ليس لدى القيادة الجديدة لسوريا سوى نماذج قليلة لتسير على هديها في مجال سعيها لكسب الاعتراف الدولي، إذ لا يوجد أي دليل عمل حول طريقة إدارة الحكومة مخصص لفصائل مصنفة على أنها "إرهابية"، كما لا توجد قوانين واضحة تتبعها حكومات الدول الأجنبية فيما يتصل بكسر العزلة عن الفصيل الذي كان يتبع في السابق لتنظيم القاعدة، غير أن هيئة تحرير الشام التي خلعت ديكتاتور سوريا بشار الأسد في مطلع شهر كانون الأول الماضي، وغيرها من الحكومات، بوسعها جميعاً أن تتعلم من سابقة تحذيرية، وهي عودة طالبان إلى حكم أفغانستان في عام 2021.
بعد ن استولت طالبان على كابل، كانت أفغانستان ترزح تحت وطأة العقوبات وأنواع أخرى من العزلة الاقتصادية والدبلوماسية، كما لم تتصرف الحكومات الأخرى بالسرعة والجرأة الكافية للحد من أزمة الفقر التي تعصف بالبلد، بل تركت العقوبات الاقتصادية التي لم يكن لها أي أثر مخفف على طالبان، لكن تلك العقوبات قربت بالشعب الأفغاني من حافة الفقر. ثم رفضت أغلب الدول التفاوض مع طالبان بطريقة من شأنها دعم حقوق المرأة وغيرها من القواعد الدولية، واختارت عوضاً عن ذلك أن تتريث لترى كيف سينفذ القادة الجدد لأفغانستان كل ذلك بأنفسهم. غير أن رفض التعامل مع طالبان وجه ضربة قاسية لحركة الجناح البراغماتي، وهذا ما قوى المتشددين خلال الأشهر الأولى التي سادتها اضطرابات كبيرة من حكم هذا النظام.
تعامل المسؤولون الدوليون بشكل أكبر مع هيئة تحرير الشام خلال الشهر الماضي مقارنة بما فعلوه مع طالبان بعد سقوط كابول، وهذا ما شجع الهيئة بعد أن مد لها مسؤولو الدول الأجنبية يدهم على إبداء مرونة سياسية وأيديولوجية تميز بها هذا الفصيل عن طالبان، ولكن لسوء الحظ، يبدو بأن الجهات الفاعلة الخارجية ميالة لتكرار كثير من الأخطاء التي ارتكبتها في أفغانستان عقب تولي طالبان للسلطة.
فخلال الفترة الانتقالية، يمكن لكل خطوة أن تغير مسار التاريخ، ويبدو المسؤولون الغربيون على وجه الخصوص محتمسين حيال مستقبل سوريا الجديدة، ويحق لهم أن يحسوا بذلك، ولكن من دون اتخاذ أي إجراءات تسمح لسوريا بإعادة بناء اقتصادها وإنعاشه بعد سني الحرب، قد يشهد البلد مزيداً من الاضطرابات وانعداماً للاستقرار، وهذا ما لا يريده الشعب السوري ولا الغرب، إذ لدى حكومات الدول الغربية مصلحة عميقة في التعلم من تلك الخطوات العاثرة التي قامت بها في أفغانستان، لأن إطالة أمد الأزمة في سوريا من شأنه أن يتوسع ليشمل بقية دول الشرق الأوسط، وهذا ما يقوض النفوذ الغربي في المنطقة، ويدفع بمزيد من الناس إلى الرحيل عن وطنها، والأهم من كل ذلك أن الشعب السوري يستحق ما هو أفضل من كل ذلك.
ولهذا، يجب على الولايات المتحدة وشركائها أن يسرعوا في التصرف للحد من وطأة الآثار القاسية للعقوبات المفروضة على سوريا وهي تخطو أولى خطواتها نحو التعافي، كما يجب عليهم تحديد مسار واضح ينحو باتجاه رفع تلك العقوبات مع الاعتراف الدبلوماسي بهيئة تحرير الشام وذلك مقابل قيام القادة الجدد لسوريا بتنفيذ خطوات والتزامات معينة، وفي حال مراوحة الغرب لمكانه وتوانيه عن القيام بأي شيء، فإن ذلك قد يدفع بالبلد نحو الانهيار وتضييع نافذة الفرصة التي انفتحت لفترة قصيرة أمام إقناع الثوار السابقين بالسير على الطريق المستقيم.
دروس من التاريخ
يستحيل حساب مدى التأثير الذي خلفته الإجراءات والخطوات التي اتخذت من الخارج على أفغانستان عقب سيطرة طالبان على البلد في آب من عام 2021، كما لا يمكن لأحد تفكيك آثار السياسات الدولية وإبعادها عن أثر الحكم السيئ المريع الذي قدمته طالبان، ولكن ثمة درسان يتصلان بالحالة السورية يمكننا الخروج بهما من التاريخ المعاصر لأفغانستان.
