يحاول السكان في مناطق شمال غربي سوريا الاعتماد على أنفسهم في إعادة إعمار ما دمره الزلزال الذي ضرب المنطقة في 6 شباط الفائت، في ظل العوز وانعدام الخيارات والدعم.
وتبخرت معظم آمال حسين منكاوي في إعادة بناء منزله في يوم من الأيام و العودة إلى عمله في بيع الأغذية بالتجزئة في مدينة جنديرس بريف عفرين، بعد أن حول الزلزال المدمر منزله وعمله إلى أنقاض ومحا ثمار تعب السنين.
ويقول منكاوي لوكالة (رويترز) "لا يساعدنا أحد على الإطلاق، لم نر شيئاً". ويحاول استعادة ما يستطيع من متعلقاته من وسط الأنقاض بمساعدة مقاول محلي وافق على إزالة أنقاض منزله مقابل الاحتفاظ بالمعادن التي سيجدها وسطه، في اتفاق يسلط الضوء على البؤس الذي تعاني منه المنطقة.
ومن غير المرجح أن تصل المساعدات الإنسانية إلى شمال غربي سوريا الذي يؤوي 4.5 ملايين نسمة من بينهم مليونان كانوا يعيشون بالفعل في مخيمات نزوح حتى قبل الزلزال، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة.
وتواجه منظمات دولية صعوبات جمة في الوصول إلى المنطقة بشكل منتظم وليس هناك جهد ملحوظ ولا مركزي لإعادة البناء. وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 100 ألف تشردوا في المنطقة منذ أن وقع الزلزال الأول في السادس من شباط.
موارد محدودة وشح بالمساعدات
في جنديرس، وهي من أكثر المناطق تضرراً من الكارثة، قال محمود حفار رئيس المجلس المحلي إن "نصف عدد مدارس جنديرس البالغ 48 يحتاج إلى إعادة بناء أو ترميم إضافة إلى شبكات مياه وصرف تمتد نحو 20 كيلومتراً، فضلا عن معظم طرق وشوارع المدينة". مبيناً أن "السلطات المحلية لا تمتلك الموارد اللازمة لإعادة البناء".
ويضيف "بصراحة، القدرات المحلية محدودة جداً وإعادة البناء ستتطلب مساعدة دولية، وليس هناك تمويل واضح لإعادة الإعمار والترميم".
ويرى الخبير الاقتصادي كرم شعار أن معظم المساعدات الدولية التي وصلت إلى المنطقة على مدى العقد المنصرم تم توجيهها للإغاثة الإنسانية وليس لإعادة الإعمار وهو نهج سيستمر على هذا النحو على الأرجح. مبيناً أنه "في المستقبل المنظور، سيستمر الناس في الاعتماد على التمويل الخاص لإعادة تأسيس بناياتهم أو سينتقلون فحسب للعيش في خيام بدلاً من ذلك".
ارتفاع أسعار مواد البناء
وتستورد مناطق شمال غربي سوريا مواد البناء بالكامل تقريباً، من تركيا، ما أثار مخاوف من أن المنطقة ستواجه نقصاً فيها بمجرد بدء عمليات إعادة الإعمار الضخمة عبر الحدود أو أن الأسعار سترتفع، مما سيزيد الصعوبات والمعاناة.
ويقول مطورون عقاريون ومسؤول في نقطة حدودية سورية إن أسعار الإسمنت والحديد ارتفعت بالفعل بنسبة 30 بالمئة تقريباً، من 85 إلى أكثر من 120 دولاراً لطن الإسمنت، ومن 600 إلى 800 دولار لطن حديد التسليح.
وفي معبر باب الهوى على الحدود السورية التركية تنتظر طوابير طويلة من الشاحنات، الكثير منها محمل بالإسمنت من مصانع مقرها جنوبي تركيا، اشتراها تجار لحسابهم الخاص في سوريا، للعبور إلى شمال غربي سوريا.
وعاد من ذات المعبر، عشرات الآلاف من السوريين إلى بلادهم بعد أن قرر الكثير منهم إعادة بناء حياتهم في شمال غربي البلاد مما هدد بزيادة الضغط على قطاع الإسكان المضغوط أصلاً.