بعد أسابيع من الاجتماعات المكثفة، والمناقشات لآلية العمل المشترك، أعلن فصيلا الجبهة الشامية وفرقة السلطان مراد العاملان في الجيش الوطني السوري صباح اليوم الخميس، عن تشكيل غرفة للتنسيق بينهما حملت اسم القيادة الموحدة "عزم".
وافتتحت الغرفة الجديدة أعمالها بتنفيذ حملة أمنية في ريف حلب الشمالي ضد عدد من تجار المخدرات، وقالت "عزم" في بيانها الأول إن العملية الأمنية استهدفت بعض الشبكات والخلايا التي تهدد أمن المجتمع واستقراره، كما طلبت من الأهالي التعاون مع قواتها لإنجاح العمل والوصول إلى أهدافه، وفي الوقت نفسه وعدت باستمرار الأعمال الأمنية ضد "كل ما يهدد المجتمع".
ما آلية عمل "عزم" وأهدافها؟
في شهر حزيران الماضي، أكد مصدر خاص لـ موقع تلفزيون سوريا، أن قيادة فصيل "الجبهة الشامية"، عقدت عدة اجتماعات مع نظيرتها في "فرقة السلطان مراد"، بهدف تقريب وجهات النظر بين الفصيلين، ووضع أسس لتسهيل العمل المشترك بينهما، وصولاً إلى مرحلة الاندماج لاحقاً.
وحينذاك أوضح المصدر أن قادة الفصيلين عقدوا سلسلة اجتماعات، لبحث إمكانية العمل معاً تحت مسمى جديد، لكن ذلك لا يعني الوصول إلى مستوى الاندماج الكامل، وفي الوقت نفسه أكثر من كون غرفة العمليات الجديدة مجرد أداة للتنسيق والتواصل بينهما.
ومع إعلان غرفة "عزم" التي اتفق الطرفان على العمل تحت مظلتها -في بيانها الأول- عن تنفيذ حملة أمنية، ربما يؤخذ نظرة عنها أنها مجرد جسم أمني جديد، مهمته فقط ملاحقة المطلوبين ومن يسمون عادة بـ "المفسدين".
وحول هذه النقطة، ذكر مصدر من داخل غرفة القيادة الموحدة لموقع تلفزيون سوريا، أن الغرفة لا تهدف إلى تنفيذ العمليات الأمنية فقط، إنما التوصل إلى حالة من التنسيق الذي قد يتطور إلى الاندماج بين الجبهة الشامية وفرقة السلطان مراد.
وقال المصدر إن الفصيلين اتفقا على التنسيق في 4 ملفات أساسية، وهي الأمني والعسكري والإعلامي والاقتصادي، وإدارة المناطق الخاضعة لسيطرة الطرفين في ريف حلب الشمالي والشرقي بشكل مشترك.
ويخطط الطرفان لتشكيل إدارة عامة، مختصة بتسيير الأعمال على الأرض، والإشراف على بعض الملفات، مثل المعابر الخاضعة لسيطرة الفصيلين، سواء الحدودية مع تركيا، أو المعابر الداخلية الفاصلة بين مناطق سيطرة المعارضة، ومناطق سيطرة نظام الأسد و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد).
وعن آلية قيادة غرفة العمليات الجديدة، أوضح المصدر أن قائد الجبهة الشامية أبا أحمد نور سيشغل منصب القائد العام لـ "عزم"، فيما سيكون فيهم عيسى، قائد فرقة السلطان مراد، نائباً له.
وقبل أيام انتشرت صور على وسائل التواصل الاجتماعي، إحداها تظهر قائد الجبهة الشامية، أبا أحمد نور، خلال لقاء مع قائد فرقة السلطان مراد، فهيم عيسى، إضافة إلى قائد لواء الشمال العامل في الفيلق الأول في الجيش الوطني، النقيب مصطفى.
وكذلك ظهر قائد الجبهة الشامية، في صورة أخرى رفقة قائد تجمع أحرار الشرقية العامل في الفيلق الأول، أبي حاتم شقرا، وهو ما يشير إلى وجود تنسيق بين مختلف الأطراف للانخراط ضمن القيادة الموحدة المُعلن عنها.
وعند سؤال المصدر عن سبب هذه اللقاءات والهدف منها وإمكانية انخراط المزيد من الفصائل ضمن التشكيل، أجاب بأن التنسيق يتم حالياً بين الجبهة الشامية وفرقة السلطان مراد فقط، مضيفاً أن بعض قادة الفصائل الأخرى التقوا بقيادة غرفة "عزم" لفهم طبيعة عملها، وفيما إذا كان هدفها التنسيق ضد فصيل معين.
