icon
التغطية الحية

عشوائية وضبابية.. الزيارة من تركيا للشمال تشتت السوريين و"المؤقتة" تتنصل منها

2023.11.17 | 07:02 دمشق

إلى الآن لم تعتمد المجالس شروطاً أو آلية واضحة لتنظيم الإجازات
إلى الآن لم تعتمد المجالس شروطاً أو آلية واضحة لتنظيم الإجازات
تلفزيون سوريا - ثائر المحمد
+A
حجم الخط
-A

مضى 11 يوماً على إعلان عدد من المجالس المحلية في ريف حلب الشرقي، إتاحة الجانب التركي فرصة للسوريين من حملة بطاقة الحماية المؤقتة (الكيملك) لزيارة بلادهم لمدة شهر واحد مقابل مبالغ مالية، وإلى الآن لم تعتمد المجالس شروطاً أو آلية واضحة لتنظيم الإجازات، في ظل تنصل الحكومة السورية المؤقتة منها، ورفضها لها، بالتزامن مع عدم وجود أي تعليق رسمي من السلطات التركية على تفاصيل الزيارات، التي أثارت جدلاً واسعاً بسبب اشتراط دفع المال لقاء الدخول إلى سوريا.

وكان المجلس المحلي في بلدة الغندورة شرقي حلب، أول من أعلن عن إتاحة هذه الإجازات في 5 تشرين الثاني الجاري، إذ نشر بياناً طلب عبره من السوريين الموجودين في تركيا تحت بند الحماية المؤقتة في مختلف الولايات عدا غازي عنتاب، والراغبين بزيارة سوريا لمدة شهر، التواصل مع المكتب المالي التابع له لتنسيق الطلب، ثم سرعان ما حذف المجلس بيانه، وأتبعه ببيان آخر في اليوم الثاني، أعلن فيه التوقف عن التسجيل مؤقتاً، على أن يستمر ذلك في مجلس مدينة جرابلس.

وخلال اليوم نفسه، أكد رئيس المجلس المحلي في مدينة جرابلس شرقي حلب، محمد العبو أن مدة الإجازة شهر واحد، ويحق للزائر بعد أخذ موافقة الدخول أن يأتي إلى سوريا في اليوم والتاريخ الذي يرغب به في هذا الشهر المحدد، دون أن يتقيد بمدة الشهر الذي تمت الموافقة عليها (يحق له العودة قبل انقضاء المدة)، مشيراً في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، إلى أن البدل النقدي للتسجيل هو 100 دولار أميركي عن كل شخص يرغب بالدخول إلى سوريا، يتم دفعها عبر الحساب البنكي الخاص بالمجلس المحلي.

العشوائية والضبابية تخيّم على آلية الإجازة

قال الشاب السوري الموجود في تركيا، محمد العلي، إنه سعى للتسجيل على الإجازة إلى سوريا منذ اللحظة الأولى لإعلان المجالس المحلية عنها، إلا أنه لم يتمكن من ذلك حتى الآن.

وأضاف العلي في حديث مع موقع تلفزيون سوريا: "بداية، تواصلتُ مع الرقم الذي خصصه المجلس المحلي في بلدة الغندورة للحجز، استفسرت منه عن آلية التسجيل ولم يجب حتى اللحظة".

وبعد الإعلان عن الرقم المخصص للحجز من قبل مجلس الغندورة، وانتشار أرقام تواصل أخرى، يقول العلي: "فوجئنا بعد ذلك بإعلان المجلس المحلي في جرابلس أن التسجيل بشكل يدوي حصراً ولا يوجد أي رابط أو رقم تواصل مخصص لذلك"، (ارتفعت قيمة المبلغ لاحقاً).

تضارب في القرارات

حتى لحظة إعداد التقرير، لم ينشر المجلس المحلي في مدينة جرابلس أي تفاصيل تخص الإجازات الجديدة المعلن عنها، وكانت كافة الشروط حول الزيارة وآليتها، تُنشر فقط عبر صفحة معبر جرابلس الحدودي على "فيس بوك".

