نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية تقريراً تحدثت فيه عن حالة الشلل التي أصابت المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري من جرّاء النقص الحاد في المحروقات، مشيرة إلى أن أزمة المحروقات الحالية تضع البلاد في أسوأ عام على الإطلاق منذ 2011.
وقال التقرير إن "معظم البلاد في طريق مسدود، حيث لا يوجد وقود للمولدات لتوفير الكهرباء، وأوقفت المصانع عملياتها، وألغت الجامعات الفصول الدراسية، وأصبح انقطاع التيار الكهربائي لمدة تصل إلى 22 ساعة في اليوم هو المعيار السائد في دمشق والمناطق المحيطة بها".
وقالت مديرة السياسة والاتصالات في مجلس اللاجئين النرويجي في دمشق، إيما فورستر، إن "الآثار المتتالية لأزمة الوقود كانت واسعة النطاق، ويخبرنا الناس إن هذا العام هو أسوأ عام حتى الآن".
وأضافت فورستر أن "الوقود كان متاحاً في السابق، لكنه كان مكلفاً للغاية، إلا أنه الآن لم يعد متوفراً على الإطلاق، وله تأثير غير مباشر على كل جوانب الحياة في سوريا، والذي كان بالفعل صعباً للغاية بالنسبة للكثيرين".
وأشارت المسؤولة في مجلس اللاجئين النرويجي إلى أن "نقص الكهرباء أثر على الرعاية الصحية والتعليم وشبكات المياه، ومع انخفاض درجات الحرارة يلجأ الناس إلى حرق أي شيء يمكنهم العثور عليه للتدفئة، الخشب إذا كان بإمكانهم تحمل كلفته، والقمامة، والأكياس البلاستيكية، والإطارات المطاطية، والملابس والأحذية القديمة".
دفع ثمن الإمدادات من احتياطي العملات الأجنبية
من جانبه، قال رئيس تحرير موقع "تقرير سوريا" الاقتصادي، جهاد يازجي، إن "البيانات حول شحنات الوقود بين سوريا وإيران غير مكتملة، وليس واضحا سبب خفض طهران للإمدادات"، مضيفاً أنه "لا يوجد سبب لعدم تصديق الحكومة في هذا الشأن، خاصة لأنها تجني الكثير من الأموال في هذا القطاع".
ووفق "فايننشال تايمز"، فإنه "عادة ما يتم شراء الوقود الإيراني عن طريق الائتمان، لكن النقص يجبر حكومة النظام على البحث عن إمدادات في مكان آخر، والتي يتعين عليها دفع ثمنها نقداً من الاحتياطيات الضئيلة من العملات الأجنبية، ما ساهم في وصول الليرة السورية إلى مستوى قياسي، بلغ 6000 ليرة مقابل الدولار".
وأشارت الصحيفة إلى أن مسؤولي حكومة النظام "ألقوا باللوم في نقص المحروقات على العقوبات الأميركية، والعملية العسكرية التركية في شمال شرقي سوريا، حيث دمرت الضربات الجوية البنية التحتية للطاقة، بما في ذلك المصافي ومحطات الطاقة، والغزو الروسي لأوكرانيا، مما ساهم في ارتفاع الأسعار".
ولفتت إلى أنه "مع قلة الإيرادات، والفساد المستشري، خفضت حكومة النظام الإعانات التي تشتد الحاجة إليها، حيث فقد ملايين السوريين إمكانية الوصول إلى المواد الغذائية والنفطية المدعومة في وقت سابق من هذا العام، ويحق لمن لا يزالون مؤهلين للحصول على وقود مدعوم الحصول على 25 ليتراً من البنزين كل 10 أيام، إلا أن السكان يقولون إنه لا يمكنهم الحصول على الوقود إلا كل 20 يوماً".
لا تداعيات للأزمة على النظام السوري
وفي مقابل ذلك، قالت "فايننشال تايمز" إنه "على الرغم من ذلك، فإنه من غير المرجح أن يكون لأزمة نقص الوقود تداعيات سياسية أوسع على النظام السوري"، مشيرة إلى أنه "بالنسبة للعديد من الناس، لم يؤد بدء فصل الشتاء إلا إلى زيادة حدة الأزمة".
وأشار جهاد يازجي إلى أن "النظام السوري كان على استعداد لتدمير الدولة بأكملها للبقاء في السلطة، وأنا على ثقة من أن النظام سيخيف الناس بما فيه الكفاية ليخضعوا".