قبل أربعة أشهر من الآن، بدأت حالة من الاستقطاب بين فصائل الجيش الوطني السوري البالغ عددها نحو 28 فصيلاً، نتج عنها اندماج عدة فصائل ضمن غرفة القيادة الموحدة "عزم" المُعلن عنها في 15 تموز الماضي، ثم اندماج 5 فصائل ضمن الجبهة السورية للتحرير، المُعلن عنها في 9 أيلول.
بلغ عدد الفصائل داخل غرفة "عزم" 23 فصيلاً بعد نحو أربعة أشهر على تشكيلها، في حين انخفض عدد الفصائل داخل الجبهة السورية للتحرير إلى النصف، بعد خروج 3 فصائل من أصل 6، ما دفع الفصائل المتبقية في الجبهة للتفكير جدياً بالالتحاق بـ "عزم"، بالتزامن مع مبادرة يعمل عليها المجلس الإسلامي السوري لتوحيد فصائل الجيش الوطني، وهو ما يمكن أن يبلور الشكل النهائي للحالة الفصائلية شمالي سوريا.
مفاوضات بين الجبهة السورية و"عزم"
خسرت الفصائل المشكّلة لـ "الجبهة السورية للتحرير" رهان الاندماج فيما بينها بشكل كامل كما أعلن قادتها بداية انطلاقها، ومع أول خلاف حول الملفات القيادية والمالية في الجبهة، بادر فصيلا "لواء صقور الشمال"، و"الفرقة 20"، بالخروج من التشكيل في منتصف شهر تشرين الأول، ثم فرقة السلطان سليمان شاه في 28 من الشهر نفسه.
وبقي في الجبهة ثلاثة فصائل، هي فرقة المعتصم، وفرقة الحمزة، وفرقة القوات الخاصة، في حين عاود فصيل لواء صقور الشمال، وفرقة السلطان سليمان شاه، الانضمام إلى "عزم"، وفق شروط وصفت بـ "الصارمة" تفادياً لعمليات الانشقاق مستقبلاً.
وحصل موقع تلفزيون سوريا على معلومات حصرية، تؤكد وجود مفاوضات بين غرفة القيادة الموحدة، وفرقتي الحمزة والمعتصم، لانضمام الفرقتين إلى "عزم"، وتحديداً الفيلق الثالث.
وقال مصدر مقرب من قيادة "عزم" لموقع تلفزيون سوريا إن المفاوضات تتمحور حول اندماج فرقة الحمزة وفرقة المعتصم ضمن الفيلق الثالث بشكل كامل، مضيفاً أن "الأمر لم يحسم بعد، ونأمل أن تتكلل الجهود بالنجاح".
وأوضح مصدر آخر من "عزم" أن لجنة مشكلة تعمل على نسج اتفاق نهائي لانضمام الفصيلين إلى عزم أو إلى الفيلق الثالث، وهو ما سيتم البت به خلال أيام قليلة.
والفيلق الثالث هو تشكيل ضمن "عزم"، تم الإعلان عنه في 18 تشرين الأول، ويضم 6 فصائل اندمجت فيما بينها على المستوى العسكري والأمني والمالي والإعلامي، وهي الجبهة الشامية، وجيش الإسلام، وفيلق المجد، والفرقة 51، وفرقة ملكشاه، ولواء السلام.
وأفاد المصدر بأن "عزم" اتفقت مع "الحمزة" و"المعتصم" على عدة نقاط، ومنها أن يبقى الاسم بعد الاندماج الفيلق الثالث، وكذلك نسبة التمثيل للفرقتين داخل "عزم"، مشيراً إلى أن العائق الآن هو اختلاف الفرقتين على نسبة كل منهما في المقاعد داخل القيادة الموحدة.
ومن جانب آخر أوضح مصدر من الجبهة السورية للتحرير أن الفيلق الثالث في عزم لا يريد تشكيل مكتب سياسي له ويرغب في أن يقتصر الجهد السياسي على التنسيق مع الائتلاف، في حين ترى الجبهة السورية للتحرير أنه لا بد في البداية من تشكيل المكتب السياسي ليكون هو المسؤول عن التنسيق مع الائتلاف وغيره
ولم يجزم المصدر بإمكانية دخول الفرقتين إلى الفيلق الثالث، حيث وضع ثلاثة احتمالات، أولها انضمام الفرقتين، أو انضمام فرقة واحدة فقط، أو فشل المفاوضات.
