icon
التغطية الحية

عقدٌ من الفنون.. أوراق بحثية عن الإنتاج الفني السوري بعد ثورة 2011

2024.06.30 | 23:23 دمشق

آخر تحديث: 30.06.2024 | 23:23 دمشق

565465656
 تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

صدر حديثاً الكتاب الثاني من سلسلة كتب "عقدٌ من الفنون.. أوراق بحثيّة عن الإنتاج الفني السوري"، الذي أطلقته مؤسسة "اتجاهات- ثقافة مستقلة" في بيروت ضمن برنامج "أبحاث لتعميق ثقافة المعرفة لعامي 2021- 2022" بالتعاون مع دار "ممدوح عدوان للنشر".

ويضم الكتاب الذي جاء تحت عنوان: "أدوار الفنون على صعيد كتابة التاريخ خارج أُطر السرديات الرسمية والمُهيمنة"، أربع أوراق بحثية لخمسة باحثين، هم: تالا شمس الدين، وزاهر القاعي، وشامة الرشيد بابكر، ومحمد عبد الرحمن حسن، ونور عسلية. ويأتي كجزء من ثلاثة كتب عن الإنتاج الفني السوري خلال مرحلة ما بعد الثورة السورية، سيجري نشرها خلال هذا العام.

تتناول الكتب الثلاثة أسئلة الإنتاج الفني السوري بوصفها تكثيفاً لأسئلة الإنتاج الثقافي والفني في المنطقة العربية وما تمر به تحول وتغيير. وبالتالي هذه الأوراق هي محاولة لفهم عمق وأبعاد التغير الثقافي الجاري اليوم، واستشراف أسئلة مستقبل الفنون في سوريا ضمن تعاطيها مع المنطقة.

تع6565

إبداع سوري مختلف بعد 2011

شهدت سوريا خلال العقد الماضي ازدياداً ملحوظاً في الاهتمام بالممارسات الإبداعية، وهدف منتجو ومنتجات هذه الممارسات إلى التعاطي مع الاستحقاقات التي شهدتها سوريا في سياق المنطقة العربية، ساعد اشتغالهم/اشتغالهن الفكري والإبداعي على التعرف إلى "الجديد" في الفنون، والتأمل في جزء من التغيير الشامل الذي حدث، وعلى مرافقة مسارات ثورات وانتفاضات سوريا والمنطقة العربية.

أعادت الاشتغالات الإبداعية تفكيك وتركيب اللغة، وموضوعة سؤال السياسة والهم العام في قلب الإنتاج الفني، وسعت إلى تحرير الكلام ومساءلة قواعد وضوابط النظم، وبنى السلطة، والقوة الكامنة فيها، وعمدت هذه الاشتغالات إلى مساءلة المقدّس والمطلق، ووعينا تجاه العام والخاص وإعادة تركيب الجغرافيا والنظر في أبعادها مع سطوع المهجر كواقع والمنفى كفكرة. أتت هذه الاشتغالات لتخدش الحياء العام، وتشاكس حول القضايا العامة، وتوسع مساحة الهوامش والارتباط اللحظي مع متغيرات العالم.

لم تكن هذه الأعمال الفنية حكراً على جيل محدد، وتوازى إنتاجها مع اهتمام كبير على صعيد تحرير السرد الرقمي من القوالب القديمة ومزاوجته بمواضيع اجتماعية، واقتصادية، وإنسانية فشهدنا أعمالاً تفتح النقاش حول الحريات العامة والمجتمعية، وشؤون الكويرية وتعرفنا إلى إنتاجات تعيد تعريف الأدب والأدبية. ومع تعاقب سنوات هذا العقد وتراكم تحدياته، كانت الفنون والإنتاجات الإبداعية حاضرة في النقاش العام حول أهم الاستحقاقات مع عودة الديكتاتوريات وازدياد مساحات القمع، ومحاولة إطباق القوى الأمنية على الفضاء العام؛ فتوقفت هذه الإنتاجات الفنية عند ظواهر ازدياد العنف، وفشل سرديات الأمان، وانهيار منظمات الأمان: النفسي، والصحي والاقتصادي والبيئي، ومحاولات الاستيلاء على الثورات ومسارات الانتفاضات المحفوفة بالهشاشة وتعاظم الخسائر.