وسُجلت العديد من الملاحظات التي تؤكد العشوائية بإدارة ملف الإجازة من قبل المجالس المحلية، وتضارب القرارات بخصوصها، ومنها:

  • أعلنت مجالس محلية عن أرقام تواصل للحجز، ثم أكد معبر جرابلس أن الحجز يتم يدوياً، إذ لم تخصص أرقام لذلك.
  • انتشرت مسودة قرار صادر عن مجلس جرابلس تفيد بأن دفع الرسوم يستثنى منه الأطفال من سن الثلاثة أعوام فما دون، في حين ذكر معبر جرابلس أن الرسوم مفروضة على من يرغب بالزيارة سواء كان كبيراً أو طفلاً دون ذكر الاستثناء.
  • انتشرت مسودة قرار صادر عن مجلس جرابلس تفيد بأن الرسوم قدرها 200 دولار أميركي عن كل شخص، ثم جاء في منشور معبر جرابلس أن الرسوم 100 دولار.
  • نشر معبر جرابلس يوم الإثنين الماضي منشوراً قال فيه إن رسم الإجازة الخاصة بالمجالس المحلية أصبحت 200 دولار عن كل شخص، ثم حذفه لاحقاً.
  • أعاد معبر جرابلس فيما بعد التأكيد على أن المجالس المحلية اعتمدت رسم 200 دولار عن كل شخص للإجازة المحددة بـ30 يوماً.

ولم يجب مجلس مدينة جرابلس على استفسارات موقع تلفزيون سوريا حول آخر المستجدات بخصوص آلية التسجيل، في حين أعلن معبر جرابلس تعليق التسجيل على الإجازات حتى اليوم الثلاثاء (أول أمس)، وذلك لحين "صدور التعليمات الجديدة المتعلقة بالرسوم وبعض الإجراءات الأخرى".

الرسوم المالية.. قرار جائر ومطالبة لتركيا بالتدخل

دان كتّاب وصحفيون فرض المجالس المحلية لرسوم على السوريين الراغبين بزيارة بلادهم، إذ شبهوا القرار بإجراءات حكومة النظام السوري، التي فرضت في وقت سابق على كل سوري قادم إلى البلاد عبر المطارات أو المعابر البرية، تصريف 100 دولار حسب سعر الصرف المحدد من قبل النظام.

وقال الكاتب الصحفي السوري المقيم في تركيا، نورس العرفي، إن المبلغ الذي حددته المجالس المحلية كرسوم للزيارة مرتفع جداً، خاصة أنه يشمل الأطفال، فضلاً عن ذلك بدأ بعض السماسرة باستغلال السوريين، إذ يطلبون مبالغ تصل إلى 250 دولارا لقاء تأمين الزيارة بشكل عاجل.

وأضاف العرفي في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، أن تساؤلات كثيرة وصلت من السوريين في تركيا عن طبيعة هذه الإجازات، وأبرزها يستفسر عن موقف الحكومة التركية من الإجازة، وطبيعة الزيارة لمن يحمل أذونات السفر، بالتالي فإن الأصوات تعالت بين أوساط السوريين لمقاطعة هذه الإجازات لما أثير حولها من إشارات استفهام.

من جهته قال الصحفي غسان ياسين، في تغريدة على منصة "إكس"، إن ‏"قرار المجالس المحلية بفرض رسم 100 دولار على كل سوري يريد أن يزور أهله في الشمال السوري يعتبر مخزياً، ويجب على الجميع العمل على تعطيله".
 

وتابع ياسين متسائلاً: "لماذا هذا الرسم المرتفع وهو لأصحاب الكمالك والإقامات، بينما السوري الحامل للجنسية التركية يدفع رسوماً بسيطة جداً، ولماذا الرسم بالدولار إذا كان الزائر قادماً من تركيا وذاهب إلى منطقة تتعامل بالليرة التركية ومتوسط الرواتب فيها أقل من 100 دولار".

ولفت إلى أن "هذا القرار جائر ويجب على الجهات التركية التي تتبع لها المجالس المحلية أن تتدخل لوقف هذه المهزلة، فنحن مع تشجيع الناس على العودة وزيارة الشمال لأنها قد تفضي إلى عودة نهائية وطوعية لكن قرار المجالس هذا هو تشليح وليس تشجيع".

