ملخص:
- قلق واسع يسود بين اللاجئين السوريين في مصر بعد قرارات جديدة تحد من دخولهم وتجديد إقاماتهم، مما يدفع البعض للعودة إلى سوريا أو التفكير في الهجرة إلى أوروبا عبر ليبيا.
- القرار الجديد يلغي إعفاء السوريين من رسوم التأشيرات ويفرض رسوما قدرها 25 دولارا أميركيا، حتى على من يحمل إقامة مصرية أو أوروبية.
- الحكومة المصرية فرضت شروطاً جديدة على تجديد الإقامات السياحية للأجانب، مما دفع السوريين إلى البحث عن بدائل مثل الحصول على "بطاقة اللجوء" أو الإقامة الاستثمارية.
- تزايد نشاط سماسرة التأشيرات إلى ليبيا في ظل انسداد الأفق أمام السوريين، مع زيادة الطلب على الهجرة عبر البحر إلى أوروبا.
- تتفاوت وجهات نظر السوريين بشأن القرار الأخير البعض يشعر بخيبة أمل، بينما يرى آخرون أن مصر تقدم دوماً حلولاً أخرى للعيش رغم الصعوبات.
تسود حالة من القلق في أوساط اللاجئين السوريين في مصر بعد قرار وزارة الداخلية المصرية الجديد الخاص بدخول وإقامة السوريين في مصر، وذلك بعد أقل من شهرين على قرارات حدت من قدرتهم على تجديد الإقامة السياحية.
ومع تضييق الباب على دخول السوريين وإلغاء امتيازات سابقة، تتقلص الخيارات أمام من لم يتمكن من تسوية وضع إقامته، وسط ازدياد عدد العائدين إلى سوريا، رغم خطورة هذه الخطوة، في حين يفكر آخرون بالهجرة عبر البحر إلى أوروبا عبر ليبيا.
وجاء في نص القرار الجديد، الأسبوع الماضي، إلغاء إعفاء السوريين من رسوم التأشيرات والإقامات، وفرض تأشيرة دخول قدرها (25 دولاراً أميركياً) عليهم، حتى من يحمل إقامة مصرية، أو إقامة أوروبية وخليجية.
ويأتي هذا القرار، الذي يلغي إعفاء السوريين من امتيازات وتسهيلات دخولهم إلى مصر، بعد أقل من شهرين من قرارات مماثلة تفرض شروطاً على تجديد الإقامات السياحية.
ففي نهاية حزيران/يونيو الماضي، انتهت مهلة حددتها الحكومة المصرية للأجانب لتصحيح أوضاعهم القانونية، وفرضت شروطاً جديدة على تجديد الإقامات السياحية، مثل الحصول على دخول حديث إلى البلاد، وفرض رسوم على باقي أنواع الإقامات، مما دفع السوريين إلى التسجيل لدى مفوضية اللاجئين للحصول على "بطاقة اللجوء" (الكرت الأصفر).
وتلحق القرارات الجديدة الضرر بعشرات الآلاف من السوريين، الذين سيجدون أنفسهم مقيمين بصورة غير شرعية، وخاصة من الذين لم يتمكنوا من تسوية أوضاعهم قبل نهاية المهلة، ويتعين عليهم الخروج من مصر والدخول بتأشيرة حديثة، الأمر الذي زاد القرار الأخير من صعوبة الحصول عليها.
ولا توجد إحصائيات دقيقة لعدد السوريين الذين يحملون إقامات سياحية، من أصل أكثر من مليون و600 ألف سوري في مصر، بينهم نحو 150 ألفًا فقط مسجلين لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.
"القرارات الجديدة هي تأكيد على تعليمات سابقة"
يعتبر قرار وزارة الداخلية المصرية الأخير تأكيدًا على قرارات حكومية بدأ تنفيذها منذ مطلع تموز/يوليو الماضي، والتي قضت بإيقاف تجديد الإقامة السياحية لجنسيات مختلفة منها السورية، ورفع رسوم الحصول على إقامة سنوية (الدراسية والاستثمار والزواج وغيرها).
يقول المحامي المصري عصام حامد، إن القرار الجديد لا يختلف عن التعليمات السابقة الخاصة بتجديد الإقامة بل يؤكدها بشكل رسمي، بينما هناك نقطة جديدة وهي دفع السوريين مبلغ 25 دولارا أميركيا رسم تأشيرة الدخول، وهو ما كان السوري معفيًا منه سابقًا.
ويؤكد المحامي، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، أن هذا القرار لن يؤثر على من صحح أوضاعه خلال المهلة المحددة، ومن كان يحصل على إقامة من أي نوع فيما عدا السياحية، وسيستمر في تجديدها بسهولة فقط مع تغيير في الرسوم.
