icon
التغطية الحية

غضب شعبي في الرقة بسبب تقرير يزعم تعاطي نسبة مرتفعة من سكانها للمخدرات

2024.06.12 | 13:49 دمشق

43223
غضب شعبي في الرقة بسبب تقرير يزعم تعاطي نسبة مرتفعة من سكانها للمخدرات
الرقة - خاص
+A
حجم الخط
-A

شهدت مدينة الرقة حالة غضب شعبي واسع بعد عرض قناة العربية لتقرير ادعت فيه إن 80% من سكان المدينة و40% من النساء يتعاطون المواد المخدرة بالاعتماد على شهادة أحد المتعاطين ممن ظهروا في التقرير الذي وصفته بـ "الاستقصائي".

وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالمنشورات الرافضة لما جاء في تقرير "العربية" فيما دعت مجموعات من سكان الرقة إلى التظاهر مطالبين القناة بحذف التقرير وتقديم اعتذار رسمي من سكان المدينة.

ونفى بيان صدر باسم مجموعة من الفنانين والكتاب والصحفيين وناشطين المجتمع المدني في محافظة الرقة، أن يكون هناك نسبة كبيرة من السكان يتعاطون المخدرات

وأكدوا أن لا صحة لوجود نسبة كبيرة من نساء المدينة "يتعاطين المخدرات ويقدمنَ أجسادهن مقابل الحصول على المخدرات" كما روج تقرير العربية.

واعتبر البيان أن "ما ورد في التقرير يعد تشويها للشريحة الأكبر من المجتمع في مدينة الرقة".

وشدد البيان على أن "النسبة الأكبر من سيدات الرقة مثقفات وحاصلات على درجات عالية في التعليم والثقافة، والجميع يعلم أن الرقة تمتلك كما كبيرا من الفنانات التشكيليات والأديبات والشاعرات والسياسيات وناشطات المجتمع المدني والمعلمات والصحفيات وغالبية سيدات الرقة هنَّ ربات منازل وخرج من بيوتهن الآلاف من المبدعين والمثقفين".

التقرير اعتمد في نسبه "الاستقصائية" على شهادات لمتعاطين وغرباء عن المدينة

وقال "أحمد الشعبان" (اسم مستعار) وهو ناشط مدني من مدينة الرقة لموقع تلفزيون سوريا إن "التقرير أثار غضب عامة سكان الرقة لأنه بعيد عن الواقع والمهنية ويشوه الصورة الحقيقية لمجتمع الرقة المحافظ ونخبويته فبيننا المتعلمون والمثقفون والفنانون والشعراء والأدباء والأطباء وهذا أمر لا يمكن تغييره وتشويهه بهذا الشكل".

ويوضح الشعبان أن "تقرير مراسل العربية اعتمد على شهادات لا مصداقية لها كونها صادرة عن أشخاص متعاطين والسيدة الأولى التي ظهرت في التقرير باسم سارة الرقاوية تتحدث لهجة مختلفة عن لهجة أهل الرقة وبشكل مقصود قدمتها القناة بهذا الاسم وأما الشخص الثاني فهو متعاطي مخدرات ويعيش ضمن بيئة فاسدة من متعاطي وتجار المخدرات ومن الطبيعي أن يكون في محيطه نسبة كبيرة من المتعاطين".

ويستغرب الشعبان من "اعتماد قناة معروفة كالعربية على إحصائيات ونسب صادرة عن متعاطين بدلا من مؤسسات ومنظمات مستقلة، حيث يدعي التقرير أن 80% من سكان المدينة يتعاطون المخدرات و30-40% من النساء يتعاطين المخدرات ويقدمن أجسادهن مقابل الحصول على المواد المخدرة، كل ذلك من الأرقام بالاعتماد على شهادة شخص متعاطٍ".

واتهم الناشط الإعلامي "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) بالوقوف خلف ما جاء في التقرير لتحقيق أهداف سياسية وأمنية ومادية بالتركيز على ربط ظاهرة تفشي وتجارة المخدرات في عموم سوريا بمدينة الرقة حصراً مستغلا نشاط المنظمات في المدينة والدعم الذي تحظى به من برامج الخارجية الأميركية".