والدرس الأول هو أنه في الحالة الأفغانية، تحركت العناصر الفاعلة الدولية ببطء من أجل تخفيف المعاناة الإنسانية، وخاصة فيما يتصل بالآثار التي أفقرت الناس والتي ترتبت على العقوبات التي فرضوها على أفغانستان، وكذلك بسبب القيود المفروضة على المصارف، وغيرها من السياسات الاقتصادية. فقد فرضت الولايات المتحدة والأمم المتحدة وغيرها من الكيانات في بداية الأمر عقوبات على طالبان خلال تسعينيات القرن الماضي، ثم رفعتها عقب أحداث 11 أيلول عام 2001، بيد أن ذلك الإرث من القيود المفروضة على طالبان دفع للحكم على البلد بأكمله بالفشل عقب سيطرة المتمردين السابقين على الحكومة. كما رأى الشعب الأفغاني أن طالبان طردت القوات الأجنبية التي نشرت في البلد منذ عام 2001، وذلك عندما أسقطت القوات التي تقودها الولايات المتحدة الحكومة السابقة، كما اعتبر كثيرون الإجراءات الاقتصادية التي فرضت على طالبان بمثابة انتقام أنزله بها الغزاة المهزومون. أما على الصعيد المادي، فإن العقوبات والقيود أسهمت في ظهور تراجع حاد في قيمة العملة المحلية، فلم يعد بوسع المصرف المركزي الوصول إلى الاحتياطي الخاص به، كما عطل ذلك شبكات التوريد خلال الأشهر التي أعقبت عودة طالبان، وبحلول شهر كانون الأول من عام 2021، صارت الوكالات الأممية تصف أفغانستان بأنها البلد الذي يعاني من أكبر كارثة إنسانية على مستوى العالم.
بعد مرور ستة أشهر على سقوط كابل، لاحت نذر المجاعة في البلد، فعدلت الحكومات الأجنبية من عقوباتها بنسبة يمكنها من خلالها البدء بالاقتراب من حجم الكارثة، إذ أطلقت واشنطن أكبر إعفاءات على الإطلاق في تاريخ العقوبات الأميركية المدونة، كما حسنت الأمم المتحدة من الاستقرار النقدي لأفغانستان وذلك عبر إرسال شحنات نقدية مخصصة لعمليات الإغاثة، وقد أسهمت تلك الإجراءات في التخفيف من وطأة الكارثة، لكنها أتت متأخرة جداً، كما كانت خجولة جداً، وهذا ما جعل الشركات الخاصة ووكالات التطوير والاستثمار ترفض فكرة فتح أي مشروع تجاري داخل دولة منبوذة يتصف قطاعها المصرفي بالشلل، إذ لم يدر المستثمرون المحتملون بأمر الإعفاءات الأميركية، وحتى من عرفوا بها ظلوا قلقين وخائفين من احتمال خرقهم للعقوبات أو انتهاكهم لقوانين مكافحة الإرهاب التي فرضتها دول أخرى لم تخفف من شدة قواعدها.
ثمة درس آخر لا بد من تعلمه أيضاً من فشل الغرب في تقديم التوضيح الكافي لطالبان فيما يتصل بالطريقة التي بوسعها من خلالها كسب الاعتراف الدبلوماسي والتخلص من العقوبات، إذ على الرغم من أن الجهات الفاعلة الأجنبية تحدثت عن ضرورة نشر الاستقرار واتخذت بعض الإجراءات للتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية، بقي التعامل الدولي محدوداً نظراً لرفض الغرب اتخاذ أي خطوة من شأنها منح شرعية للقادة الجدد لكابول. ومن دون أن توضح أو أن تحدد أي مقابل، طالبت الحكومات الغربية باحترام حقوق المرأة وتشكيل حكومة قائمة على مبدأ المشاركة، وهذا المبدأ الغامض على الرغم من النوايا الحسنة التي ينطوي عليها مايزال متداولاً بين الجهات الفاعلة الدولية التي تناقش مستقبل سوريا.
تقع حصة الأسد في المسؤولية المترتبة على وضع النبذ الذي تعاني منه أفغانستان على عاتق رجال الدين الذين أصروا على قوننة سلوك النساء والفتيات بطرق تشتمل على خروقات للقواعد الدولية وهذا ما حول طالبان إلى حركة سامة على المستوى السياسي، ولكن خرج براغماتيون بين ظهراني طالبان أيضاً، بيد أن هؤلاء المعتدلين لم يتمكنوا من إقناع المتشددين بأن وضع مزيد من السياسات السمحة من شأنه أن يؤدي إلى تحقيق مكاسب كبيرة، ويعود أحد أسباب ذلك إلى عدم عرض العالم لمثوبات واضحة مقابل سن سياسات أفضل، فلقد توجه البراغماتيون من طالبان بزيارات عديدة للقيادات الدينية في قندهار وذلك ليضغطوا عليهم بشأن المراسيم القاسية الجديدة التي فرضوها، ولكن في كل مرة، كان هؤلاء يعودون بخفي حنين.