أما بالنسبة للإقامة السياحية، بحسب المحامي المصري، فهناك طريقتان: الأولى هي التحويل إلى بطاقة اللجوء، التي تجعل وضع حاملها قانونيًا، والثانية هي الإقامة الاستثمارية لمن لديه القدرة على فتح مشروع حتى لو كان صغيراً.
تأثير قرار التأشيرة على السوريين
تأثر عدد كبير من السوريين الذين كانوا يحصلون على إقامة سياحية من القرار الجديد، الذي انتظروه منذ أكثر من شهر ونصف على أمل أن يكون فيه الخلاص من المعاناة التي يعيشونها.
يصف هيثم أحمد (30 عاما) خيبة أمله ويقول: لا يمكنني أن أشرح شعوري بالحزن، الحل المتاح أمامي حاليا هو العودة إلى سوريا، على الرغم من أنها ستكون مخاطرة بالنسبة لي.
وبعد إيقاف الإمارات التأشيرات للشباب السوريين، وعدم قدرة بعضهم على الحصول على إقامة لجوء، نفدت جميع الحلول أمامهم، وأصبحت الخيارات محصورة بين العودة إلى سوريا أو الهجرة عبر مراكب الموت.
سعد صالح (26 عاما)، سوري يقول: مدة جواز سفري كانت موشكة على الانتهاء، وكنت أنتظر تجديده من أجل أن أحصل على تأشيرة إلى الإمارات بعد بحث طويل عن عمل هناك، ولكن صدمت بقرار إيقاف منحها، ولا يوجد أي طريق آخر أمامي حالياً.
سماسرة الأزمات وتأشيرة ليبيا
في ظل هذه الظروف وانسداد الأفق، ازداد نشاط تجار وسماسرة الأزمات الذين ظهروا في الآونة الأخيرة، وخصوصا مكاتب السفر التي تتنافس فيما بينها حول أسعار التأشيرات إلى ليبيا، والتي وصل ثمنها إلى 1200 دولار للشخص منذ بداية تموز/يوليو الماضي.
يجد بعض السوريين أن السفر إلى ليبيا بارقة أمل لمن لا يستطيع العودة إلى سوريا وتدهورت أوضاعه في مصر، فتزايدت المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تسأل عن سعر مخفض للتأشيرة، وكيفية الحصول عليها، وشكل الحياة هناك.
عبد الحميد (39 عامًا)، سوري، يقول: أسعى حاليًا للحصول على تأشيرة إلى ليبيا أنا وزوجتي، حيث يقول صديق لي هناك أنني بإمكاني أن أجد عملًا، حتى لو عانيت من صعوبة في البداية.
يضيف عبد الحميد، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا": من غير الممكن أن أعود إلى سوريا، ولن أستطيع أن أعيش مجددا شعور عدم الأمان، فضلا عن أني مطلوب لأجهزة الأمن.
من ناحية أخرى، يرى بعض السوريين أن ليبيا الآن هي طريقهم الوحيد للهجرة إلى أوروبا، على الرغم من صعوبة الطريق إلى هناك من خلالها.
رائف حسن (29 عاما)، سوري يقول: لم يعد بإمكاني الحصول على إقامة في مصر، والسنوات تمضي بسرعة من دون القدرة على الحصول على أي شيء أريده، فقط عمل وروتين مستمر منذ عشر سنوات، سأحاول السفر إلى ليبيا والهجرة من هناك، فلم يعد لدي شيء أخسره.
القرار من وجهات نظر السوريين
تختلف وجهات النظر حول القرار بين السوريين، ولكن المتضررين منه هم الأكثر خيبة، بينما يرى البعض الآخر أن مصر دائما ما تمنح حلولًا أخرى للعيش فيها.
تجد هناء الحاج، سورية مقيمة في مصر، في حديثها لموقع "تلفزيون سوريا"، أن القرار يشكل ضغطًا على السوريين غير المقتدرين ماديًا وتقول: أنا أحصل على إقامة سياحية ومقيمة في مصر منذ سبع سنوات، ولكن بعد انقضاء مدة إقامتي لن أستطيع تجديدها إلا عن طريق الاستثمار، وأنا بالكاد أحاول تأمين متطلبات الحياة العادية.
بدوره، طارق خلف، سوري، يقول: يمكن أن يؤسس أكثر من شخص عملًا ويحصلوا على إقامة استثمار، أو أن يسجلوا في مفوضية اللاجئين، مشيرا إلى أن المعاملة الرسمية والشعبية للسوريين لم تتغير "إلى الآن لم نجد تصرفًا مسيئا ضد السوريين في مصر، ولم يتم ترحيل أي شخص".