التقرير صُور تحت إشراف "قسد"

كشف مصدر من المجلس التنفيذي في مدينة الرقة أن "التقرير الاستقصائي" أنجز بتسهيلات أمنية وتحت إشراف رئيس دائرة الإعلام في الإدارة الذاتية ومسؤول المركز الإعلامي العام لقوى الأمن الداخلي المعروفة محليا باسم (الأسايش).

وأوضح المصدر أن "أجهزة الأمن التابعة لقوات سوريا الديمقراطية تتعامل بحساسية مع ملف مكافحة المخدرات وغالبا ما تكتفي بإعلان إحصائيات سنوية ضمن مؤتمر إعلامي عام، والمستغرب هذه المرة تقديم تسهيلات لصحفي محلي للوصول إلى داخل السجون ولقاء معتقلين بتهمة تعاطي وتجارة المخدرات وحتى تناول موضوع انتشار المخدرات في المنطقة يحتاج لموافقة وإجراءات معقدة".

وأشار المصدر إلى أن "التقارير التي تعد داخل السجون والمخيمات التي تضم عوائل التنظيم وكذلك التي يظهر فيها مسؤولون من قسد يتم مراجعة كل المقاطع المصورة والنسخة النهائية من التقرير قبل السماح بنشره".

وظهر في التقرير مسؤول الإدارة العامة لمكافحة المخدرات لدى "قسد" والذي تجنب الحديث عن مصادر المخدرات وإغراق نظام الأسد وإيران لسوريا بالحبوب المخدرة واكتفى بالحديث عن تأثير انتشار المخدرات على المجتمع وزيادة الجرائم بهدف ضرب مشروع "الإدارة الذاتية".

قسد تحاول امتصاص الغضب الشعبي

مع تزايد حالة الرفض الشعبي والعشائري لنشر معلومات وصفوها بـ "المضللة" حول مشكلة تعاطي وانتشار المخدرات في تقرير العربية واتهام سكان المدينة لـ"قسد" بإغراق المدينة بالحبوب والمساهمة في تشويه صورة سكانها من خلال ما ورد في التقرير من معلومات مغلوطة، لجأت الأخيرة إلى إصدار بيانات بأسماء منظمات واتحادات تابعة لها لامتصاص حالة الاحتقان الشعبي.

ونشرت صفحة "المجلس التنفيذي لمقاطعة الرقة" بياناً باسم الحركات والتنظيمات النسوية استنكروا من خلاله ما جاء في تقرير العربية وطالبوا القناة بتقديم اعتذار رسمي من أهالي المدينة وإيقاف عمل مراسل العربية "جمعة عكاش".

بالرغم من أنه حمل طابع التهديد للصحفي ومراسل قناة العربية إلا أن الصفحة التابعة للإدارة الذاتية نشرت فيديو مصورا لشيخ عشيرة العفادلة الشيخ "هويدي الشلاش" يستنكر ما جاء في التقرير واعتبره تشويها وإساءة لسمعة وكرامة وأعراض أهالي الرقة ونسائها.

وحذر الشلال "بالنيابة عن عشائر الرقة مراسل العربية من دخول مدينة الرقة مرة ثانية، مطالبا القناة بالاعتذار عن التقرير وتعيين مراسلين ذوي مصداقية ويجب محاسبته من قبل الإدارة الذاتية".

وأضاف الشلال أن "المرأة التي ظهرت في التقرير ليست من نساء الرقة حسب لهجتها وهي امرأة مأجورة من قبل مراسل القناة".

ونشر مراسل قناة العربية في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية بشمال شرقي سوريا جزءا من الفيديو على صفحته وعنونه بـ "أحد شيوخ الرقة يهدد علانية مراسل العربية بالقتل.. أين القانون؟ أين هي المؤسسات الأمنية ؟ أين هي الجهات التي تحمي الصحفيين ؟"

ماذا تريد "قسد" من الترويج لانتشار المخدرات؟

تحظى قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بدعم لوجستي ومادي كبير من قبل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية للعمليات التي تشنها ضد تنظيم الدولة (داعش) ومكافحة عمليات تهريب المخدرات التي يديرها النظام وميليشيات إيرانية في سوريا.