ظهر أقرب عرض صريح في حزيران من عام 2023، في أثناء زيارة قام بها المنسق الأممي الخاص، فريدون سينيرلي أوغلو، لأفغانستان، إذ خلال تلك الزيارة، وصلت للمسؤولين في طالبان فكرة مفادها بأنه بوسع حكومتهم تمثيل طالبان لدى الأمم المتحدة في حال سمحوا بتعليم الفتيات من مختلف الأعمار، غير أن طالبان كانت تريد عرضاً واضحاً، وهذا ما لم تحصل عليه على الإطلاق، إذ بعد مشاورات مع الدول الأعضاء لدى الأمم المتحدة، خرج تقرير سينيرلي أوغلو أمام مجلس الأمن بمجموعة واسعة من الطلبات الموجهة لطالبان، ولم يشتمل إلا على وعود غامضة بشأن مسار التطبيع الذي قد يفوز به النظام مقابل ذلك.
لم تكن المقاربة القائمة على مزيد من الصفقات ضامناً لإقناع قيادة طالبان بتغيير سياساتها مقابل الاعتراف بها وتخفيف العقوبات عنها، بل إن بعض الدبلوماسيين رفض حتى فكرة المساومة مع طالبان، وأعلنوا بأن حقوق النساء والفتيات غير قابلة للتفاوض، إلا أن هذا النهج لم يجرب بما فيه الكفاية، إذ في ظل غياب أي أمل حقيقي بالحصول على تنازلات حقيقية من الدول الغربية، يئست طالبان حتى من الحصول على الشرعية على المستوى العالمي.
رياح معتدلة
مثلهم مثل قيادة طالبان، أتت القيادات الجديدة لسوريا من حركة إسلامية مقاتلة، إذ ظهرت هيئة تحرير الشام في عام 2017 إثر تحالف عدة جماعات مسلحة التفت حول فصيل جهادي يعرف باسم جبهة النصرة التي أسسها أحمد الشرع، القائد الحالي للهيئة، والذي انضم في فترة من الفترات إلى تنظيم الدولة، ولكن في عام 2013، قطع الشرع علاقته بالتنظيم وبايع تنظيم القاعدة قبل أن يفك ارتباطه بتلك الجماعة في عام 2016.
غير أن هيئة تحرير الشام لا تشبه طالبان من نواح أساسية، وذلك لأن زعيم طالبان ولد في قرية جدران البيوت فيها مبنية من الطين واللبن، ودعا لنشر التعليم الديني المتشدد، ووجه خطابه ضد الآثار الشريرة التي يخلفها العالم خارج أفغانستان، في حين أن قيادات هيئة تحرير الشام، وعلى الرغم من التزامها الديني، خرجت من مدن عصرية في سوريا، وأغلبهم درس وتعلم في الجامعات، ولهذا صاروا يسعون لتكوين مزيد من العلاقات مع العالم. وقد سعت هذه الجماعة منذ أمد بعيد إلى فك ارتباطها بأعداء الغرب، فبدأت بالجماعات الإرهابية المكروهة لديه، إذ شنت الهيئة حملة صارمة ضد جماعة حراس الدين التابعة لتنظيم القاعدة في شمال غربي سوريا والتي لم تشارك في الثورة ضد الأسد في عام 2024، كما مارست الهيئة قمعاً شديداً على العناصر السورية من تنظيم الدولة، فاعتقلت بعضهم ونفذت في بعض الأحيان إعدامات ميدانية لبعض منهم، كما تعهدت بمواصلة محاربة تنظيم الدولة في المنطقة الشرقية بسوريا.
إضافة لذلك، أمضى ثوار سوريا سنوات وهم يصدون هجمات يشنها عدوّان لدودان للغرب، هما الأسد وروسيا، فحقق انتصارهم سقوط اثنين من أعداء أميركا، في حين أن فوز طالبان يعتبر في جوهره هزيمة لأميركا، وعلى الرغم من أن الهيئة اليوم مابرحت تمسك بشعرة معاوية وهي تحاول أن تتجنب استعداء روسيا، وذلك بعد أن عرضت على موسكو فرضة الاحتفاظ بقواعدها العسكرية في سوريا، استقبلت السلطات الجديدة في دمشق مؤخراً وزير خارجية أوكرانيا وتعهدت بتمتين العلاقات مع كييف، في حين كانت علاقة هيئة تحرير الشام مع إيران أبرد بكثير، وأقرب للعدائية، وذلك عندما أكدت الهيئة على وجوب محاسبة إيران على ما مارسته من أفعال زعزعت استقرار سوريا، كما أكد الثوار السابقون على أنهم لن يشكلوا أي تهديد على جيرانهم، في لفتة رأى فيها بعض الناس تطميناً لإسرائيل التي تعتبر الحليف الإقليمي الأقرب على قلب الولايات المتحدة.