من جهته ذكر قائد لواء الشمال النقيب مصطفى لموقع تلفزيون سوريا، أنهم لا يخططون لأن يكونوا ضمن غرفة "عزم"، مشيراً إلى العمل على خلق توحد عامّ، وليس مجرد غرفة عمليات، إذ قال: "هناك عمل لتوحيد الساحة".
توقيت تشكيل الغرفة والمأمول منها
أفاد الباحث فراس فحام بأن تشكيل غرفة العمليات "عزم" أتى بعد مشاورات استمرت قرابة شهرين بين "الجبهة الشامية" و"السلطان مراد"، تركزت على تأسيس نواة لقيادة مشتركة للمنطقة تقوم بعملية ضبط الأمن والإشراف على خطوط الاشتباك.
وأضاف "فحام" في حديث لموقع تلفزيون سوريا، أن اللافت هو تشكيل الغرفة من قبل فصيلين في فيلقين مختلفين بالجيش الوطني، وهو ما اعتبره مؤشراً على تبدل محددات التنسيق بين فصائل الجيش الوطني.
وجاء الإعلان عن الغرفة، تزامناً مع وجود مخاطر أمنية واسعة تعمل فصائل الجيش الوطني على إيجاد آلية لمواجهتها، أهمها - بحسب فحام - تسرب عناصر من تشكيلات لا تنتمي للجيش للمنطقة الخاضعة لسيطرته قادمة من محافظة إدلب، بعد تفكيك فصائلها، بالإضافة إلى المساعي المستمرة لـ "هيئة تحرير الشام" لاختراق المنطقة أمنياً، مستفيدة من بعض التناقضات بين فصائل الجيش الوطني.
وأشار إلى عدم إمكانية الجزم بنجاح الخطوة بسبب العوائق العديدة، ومنها غياب فصائل أخرى فاعلة عن الغرفة، مضيفاً: "قد تفهم تلك الفصائل أن الإعلان عن الغرفة محاولة لفرض أمر واقع عليها، مما يضعف تفاعلها مع جهود ضبط الأمن، وهذا يستوجب مناقشات ومباحثات مستمرة لتوسيع أعضاء الغرفة الموحدة".
ولفت إلى أن الإعلان عن الغرفة جاء بعد مؤشرات وصلت من الجانب التركي تفيد برغبة ضبط المنطقة أمنياً، وفيما يتعلق بالأهداف، ذكر أن المعلن هو وضع حد للتجاوزات وملاحقة تجار المخدرات والمهربين، لكن لا يمكن الجزم بأنه لا يوجد أهداف أخرى تتعلق "بفرض الكلمة على باقي الأطراف بعد اليأس من تطبيق تجربة الجيش الوطني السوري على الأرض".
ويرى "فحام" أنه ثمة عدة تحديات وعوائق أمام غرفة القيادة الموحدة "عزم"، أبرزها غياب التنسيق مع الفصائل الأخرى واقتصار الأمر على فصيلين، وهذا قد يؤدي إلى اصطفافات تتسبب في نهاية المطاف بتأطير عمل القيادة الموحدة وتقليل فاعليتها.
نتائج الحملة الأمنية الأولى لـ "عزم"
استهدفت الحملة الأمنية التي أطلقتها غرفة "عزم" الساعة الخامسة فجر اليوم الخميس، خلايا متهمة بتجارة وترويج المخدرات، في مدينتي اعزاز وعفرين بريف حلب الشمالي.
وصرّح مدير المكتب الإعلامي في الجبهة الشامية سراج الدين العمر لموقع تلفزيون سوريا، أن العملية أسفرت عن إلقاء القبض على أكثر من 20 شخصاً من المطلوبين.
وأشار "العمر" إلى ضبط كميات من المخدرات داخل منازل بعض المطلوبين، موضحاً أن الحملة الأولى انتهت، كما لفت إلى إمكانية بدء حملات أمنية جديدة في مناطق متفرقة.
وفي أواخر شهر حزيران الماضي نفذ فصيلا الجبهة الشامية وفرقة السلطان مراد حملة أمنية مشتركة، في مدينة جرابلس شمال شرقي حلب، أسفرت عن اعتقال عدد من المطلوبين بجرائم مختلفة وتسليمهم إلى القضاء.
وبحسب الجيش الوطني، فإن الأشخاص المقبوض عليهم (سبعة أشخاص) متهمين بجرائم قتل واقتتال، كانت تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة وأمنها، وأشار إلى أن العملية الأمنية في جرابلس هي جزء من عملية أكبر ينفذها الجيش الوطني في مناطق سيطرته بريف حلب، ومدينتي رأس العين شمال غربي الحسكة وتل أبيض شمالي الرقة.