وبالرغم من شن "قسد" عشرات الحملات الأمنية والمداهمات في مناطق شمال شرقي سوريا إلا أن تجارة المخدرات ونسبة التعاطي في عموم المنطقة تشهد ازدياداً واضحاً بحسب الإحصائيات السنوية التي تعلنها "قسد" ووفق مصادر إعلامية من المنطقة.

وكما تعلم "قسد" بأن القضاء بشكل نهائي على نشاط خلايا التنظيم في مناطق شمال شرقي سوريا يعني تراجع الدعم المادي واللوجستي والعسكري والتنسيق مع القوات الأميركية فإنها تعي الشيء ذاته بالنسبة لملف مكافحة المخدرات.

ويقول مصدر أمني من "قسد" في الرقة، اشترط عدم الكشف عن اسمه لموقع تلفزيون سوريا إن "عمليات مكافحة المخدرات مقتصرة على اعتقال المتعاطين أو تجارا صغارا يمكن وصفهم بالسماسرة ولكن التجار الكبار مستمرون في إغراق المنطقة بالحبوب والمخدرات".

ويتهم المصدر "قوات قسد بالتقاعس بشكل مقصود ومدروس في مصادر تهريب وإدخال المخدرات إلى مناطق شمال شرقي سوريا من قبل تجار وميليشيات أمنية متربطة بشكل مباشر بالنظام وإيران".

موضحاً إن "الحواجز الأمنية لقسد واستخباراتها موجودة في كل مكان بمدينة الرقة وخارجها في كل مناطق شمال شرقي سوريا ومع ذلك يتم إدخال والاتجار بكميات كبيرة من حبوب الكبتاغون والمخدرات بحرية داخل هذه المناطق".

ويقول المصدر المطلع بشكل جزئي على عمليات مكافحة المخدرات إن "النظام وميليشيات إيران يهربون المخدرات للمنطقة عبر نهر الفرات في دير الزور ومطار القامشلي وفي سيارات عسكرية وشركات شحن وسيارات وآليات عسكرية تابعة للنظام وتعمل معها وتتحرك بالتنسيق مع قسد في عموم شمال شرقي سوريا".

ويرى المصدر أن "قسد إذا كانت جادة في مكافحة المخدرات لكانت نسبة الاتجار بالمخدرات وتفشيه تراجعت عاما بعد عام بسبب الدعم اللوجستي والمالي الكبير الذي تتلقاه إدارة مكافحة المخدرات من أميركيا بمعزل عن بقية القوات الأمنية".

إحصائيات مكافحة المخدرات خلال عام

كشفت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات لدى "قسد" في حزيران الفائت عن ضبط كميات ضخمة من المواد المخدرة وألقت القبض على عشرات التجار والمتعاطين في مناطق شمال شرقي سوريا.

وأشارت "قسد" إلى أن "عدد الملفات التي تم العمل عليها بلغ خلال عام كامل 522 ملفا تم توقيف كامل المتورطين في هذه الملفات وبلغ عددهم 6 تجار لكميات ضخمة من المواد المخدرة و1042 مروجا و2068 متعاطيا للمواد المخدرة تم تحويلهم جميعاً للنيابة العامة".

وقالت في مؤتمرها الصحفي إنها "ضبطت (147) كغ من الكريستال الميث، و(302) كغ من الحشيش، (148) سجائر حشيش، و(11,880) إبرة مخدرة، و(838,814) حبة كبتاغون، و(1,818,405) حبة مخدرة من أنواع مختلفة، و7 كيلوغرامات ونصف من مادة الهيروئين، و(41) شتلة من نبتة الحشيش، و(170) شتلة من نبتة الخشخاش، و(14) غرام من الكوكائين".