ولقادة سوريا الجدد تاريخ أكثر اعتدالاً في الحكم، إذ عندما حكمت الهيئة إدلب التي سيطرت عليها في عام 2017، لم تفرض القيود التي فرضتها الفصائل التي حكمت إدلب قبلها على غير المسلمين، مثل عدم قرع أجراس الكنائس، بيد أنها لم تشارك النساء في القيادة ولا في القضاء، غير أن هؤلاء الثوار عموماً أشد تسامحاً من طالبان، فقد أخذت شرطة الأخلاق تجوب أفغانستان، ولكن في مطلع هذا العام، علقت الهيئة القوانين المقترحة والداعية لفرض قواعد الشريعة الإسلامية على الأسواق التجارية والمطاعم والمقاهي في إدلب. وفي حين تهيمن عناصر متدينة محافظة على قيادة طالبان، نجد بأن الهيئة أقصت أشد شيوخها راديكالية وتطرفاً، ولذلك أصبحت الهيئة تفتخر بتاريخها في مجال التشجيع على تعليم الفتيات من كل الأعمار، على الرغم من قيامها بفصل الصفوف الدراسية بحسب النوع الاجتماعي.
منذ سيطرة ثوار سوريا على دمشق، تبنوا لهجة تصالحية واضحة، إذ تعهدت هيئة تحرير الشام باحترام حقوق المسيحيين والعلويين وغيرهم من الأقليات، وأكدت على حق جميع قطاعات المجتمع في المشاركة بمظاهرات سلمية، وتعهدت الهيئة بحل نفسها والانضمام إلى المؤسسات الحكومية الرسمية، ومنذ فترة قريبة عين القادة الجدد لسوريا نساء في مراكز قيادية، فكان من بينهن من ترأست مكتب شؤون المرأة وأخرى ترأست المصرف المركزي في سوريا.
غير أن الخطاب المعتدل لهيئة تحرير الشام قد يقابله جمهور يشكك بصحة أقواله في مختلف بقاع العالم، ويعود ذلك للارتباطات السابقة للهيئة والأسئلة التي بقيت معلقة حول الطريقة التي ستحكم بها هيئة تحرير الشام البلد بأكمله، غير أن القادة الجدد لسوريا يبدون حماسة أشد من تلك التي أبدتها طالبان تجاه كسب ود الغرب، ويعود أحد أسباب ذلك إلى أن قيادات الهيئة يبدو أنهم استوعبوا بأن تطوير البلد وإعادة إعمارها بحاجة لدعم غربي وإلى رفع للعقوبات، ولهذا ينبغي على القوى الخارجية أن تكسب ثقة دمشق في حال حكمت السلطات الجديدة بالانفتاح ذاته الذي أظهرته خلال أسابيعها الأولى في السلطة.
ضريبة الميراث
غير أن توجيه ثوار سوريا لرسائل براقة للقوى الخارجية لا يعني بأن هذه الطريقة أسهل من الطريقة التي اتبعتها طالبان للتخلص من العقوبات، وذلك لأن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وتركيا وغيرها من الدول المؤثرة جميعها مايزال يصنف الهيئة كتنظيم إرهابي، ومنذ عام 2014، اعتبرت الولايات المتحدة هيئة تحرير الشام تنظيماً إرهابياً أجنبياً، وهذا التصنيف يحمل بين طياته تداعيات أشد من تلك التي حملها تصنيف طالبان كتنظيم إرهابي عالمي، وذلك لأن تصنيف جماعة ما على أنها تنظيم إرهابي أجنبي يجعلها مستهدفة على المستوى السياسي والقانوني، ويعود أحد أسباب ذلك إلى أن الولايات المتحدة تحظر تقديم أي دعم مادي لتلك الجماعات التي صنفتها ضمن هذه القائمة، ويشمل ذلك التدريب وتقديم المشورة، كما قد تفرض عقوبات مشددة على الأميركيين وسواهم ممن يخرقون تلك القواعد، وتشمل تلك العقوبات فرض غرامات قد تصل إلى 500 ألف دولار إلى جانب الحبس لعقود في السجن. ومع تولي جماعة مصنفة كتنظيم إرهابي أجنبي للحكومة الجديدة في سوريا، أصبح أي تعامل مع هذا البلد محملاً بخطر قانوني من الناحية العملية، وهذا ما يعيق عمل الجهات الإغاثية، وأصحاب المشاريع التجارية، بل حتى الدبلوماسيين، ويمنعهم من العمل في هذا البلد. وحتى في حال حل الهيئة لنفسها، لن تسقط عنها صفة التنظيم الإرهابي الأجنبي بشكل تلقائي، وذلك لأن التراجع عن تصنيف جماعة ضمن هذه القائمة قد يستغرق سنوات طويلة.
