحتاج إلى نحو ثلاثة ملايين شهرياً من أجل الطعام والشراب فقط.
وقال يوسف في حديثه لإذاعة "ميلودي إف إم" المقربة من النظام، إن "ما يحدث في سوريا هو سكتة اقتصادية، فالناس تبيع ذهبها ومدخراتها كي تستمر بالأكل والشرب، في ظل ارتفاع الأسعار المستمر، وعدم وجود إجراءات من قبل الحكومة".
وأوضح أن "التجار والصناعيين يلجؤون لإغلاق منشآتهم لتجنب الخسارة، وكذلك المواطن لا يكفيه الراتب، ما ينعكس على الصحة النفسية، والذي يبدو واضحاً من حالات الانتحار".
وأضاف: "إذا استمررنا بهذه الحال فسنذهب إلى ما بعد الهاوية، فلقد تجاوزنا مرحلة الركود والكساد ودخلنا مرحلة أبعد تسمى (المرحلة السورية) بكل أسف".
وأشار إلى أن "أسعار المواد الغذائية ارتفعت بحجة العقوبات وقانون قيصر، علماً أن القانون لا يشمل هذه المواد، حتى استيراد القمح من أميركا ممكن دون التعرض لعقوبات".
تأثيرات رفع أسعار المحروقات
واعتبر يوسف أن "رفع أسعار حوامل الطاقة (البنزين والمازوت) يؤثر على سعر العقارات، باعتبارها الجهة الاستثمارية والائتمانية الوحيدة في سوريا، وأي رفع لأسعار هذه الحوامل يعطي منعكساً على أسعار العقارات". مبيناً أن "رفع سعر البنزين سيكون له انعكاس على أسعار المواد المنقولة بنسبة 30 إلى 40 في المئة".
وذكر أن "المواطنين يتجهون لبيع عقاراتهم واستبدالها بمناطق العشوائيات، للاستفادة من فرق الأسعار والحصول على سيولة، وكذلك للهروب من ضريبة البيوع العقارية التي دمرت حركة التداول العقاري في سوريا والتي تصل أحيانا إلى 3 بالمئة من قيمة العقار، بسبب الإجراءات والمعاملات المرافقة لها".
وأكد يوسف أن "مشكلة العقارات ليست بارتفاع أسعارها، بل إن أسعار العقارات انخفضت بنسبة 30 في المئة مقارنة بفترة ما قبل الحرب".
ولفت إلى أن "ما يحدث ليس ركودا ولا ارتفاع أسعار، بل انهيار بالقدرة الشرائية نتيجة ضعف السيولة". معتبراً أن "إجراءات المصرف المركزي أدت لانهيار القدرة الشرائية لليرة".
النظام يزيد متاعب المواطنين في سوريا
والثلاثاء رفعت "وزارة التجارة الداخلية" في حكومة النظام السوري، أسعار مادة البنزين "الحر" ليصبح سعر لتر (أوكتان 90) بـ 3500 ليرة بدلاً من 2500، و(أوكتان 95) بـ 4000 ليرة بدلاً من 3000.
كذلك رفعت الوزارة سعر مادة المازوت الصناعي والتجاري إلى 2500 ليرة سورية للتر الواحد، في حين أبقت على أسعار المازوت والبنزين "المدعوم" من دون تعديل.
أزمة اقتصادية خانقة
ويعيش الأهالي في مناطق سيطرة النظام السوري أوضاعاً معيشية صعبة وأزمة اقتصادية تتفاقم يوماً بعد يوم، ازدادت حدتها مع بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث شهدت أسعار معظم السلع والمواد الأساسية في الأسواق السورية ارتفاعات مستمرة، بالتزامن مع تطبيق حكومة النظام قرار رفع الدعم عن فئات من السوريين، في ظل عدم قدرة كثير من العائلات على تأمين احتياجاتها، إضافةً إلى قلة فرص العمل، وضعف القدرة الشرائية للعملة المحلية المتدهورة أمام الدولار.
وكان مدير "التخطيط والتعاون الدولي" في "وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل" بحكومة النظام السوري محمود الكوا، كشف في نيسان الماضي، عن ازدياد أعداد السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر في ظل ارتفاع الأسعار.
وتقول الأمم المتحدة إن عدد المحتاجين إلى المساعدة في سوريا بلغ 14.6 مليوناً في عام 2021 بزيادة 1.2 مليون عن 2020. ويُقدر من يعيشون في فقر مدقع بنحو الثلثين من بين 18 مليون شخص يعيشون في سوريا حالياً.