الحكومة المؤقتة: ليس لنا علاقة بالزيارات ونرفضها

أشار مصدر رسمي في الحكومة السورية المؤقتة - طلب عدم الكشف عن اسمه - إلى أن الحكومة لا تعرف أي تفصيل عن الزيارات المحدودة للسوريين في تركيا نحو الشمال، والتي أعلنت عنها بعض المجالس المحلية شرقي حلب.

وفي حديثه مع موقع تلفزيون سوريا، ذكر المصدر أن الحكومة المؤقتة ترفض هذه الإجازات، وهي غير راضية عنها، مضيفاً أن "كل مجلس محلي يعمل بشكل مستقل بالتنسيق مع الولاية التركية التي يتبع لها".

وأردف المصدر: "تبرر المجالس المحلية فرضها للرسوم بضرورة زيادة وارداتها بهدف تقديم الخدمات، ونحن نرى أن الحصول على الموارد يمكن أن يتم بغير هذه الطريقة التي تستغل السوريين وتشابه ما اتخذه النظام السوري من إجراءات".

آلية وشروط زيارة السوريين لبلادهم

شرح معبر جرابلس الحدودي في بيان نشره على منصاته في وسائل التواصل الاجتماعي، تفاصيل تقديم السوريين في تركيا على الزيارة لمدة شهر واحد، وهي كالآتي:

  • الإجازة صادرة من المجلس المحلي في جرابلس ولمدة شهر وتشمل جميع السوريين في كل الولايات التركية سواء من حاملي الكيملك أو من الإقامات.
  • عند التسجيل على الإجازة سيتوجب دفع رسوم للمجلس بقيمة 100 دولار أميركي (ارتفعت لاحقاً إلى 200 دولار) عن كل شخص سواء أكان طفلاً أم كبيراً.
  • ستكون مدة الإجازة 30 يوماً كحد أقصى، ويسمح بالدخول والعودة في الوقت الذي يناسب المسافر خلال هذه المدة.
  • بما يخص الإجازات الخاصة بولاية غازي عنتاب وحاملي الجنسية فلن يتغير نظام الحجز والدخول، إذ إن الإجازات الخاصة بالمجالس منفصلة كلياً وهي خاصة بالمجلس وتكون عن طريق الحصول على إذن بلائحة للمسافرين.
  • يمكنكم إرسال أي شخص من أقاربكم للمجلس المحلي في مدينة جرابلس ليسجيل على الإجازة لأن التسجيل يدوي ولا يوجد أي رابط أو رقم تواصل، لذلك يرجى الحذر من عمليات الاحتيال، بحسب البيان.

إدانة حقوقية

وسبق أن دانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان فرض المجالس المحلية في الشمال السوري رسوماً مالية بقيمة 100 دولار على السوريين المقيمين في تركيا والراغبين في زيارة بلادهم عبر معبر جرابلس الحدودي.

وقالت الشبكة، في بيان، إن هذه الرسوم غير شرعية وتنتهك حق المواطن السوري بالعودة إلى بلده في أي وقت شاء، مطالبة المجالس المحلية في الشمال السوري والحكومة السورية المؤقتة المسؤولين عن معبر جرابلس الحدودي من الجانب السوري بإلغاء هذه الرسوم التي وصفتها بـ"التعسفية".

وأوضحت أن المبلغ المطلوب مرتفع جداً مقارنة مع دخل السوريين داخل تركيا، في ظل الوضع الاقتصادي الصعب ولا سيما بعد الزلزال المدمر الذي ضرب جنوبي تركيا وشمالي سوريا في 6 من شباط المنصرم، ويعتبر بمنزلة إعاقة أمام السوريين الراغبين في زيارة أهلهم وأقربائهم داخل سوريا.

وشددت الشبكة على أن السلطات التركية لم تصدر أي قرار رسمي بفتح التسجيل على الزيارات إلى سوريا لعموم المواطنين السوريين الحاملين لبطاقة الحماية المؤقتة على أراضيها من معبر جرابلس الحدودي، ما يعني أن هذا الإعلان صادر فقط من المجالس المحلية في الداخل السوري، أي أن الوافدين من معبر جرابلس سيحصلون على ورقة من المجلس المحلي فقط دون وجود أي أوراق صادرة من الجانب التركي تضمن لهم العودة بعد انتهاء المدة الممنوحة لهم.