وإلى جانب القيود المفروضة على هيئة تحرير الشام هنالك عقوبات معقدة مفروضة على الدولة السورية نفسها، وهذا ما لا بد لقادة سوريا الجدد أن يرثوه، فقد صنفت الولايات المتحدة سوريا كدولة راعية للإرهاب في عام 1979، وشددت عقوباتها عليها خلال السنوات الأولى من هذا القرن، وفي العشرية الثانية من الألفية الثالثة، وبعد قمع الحكومة السورية السابقة للانتفاضة الشعبية بشكل متوحش ما أدى إلى إغراق البلد في الحرب، أصدرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرهما من الكيانات الدولية عقوبات اقتصادية جديدة على سوريا ماتزال مفروضة عليها حتى اليوم، وتشتمل هذه العقوبات على عقوبات فرضت على قطاعات الطاقة والمصارف والاتصالات، وقيوداً على استيراد معظم السلع الأجنبية، بالإضافة إلى سلع قادمة من دول أخرى تحتوي على قطع صنعت في الولايات المتحدة، ناهيك عن القوانين التي تحظر المشاريع التجارية غير الأميركية من ممارسة التجارة مع الشركات السورية، وقد فرضت معظم تلك القيود بموجب تشريعات، وهذا ما يصعب أمر رفعها، وقد أسفر عن هذا التداخل في العقوبات والقيود حظر تجاري شبه كامل.
قبل سقوط الأسد الذي تم خلال الشهر الفائت، أسهمت العقوبات إلى جانب عوامل أخرى مثل سوء إدارة نظام الأسد إلى انهيار الاقتصاد السوري وإلى ظهور أزمة اقتصادية جعلت 70% من أبناء الشعب السوري بحاجة ماسة إلى الغذاء والماء وغيرهما من أساسيات الحياة. كما منعت القيود الاقتصادية عمليات تسليم المساعدات، فلقد سعت المنظمات الإنسانية جاهدة للعثور على مصارف تستقبل دفعات موجهة إلى سوريا، غير أن المعاملات الإضافية المطلوبة للالتزام بتلك القيود بشكل قانوني استهلكت الوقت والموارد، وقد ترتب ضرر كارثي على تأخر تسليم المساعدات في بعض الأحيان، إذ في إحدى المرات، بقي مقدمو الاستجابة الأولية الذين توجهوا لتقديم خدماتهم إثر زلزال 2023 الذي ضرب سوريا وتركيا ينتظرون طوال أسابيع قبل أن يؤذن لهم بإدخال الحفارات التي احتاجوا إليها لمساعدتهم في الوصول إلى الضحايا تحت الركام، وذلك بسبب القيود المفروضة على الصادرات الأميركية والتي تحظر استيراد تلك المعدات.
لا بد لتلك الأمور المزعجة أن تستمر مع بقاء القيود الاقتصادية الموسعة على حالها، على الرغم من أن معظم تلك العقوبات لم يعد لها أي معنى بما أن نظام الأسد لم يعد موجوداً الآن، لذا، ومن دون رفع العقوبات أو تخفيفها، قد يزداد وضع الفقر والعوائق المفروضة على عمليات تسليم المساعدات سوءاً في سوريا وذلك لأن الحكومة الجديدة تخضع لسيطرة جماعة ذات تصنيف إرهابي، وفي السابق وتحديداً في الأجزاء الواقعة شمال غربي سوريا والتي خضعت لحكم الهيئة طوال سنين، تسبب الخوف من الملاحقة بعرقلة توفير السلع الأساسية وتقديم المساعدات، أما الآن، فإن المشكلات نفسها قد تتوسع لتشمل سوريا كلها.