ضمن هذا الإطار أطلقت اتجاهات - ثقافة مستقلة دورة استثنائية من برنامجها أبحاث: لتعميق ثقافة المعرفة بالشراكة مع الصندوق العربي للثقافة والفنون- آفاق، والمجلس العربي للعلوم الاجتماعية، تضمنت دعوة مفتوحة للباحثين والباحثات من سوريا والمنطقة العربية لتقديم مساهمات نقدية وبحثية حول إنتاج الفنون والمشاريع في السياق السوري خلال العقد الماضي.

هدفت هذه الدعوة إلى استقبال أوراق بحثية من العاملين والعاملات في البحث الفني في المنطقة العربية، ومن باحثين وباحثات، وفنانين وفنانات، ومؤطري ومؤطرات فنون مهتمين بأسئلة الفنون في السياق السوري، وذلك لإتاحة الفرصة أمام منتجي ومتلقي الفنون للتأمل في أهم التحولات الحاصلة في المشروع الفني السوري، والتعرف إلى بعض القضايا المرتبطة بأدوار الفنون وحضورها في الحياة العامة.

وخلال الأعوام 2021 و2023 دعمت جهود تسعة عشر باحثاً وباحثة من سوريا، ولبنان، ومصر، والسودان للعمل على إنتاج أوراق بحثية سعت إلى النظر في بعض المفاصل من سمات هذا الإنتاج الفني، واندرج عملهم ضمن أربعة محاور نظرية مركزية:

  • أدوار الفنون على صعيد كتابة التاريخ خارج أطر السرديات الرسمية والمهيمنة.
  • اشتباك الفنون مع أسئلة الفضاء العام.
  • مفهوما الجديد والتغير في الإنتاجات الفنية والإبداعية في السياق السوري.
  • دراسات المقارنة بين الإنتاج الفني السوري والإنتاج الفني في المنطقة العربية.

خلال مدة العمل على هذه الأوراق البحثية، رافق عمل الباحثين والباحثات على تطوير مقترحاتهم البحثية لجنة علمية تألّفت من الأستاذة حنان قصاب حسن، وفاروق مردم بيك، وتوفيق خوري، إضافةً إلى ماريان نجيم التي كانت القارئة المرافقة للباحثين والباحثات.

مضمون الكتاب الثاني

جاء الكتاب في 287 صفحة. في الورقة الأولى المعنونة بـ "أصوات مكانية"، تتناول تالا شمس الدين، أصوات المدينة، من خلال دراسة نظريّة وميدانيّة ركّزت على ثلاثة شوارع في مدينة دمشق: شارع الملك فيصل، وجسر الرئيس، ومقهى الكمال.

أمّا زاهر القاعي، فيقدّم في ورقته "الراب السوري: الجوانب السياسية والاجتماعية والجندرية والفنّية واللغوية لعيّنة من أغاني الراب السوري"، معلومات إحصائيّة عن ثلاث قوائم تشغيل من أغاني الراب السوري بين عامَي 2011 و2022، أُنشِئَتْ لغرض هذا البحث على منصّات "ساوند كلاود" و"سبوتفاي" و"يوتيوب"، كما يُحلّل 37 أغنية عن طريق منهج دراسة الحالات.

"وجهان ووجهة واحدة، الفنّ التشكيلي العربي وانشغالات التحرُّر: دراسة مقارنة لتجربتَي مروان قصَّاب وكمالا إبراهيم (1960 - 2010)" عنوان الدراسة الثالثة التي قدّمها الباحثان السودانيّان شامة الرشيد بابكر ومحمد عبد الرحمن حسن، حيث يستجليان فيها تجربة اثنين من التشكيليّين العرب: السوري مروان قصاب باشي (1934 - 2016) والسودانيّة كمالا إبراهيم اسحاق (1939) اللذين لم تقلّ إسهاماتهما عن كثيرين من الفنّانين الذين لقوا شهرةً عالميّةً كبيرةً، سواء من حيث طبيعة أعمالهما، أو من حيث قدراتهما الفنيّة، أو من حيث عمق ثقافتَيهما.

وتختتم الباحثة نور عسَليّة الكتاب بورقة حملت عنوان "الفنّ السوري بعد 2011: القضيّة والجماليّات"، والتي تتناول فيها ظاهرة الالتزام ودوافعها ما قبل 2011 وبعده، ومفاهيم مثل "التعبير الصريح" و"رفض التسييس"، كما تتطرّق إلى التمثّلات الجماليّة لظاهرة الالتزام في الفنّ الشعبيّ والفنّ النخبويّ، ودور الجماليّات في خدمة القضايا، والتعبير الفنّي في مجابهة النسيان والاندثار.