هروب حلاوة.. قطف ثمرات الحملات الأمنية
أكد مصدر أمني في "عزم" لموقع تلفزيون سوريا أن عبد الله حلاوة قائد فرقة القوات الخاصة وهي التشكيل الثالث في الجبهة السورية للتحرير، هرب إلى تركيا بعد أن ثبت عليه تهم التهريب والاتجار بالمخدرات.
وأسس حلاوة المنحدر من خان شيخون جنوبي إدلب "فرقة القوات الخاصة" عقب انفصاله عن "فرقة الحمزة" العام الفائت، وذلك عندما سمحت هيئة تحرير الشام لمجموعاته ومجموعات أخرى من الجيش الوطني بالدخول إلى إدلب وتعزيز خطوط الجبهة لمواجهة تقدم قوات النظام وروسيا على إدلب.
وحلاوة الذي طردته جبهة النصرة من مدينته عام 2015، بات المُعتمد الأول لهيئة تحرير الشام وزاد نفوذه في إدلب، بحماية هيئة تحرير الشام نفسها.
ومنحت هذه الحماية والنفوذ حلاوة وفرقته لتنشيط عمليات التهريب والاتجار بالمخدرات بين مناطق سيطرة الجيش الوطني وإدلب، بحسب التهم الموجهة ضده من الشرطة العسكرية.
وبعد تقارير تحدثت عن لقاءات ومفاوضات بين "عزم" وهيئة تحرير الشام، سعت الجبهة السورية للتحرير للدخول على خط تعزيز العلاقات مع الهيئة، وكان حلاوة المفتاح المناسب، فانضم إلى الجبهة.
وفي الثالث من تشرين الأول الفائت شنت الشرطة العسكرية حملة أمنية ضد تجار المخدرات في منطقة غصن الزيتون، ودهمت معملاً لصناعة المخدرات في بلدة الباسوطة، وبدأت تحقيقاتها للتوصل إلى ملكية المعمل وسط شكوك كبيرة بأنه مملوك لفرقة حلاوة.
وما حدث أخيراً أن اقتتالاً وقع بين مجموعتين من الجبهة السورية للتحرير في عفرين قبل أيام، ما دفع بعزم لإرسال رتل عسكري لضبط الأمن واعتقال المجموعتين، فكانت إحدى المجموعتين المقتتلتين بقيادة علاء جنيد القيادي في فرقة الحمزة، وهو شريك حلاوة في السيطرة على منطقة الباسوطة.
اعتقال علاء جنيد كان كافياً لعبد الله حلاوة للهرب إلى تركيا خوفاً من اعترافاته، وعُيّن أحد الضباط مؤقتاً إلى حين إيجاد حل لفرقة حلاوة.
وأكد أحد أعضاء مجلس قيادة "عزم" لموقع تلفزيون سوريا أن هروب حلاوة "بداية المؤشرات والنتائج للحملات الأمنية المستمرة، ولن يقتصر الأمر عند حلاوة وغيره". مشيراً إلى وجود حالة انكفاء كبيرة لكل قادة المجموعات المفسدة، خوفاً من الاعتقال.
مبادرة من المجلس الإسلامي السوري
يقود عدد من أعضاء المجلس الإسلامي السوري مبادرة لتوحيد فصائل الجيش الوطني على أسس متينة، يمكن من خلالها تفادي عمليات الانشقاق المتكررة من قبل بعض الفصائل.
وخلال الفترة الماضية تنقلت فرقة السلطان سليمان شاه بقيادة محمد الجاسم "أبو عمشة" بين "عزم" والجبهة السورية للتحرير أكثر من مرة، وكذلك لواء صقور الشمال، وهو ما يصعّب من مهمة دمج الفصائل وتوحيد مكاتبها بمختلف التخصصات.
وأكد قيادي في الجيش الوطني السوري لموقع تلفزيون سوريا، وجود جهود من قبل المجلس الإسلامي لتوحيد الكتل العسكرية ضمن الجيش الوطني والوصول إلى قيادة حقيقية واحدة.
واعتبر القيادي أن التجربة الحالية لـ "أبو عمشة" بدخوله مجدداً إلى حركة "ثائرون" التابعة لـ "عزم" بمنزلة "التجربة القاضية"، إذ قال إنه دخل إلى عزم تحت جناح فرقة السلطان مراد بشكل مباشر، وبعد وساطات عدة.
وتم التوافق داخل "عزم" على التعامل مع فرقة السلطان سليمان شاه بشدة وحزم، فيما لو قررت الخروج مجدداً من التشكيل، وهو ما لم يستبعده القيادي (أي خروج الفرقة).