مصيدة للفقر
في حال لم تتم معالجة الأمر بسرعة، فإن العزلة التي فرضها العالم على هيئة تحرير الشام وعلى الدولة السورية قد تخلق أزمة تفوق تلك التي ظهرت في أفغانستان، فلقد تسببت سلسلة المعارك التي أدت لإسقاط نظام الأسد بتشريد نحو 900 ألف سوري خلال الشهرين الأخيرين من عام 2024. ولقد توقعت الأمم المتحدة بأن الشعب السوري البالغ تعداده 33 مليوناً قد يحتاج إلى مساعدات خلال العام المقبل، وحتى في حال تحرك القوى الأجنبية بشكل سريع على الجانب الإنساني، قد لا تكفي المساعدات القادمة من الخارج لتغطي البلد بأكمله، ولهذا فإن سوريا لا تحتاج إلى مواد عاجلة فحسب بل أيضاً إلى دعم مخصص لإنعاش اقتصادها الذي توقفت عجلته خلال الحرب. أما إصلاح الاقتصاد فسيحتاج إلى دعم مالي وفني من الجهات المانحة والمنظمات الدولية، غير أن مؤسسات مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي مايزال التصنيف الأميركي لسوريا على أنها دولة راعية للإرهاب يمنعها من مد هذا البلد بكل ذلك، لأن ذلك سيدفع واشنطن التي تتمتع بصوت حاسم على طاولة تلك المؤسسات، إلى الوقوف ضد هذه المساعدات. في حين أن جهات فاعلة أخرى مثل الاتحاد الأوروبي ماتزال تطبق قوانين تمنع تقديم القروض والمنح لسوريا، والأدهى من ذلك هو أنه طالما بقيت هيئة تحرير الشام ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية الأميركية، فإن أي خبير يسدي أي نصيحة للنظام الجديد قد يتعرض لخطر مخالفة القوانين الأميركية.
قد يحتاج التعافي الاقتصادي إلى عملية استئناف سريعة لنشاط القطاع الخاص والتجارة الدولية التي تراجعت بنسبة 80% منذ عام 2010 وحتى عام 2022. إلا أن معظم الدول تحرم على مواطنيها ممارسة النشاط التجاري مع سوريا، لذا، وطالما بقي المصرف المركزي في سوريا تحت وطأة العقوبات، فإن مؤسساته المالية سوف تبقى مغلقة دون العالم، كما قد تظهر مضاعفات أخرى عند محاولة أي مصرف مركزي تحقيق المعايير العالمية المعنية بمحاربة تمويل الإرهاب وذلك في حال كان الشخص المحكم المسؤول عن التعيينات الجديدة في البنك شخصية إرهابية أدرج اسمها ضمن قوائم الإرهابيين.
هذا وقد يهدد استمرار العزلة المفروضة على الاقتصاد السوري في دفعه نحو تبني مزيد من أشكال اقتصاد الظل، إذ في حال عجز السوريين عن الحصول على إذن لمزاولة التجارة مع العالم، قد يعتمدون عوضاً عن ذلك على صناعات غير مشروعة بقيت ضمن الموارد القليلة للتربح في البلد خلال السنوات الماضية، فقد اعتمد نظام الأسد على إنتاج منشط الكبتاغون المحظور وتصديره، ولذلك فإن المسؤولين الدوليين سيحثون هيئة تحرير الشام على القضاء على ظاهرة الإتجار بالمخدرات، غير أن قادة سوريا قد يواجهون صعوبات في تحقيق ذلك، ما لم تقترن تلك المطالبات بفرص اقتصادية جديدة تعمل على تأمين سبل عيش مستدامة.
كما أن الأزمة الاقتصادية والإنسانية المتجذرة في سوريا قد تقوض المصالح الجيوسياسية الغربية، وبما أن الأسد كان معزولاً عن بقية العالم، لذا اعتمد على روسيا وإيران بشكل كبير، ولهذا يحاول القادة الجدد لسوريا النأي ببلدهم عن هذين الطرفين الفاعلين، إذ بعد أيام من طرد الأسد، ابتعدت ناقلة نفط محملة بنفط إيراني خام عن سوريا، ما يشير إلى أن طهران قد تقطع دعمها لقطاع الطاقة عن البلد، ولكن في حال بقاء القيود الغربية المفروضة على الاقتصاد السوري على حالها، فإن الخيارات قد تضيق أمام القادة الجدد في دمشق، فلن يبقى أمامهم أي خيار سوى أن يطلبوا المساعدة من الدول المعادية للغرب وذلك حتى لا تنقطع الكهرباء عن سوريا.
الخروج من عنق الزجاجة
ما تريده حكومات الدول الغربية من سوريا هو أن تعود لسابق عهدها، وأن تصبح أفضل مما كانت عليه، وأن توقف تدفق المهاجرين، وأن تعمل على كبح جماح الإرهاب. ولذلك زادت النقاشات في الكواليس خلال الأسابيع الماضية ما بين الدول الغربية والعربية بشأن طريقة التعاون مع القادة الجدد لسوريا، فقد أجرى مسؤولون رفيعون من كل من فرنسا وألمانيا وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة ودول الخليج والأمم المتحدة وغيرها محادثات مع هيئة تحرير الشام، وزار عدد منهم دمشق، وفي أواخر كانون الأول الماضي، رفعت الولايات المتحدة الجائزة التي تبلغ قيمتها عشرة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن الشرع، إذ إن إجراء محادثات مباشرة على أعلى مستوى كان أمراً بعيداً عن تفكير أي منهم قبل شهر من الآن فحسب، بما أن معظم الدول اتبعت سياسة عدم التعامل مع الهيئة.
ولكن، ثمة مؤشرات أخرى على أن العالم قد يرتكب في سوريا أغلب الأخطاء التي ارتكبها في أفغانستان بعد عام 2021، إذ لم ترغب الدول الغربية بالالتزام بخارطة طريق من أجل تخفيف العقوبات والاعتراف النهائي بالسلطات الجديدة، إذ بموجب هذه الخارطة ستقابل إجراءات محددة تتخذها الهيئة بخطوات محددة تقوم بها الدول الغربية، كما لم تقم الدول بأي إجراءات أصبحت الآن مطلوبة على الفور لتخفيف أثر العقوبات التي تسببت بأزمة إنسانية واقتصادية في سوريا.
وخلال الأسابيع الماضية، تحدث مسؤولون أوروبيون وأميركيون عن عدد من الشروط التي طالبوا بها هيئة تحرير الشام، مثل الاشتراط عليها بأن تتخذ إجراءات ضد نزعتها النضالية العابرة للدول، مع تشكيل حكومة تعتمد بشكل أكبر على مشاركة الجميع، ومراعاة حقوق المرأة والأقليات، وإغلاق القواعد الروسية، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، من دون أن يوضح أي منهم بدقة ما الذي سيقدمه العالم للثوار السابقين مقابل ذلك أو مقابل الطريقة التي ينبغي للهيئة من خلالها إعطاء الأولوية لهذه الشروط، بل على العكس، أرجأ السياسيون وماطلوا في معالجة هذا الأمر.
لاشك أن الهيئة مسؤولة عن ممارسة دورها في إنجاح عملية الانتقال السياسي، غير أن مشاركتها لفصائل مسلحة أخرى في ثورتها، ومن بينها تلك الفصائل التي فرض مجلس الأمن عقوبات عليها بسبب ارتباطها بتنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية، قد يثير مخاوف كثيرة، كما أبدى بعض المراقبين قلقهم تجاه فكرة وجود قاعدة صلبة من المتشددين ضمن هيئة تحرير الشام وهؤلاء يخفون مطامحهم الحقيقية إلى أن تعزز الهيئة سيطرتها على الحكم، كما أعربت بعض الحكومات عن قلقها تجاه القرار الذي أصدرته الهيئة والمتعلق بتكليف عدد ضئيل من المقاتلين الأجانب بمناصب رسمية ضمن الجيش السوري الجديد، فيما خشيت عواصم دول أخرى من أن مد يدها في وقت مبكر للهيئة ما هو إلا مكافأة للثوار وذلك قبل أن يصبح لديهم تاريخ مع الحكم الصالح، ولذلك حذر وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكين الهيئة منذ فترة قريبة من كل ذلك ونبههم إلى ضرورة تجنب الزلات التي وقع بها قادة طالبان الذين قدموا وجهاً معتدلاً قبل أن تظهر "الألوان الحقيقية" لهذه الجماعة على حد وصفه.
لا وقت للانتظار
في ظل غياب إجراءات حازمة من الجهات الفاعلة الدولية، أصبحت سوريا عرضة للوقوع في أزمة كتلك التي وقعت بها أفغانستان، وحتى تتجنب هذا المصير، يتعين على الحكومات الأجنبية أن تعمل بسرعة على منع العقوبات من دفع سوريا نحو حالة طارئة أشد على المستويين الاقتصادي والإنساني.
والآن، ومباشرة، يتعين على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وغيرها من الجهات الفاعلة إصدار إعفاءات أوسع على غرار الرخصة العامة التي أصدرتها وزارة الخزانة الأميركية لصالح أفغانستان عام 2022، وذلك للسماح لسوريا بممارسة النشاط الاقتصادي والتجاري، وذلك لأن هذه الأذونات قد تنقذ أرواح الناس على المدى القصير، مع الانحياز للمصالح الغربية الساعية لتعزيز الاستقرار في المنطقة ووقف تدفق المهاجرين، وهذه الخطوات يمكن أن تتخذ في غضون أيام عبر الإجراءات التي تقرها وزارة الخزانة الأميركية ومجلس الاتحاد الأوروبي ووزارة الخزانة البريطانية، كما قد تقوم على إعفاءات موجودة بالأصل مخصصة للمساعدات الإنسانية.