وفيما يتعلق بمبادرة المجلس الإسلامي، فقد قال القيادي المطلع على تفاصيلها، إن من إحدى أهداف المبادرة توحيد كل فصائل الجيش الوطني ضمن جسم واحد، بما يمكن أن يضبط العسكرة والملف الأمني.
وتنص المبادرة على وضع شروط جزائية على كل فصيل يخرج من المشروع بعد التوافق عليه، وكذلك "رفع اليد عنه"، ما يعني أنه مهدد بالتفكك.
من جهته قال عضو أمناء المجلس الإسلامي السوري، الشيخ عبد العليم عبد الله، لموقع تلفزيون سوريا: "بالنسبة للمجلس لا يفتأ منذ تشكيله إلى اليوم يدعو الفصائل للتنسيق فيما بينها وجمع الكلمة ورص الصفوف ونصرة المظلومين، بدون تحديد فصيل أو تشكيل، فهو على مسافة واحدة من الجميع".
الفيلق الثالث.. "مشروع أسس على قواعد ثابتة"
شهدت غرفة "عزم" نموذجين للاندماج الكامل داخلها، الأول تحت اسم حركة "ثائرون" بتاريخ 1 تشرين الأول، والثاني تحت اسم الفيلق الثالث بتاريخ 18 من الشهر نفسه.
وقال القيادي: "فيما يخص تجربة الفيلق الثالث فقد أسس المشروع على قواعد ثابتة ودمج حقيقي وتامّ يشمل الإدارة والعسكرة والأمن والصندوق المالي وغياب كامل لمسميات الفصائل المنضوية تحت هذا التشكيل، وكل ذلك ميّز هذا المشروع عن التجارب التي شهدناها أخيراً في الساحة".
ولفت إلى تشكيل لجان فنية ولوجستية للقيام بمهمّة الدمج بين مكونات الفيلق الثالث، وأنها وصلت إلى مستوى جيد حتى الآن.
ويبدو أن عزم تأخذ على عاتقها مهمة ضبط الأمن والحد من الفوضى في مناطق سيطرة الجيش الوطني، إذ شددت أخيراً على أنها ستتعامل بحزم شديد عبر مكتبها الأمني مع أي أمر يهدد استقرار المنطقة وحياة المدنيين وممتلكاتهم، ومع مسألة استخدام السلاح والاشتباك بين أفراد الجيش الوطني.
#غرفة_القيادة_الموحدة#عزم
— غرفة القيادة الموحدة "عزم" (@UniLeadership) November 9, 2021
البيان رقم: 21https://t.co/BdIrvZlFrU pic.twitter.com/DNQkKq9F3l
وجاء بيان عزم بعد أن تدخلت قبل أيام، لفض الاشتباكات التي حصلت في عفرين بين مجموعتين من "الجبهة السورية"، حيث أرسلت قوة إلى المكان وأوقفت الاشتباكات، واعتقلت قائد إحدى المجموعتين وهو علاء جنيد الذي تحدثنا عنه سابقاً في التقرير.
توزع الفصائل ضمن الجيش الوطني
تضم غرفة القيادة الموحدة "عزم" 23 فصيلاً، معظمها يتوزع على الفيلق الثالث وحركة "ثائرون"، كما هو موضح في الآتي:
الفيلق الثالث:
- الجبهة الشامية
- جيش الإسلام
- فيلق المجد
- الفرقة 51
- فرقة ملكشاه
- لواء السلام
حركة "ثائرون":
- فيلق الشام (قطاع الشمال)
- فرقة السلطان مراد
- الفرقة الأولى (الفرقة التاسعة - لواء الشمال - اللواء 112)
- فرقة المنتصر بالله
- ثوار الشام
- لواء صقور الشمال
- فرقة السلطان سليمان شاه
وهناك فصائل أخرى ضمن "عزم" لم تندمج ضمن الفيلق الثالث أو "ثائرون" وهي:
- الفرقة الثانية (جيش النخبة - اللواء 113)
- الفرقة 13 (فرقة السلطان محمد الفاتح - لواء السمرقند - لواء الوقاص)
- فرقة أحرار الشرقية
- جيش الشرقية
- لواء صقور الشام (قطاع الشمال).
وتضم الجبهة السورية للتحرير في الوقت الحالي كلاً من:
- فرقة المعتصم
- فرقة الحمزة
- فرقة القوات الخاصة
في حين بقيت عدة فصائل ضمن الجيش الوطني خارج "عزم" والجبهة السورية للتحرير، من أبرزها:
- فيلق الرحمن
- الفرقة 20