كما لابد من اتخاذ إجراءات أخرى فورية من دون فرض شروط وذلك لتخفيف الضغط على القطاعات الأساسية مثل قطاع الطاقة والمصارف في سوريا، إذ على الرغم من أن النمو الاقتصادي للبلد سيتأخر طالما بقيت سوريا خاضعة للعقوبات، لا يمكن البدء بعملية التعافي في ظل حجب للأنشطة الأساسية للقطاعات الرئيسية في البلد. وهذه الإصلاحات لن تضر بالنفوذ الذي تمنحه العقوبات للقوى الغربية، نظراً لوجود كم هائل من القيود المفروضة على سوريا في الوقت الراهن. ثم إن سن قوانين لتخفيف العقوبات سيحتاج إلى زمن طويل، كما يتطلب اتخاذ إجراءات تشريعية وتنظيمية وغيرها والتي لم تتخذها الأذرع المختلفة للحكومة الأميركية والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وغيرها من الجهات الفاعلة، ولهذا يتعين على الحكومات الغربية أن تشرع بعملية رفع تلك القيود الآن.
خلال الأسابيع القادمة، يتعين على الحكومات الأجنبية أن تنسق لعرض مطالب واضحة وواقعية ومحددة بزمن معين أمام القادة الجدد لسوريا وذلك مقابل تخفيف كبير يطرأ على كل من العقوبات المفروضة على الإرهاب والتي تضر بهم بصورة مباشرة إلى جانب تخفيف القيود الاقتصادية التي فرضت على نظام الأسد البائد. ويمكن لتلك المفاوضات أن تتم عبر التحاور بين طرفين، إلى جانب المحاورات التي تتم خلال مؤتمرات تضم أطرافاً متعددة، وإذا حددت الحكومات الأجنبية معايير واقعية بوسع قادة سوريا الجدد تحقيقها وذلك للحصول على تخفيف للعقوبات، عندئذ يصبح بمقدروهم أن يحصلوا على تنازلات واقعية من هيئة تحرير الشام مثل الالتزام بتطبيق الحكم الرشيد والضمانات التي تؤكد عدم تشكيل الدولة السورية ولا الجماعات الأخرى الموجودة داخل البلد لأي خطر على الخارج، بيد أن التوصل إلى اتفاقات بخصوص ذلك يتطلب في أغلب الأحيان تقديم تنازلات صعبة، غير أن القيام بذلك قد يعرض الثوار السابقين والمسؤولين الدوليين للمحاسبة على الدور الذي لعبوه في هذه الصفقة. أما الحكومات التي يقلقها أمر التنازل عن نفوذها فيجب أن تتذكر بأن إخراج هيئة تحرير الشام من قائمة التنظيمات الإرهابية وتخفيف العقوبات عن سوريا الآن لن يمنع الهيئة عن القيام بإجراءات عقابية أخرى فيما بعد إن اقتضت الظروف.
للأسف يبدو أن العناصر الفاعلة الدولية تضيع فرصتها في تهيئة سوريا الجديدة للنجاح، إذ في 23 كانون الأول، وقع الرئيس الأميركي جو بايدن على تشريع لتمديد قانون قيصر الصادر في عام 2019 والذي فرض أشد العقوبات على سوريا لخمس سنين أخرى، على الرغم من أن معظم المعايير المتعلقة بتعليق تلك العقوبات تحققت منذ سقوط الأسد، وهذا ما دفع النواب للقول بأنه من السابق لأوانه رفع العقوبات، ولكن في أواسط شهر كانون الأول، قال النائب الجمهوري البارز من ولاية إيداهو السيناتور جيم ريش وهو عضو في لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوع الأميركي بإن الكونغرس سوف "يراقب ويرى" كيف ستحكم هيئة تحرير الشام.
غير أن الانتظار والمراقبة ينطويان على مخاطر جمة، وخاصة في الوقت الذي تتزايد فيه احتياجات السوريين، كما لن يفيد الانتظار والمراقبة شيئاً في منع البلد من الانهيار، وذلك لأن سوريا تقف اليوم على مفترق طرق، أحدها يقدم فرصة لإعادة البناء والتعامل مع العالم، والآخر يفضي نحو عزلة أعمق ومعاناة أكبر للشعب السوري، ولهذا يجب على العناصر الفاعلة الدولية أن تتعلم من أخطائها وفشلها في أفغانستان وأن تتحرك بحزم، كما عليها أن تقتنص الفرصة لتحث هيئة تحرير الشام على تقديم تنازلات تعمل على تهيئة سوريا ووضعها على الطريق المفضي إلى الانتعاش الاقتصادي والحكم المستدام مع اتخاذ خطوات حقيقية لمعالجة الأمور المقلقة للأمن الدولي، ويمكن للاستجابة العالمية المحكمة أن تقلص فرص سوريا في التحول إلى مأساة أخرى على الطريقة الأفغانية.
المصدر: The Foreign Affairs