icon
التغطية الحية

طبيب سوري مع والده وشقيقيه الضابطين.. ما قصة "عائلة" التجسس لإسرائيل؟

2022.09.11 | 15:09 دمشق

سسبشسي
 تلفزيون سوريا ـ متابعات
+A
حجم الخط
-A

كشفت وسائل إعلام لبنانية عن تمّكن السلطات الأمنية من إلقاء القبض على طبيب سوري قالت إنه مجنّد مع أفراد عائلته لصالح جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد).

وذكرت صحيفة "الأخبار" المقربة من "حزب الله" اللبناني، أن الأجهزة الأمنية اللبنانية تمكنت من اعتقال طبيب سوري زعمت أنه متعاون مع الموساد الإسرائيلي، وجنّد أفراداً من عائلته للعمل معه خلال الأعوام الماضية.

وقالت الصحيفة إن الطبيب السوري "معن يوسف" المنسّق لشبكة التجسس، من مواليد 1969 وينحدر من إحدى بلدات ريف اللاذقية على الساحل السوري ويعمل منذ عدة سنوات في السويد. وقد جندته إسرائيل عبر إنشاء "شركة لتنقية المياه" زعمت أنها مستعدة لتنقية شبكة المياه في سوريا مجاناً.

وبناء على ذلك، كُلّف يوسف بالحصول على خرائط شبكات المياه والصرف الصحي في مناطق داخل سوريا وجمع معلومات ذات بُعد أمني.

وأنشأ يوسف "شبكته التجسسية" بعد أن توسّط لدى مشغّليه لتجنيد والده وشقيقيه الضابطين في جيش النظام السوري (لؤي ومازن، الأول عقيد متقاعد، والآخر برتبة عميد، خدم ضمن قسم الهندسة الطبوغرافية قبل أن يتقاعد مطلع العام الحالي) بالإضافة أيضاً إلى زوجة أحدهما وتعمل مهندسة مدنية في البلدية؛ بهدف العمل معه لصالح الموساد في جمع معلومات أمنية وتزويدهم بها مقابل "آلاف اليوروهات" وفق المصدر.

ضبط الطبيب "الجاسوس" معن يوسف واعتقاله

وبحسب المصدر، فإن يوسف تم رصده في أثناء متابعة ضباط الأمن اللبنانيين للحسابات الإلكترونية المستخدمة من قبل ضباط أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية التي يتواصلون عبرها مع عملاء كانوا قد أوقفوا في وقت سابق بتهمة التجسس.

وخلال ذلك حُدد شخص يستخدم أرقاماً سورية وسويدية تواصل معه الموساد الإسرائيلي بين عامي 2020 و2022، ليتبين أنه ينشط في محيط مطار بيروت الدولي، وفق الصحيفة التي أضافت أن "الطبيب كان يأتي من السويد إلى بيروت، ثم ينتقل براً إلى سوريا".

وبناء عليه، تحرك جهاز أمن المطار وتمكن من اعتقال يوسف أثناء محاولته مغادرة مطار بيروت. حيث تم تسليمه إلى فرع المعلومات.

التحقيق مع الطبيب السوري وبدايات "التجنيد" لصالح الموساد

ووفق الصحيفة، قال يوسف للمحققين إنه طبيب أمراض باطنية وأخصائي بأمراض الكلى، وهو رئيس القسم في مستشفى ضمن العاصمة السويدية ستوكهولم، ويسافر للخارج في المناسبات والحالات الخاصة والضرورية.

وتبين خلال التحقيق أن شخصاً تواصل مع يوسف عبر البريد الإلكتروني عام 2018، وأبلغته أن اسمه "كريستوفر" وهو موظف في الشركات التي تتعامل مع البيئة وتنقية المياه، وعرض عليه المساعدة في مشروع لتنقية المياه في سوريا.

وأوضح يوسف أنهما تواصلا بعد ذلك هاتفياً قبل أن يلتقيا (بعد نحو شهر) في فندق شيراتون في ستوكهولم، لمناقشة المشروع. وذكر الطبيب في التحقيق أنه اتصل بعدد من الأطباء السوريين وطلب منهم تزويده بأسماء المناطق التي تحتاج إلى تنقية المياه، ليتم اختيار بلدة صحنايا في ريف دمشق حيث طُلب منه التقاط صور لأماكن خزانات المياه والأماكن التي ستُستخدم لتكرير المياه.

وتمكن يوسف بالفعل من الحصول عاى تلك الصور بعد أن سافر إلى سوريا والتقى رئيس بلدية صحنايا ويأخبره بالمشروع وتمكن من الحصول على الصور والخريطة المطلوبة، بحسب الصحيفة.

وفي لقائه الثاني مع "كريستوفر" كان برفقة الأخير شخص عرّف عن نفسه كخبير في تنقية المياه. وفي نهاية اللقاء طلب من الطبيب إحضار خريطة جغرافية لتوزيع شبكة المياه في المدينة التي يختارها. أما اللقاء الثالث، فقد ذكر الطبيب أنه جرى في مطعم لبناني بالعاصمة التشيكية "براغ"، وذلك على هامش مؤتمر حضره هناك. والتقى في ذلك اللقاء بشخص قال إنه يوناني اسمه "بول"، وادعى أنه مدير مشروع تنقية المياه.

وفي المطعم، قدّم الطبيب للرجلين الخرائط والصور. وتابعت الصحيفة أن يوسف استمر في التواصل مع "مدير المشروع" عبر تطبيق الواتساب، وسرعان ما انجرفت المحادثات باتجاه تفاصيل حول الحياة الشخصية والسياسة.

الاجتماع الرابع انعقد في إيطاليا عام 2019، وخلال ذلك دعاه "مدير المشروع" للسفر إلى مدينة ميلانو على نفقته الخاصة ومقابلة مسؤول في الاتحاد الأوروبي. حيث تحدثوا خلال اللقاء عن العقوبات على سوريا وكيف تم "الالتفاف" على العقوبات بفضل "مشروع التنقية". وفي ذلك الاجتماع اقترح الطبيب على مسؤول الاتحاد الأوروبي تمويل "معمل إسمنت" يعود لوالده، ليحصل في نهاية الاجتماع  على 550 يورو.

وتابعت الصحيفة أن اللقاء بـ "مدير المشروع" استمر بمعدل مرة في الأسبوع، حيث بدأ في التواصل مع والده وشقيقيه. وفي الوقت نفسه، كشف التحقيق أن اللقاءات بين الطبيب و"مدير المشروع" انقطعت منذ بداية عام 2020 بسبب وباء كورونا، ثم بدأ معدل الاتصال بالانخفاض.

تكثفت الاتصالات مجدداً في حزيران 2020، حيث طلب "مدير المشروع" من الطبيب إنشاء مكتب لأخيه في سوريا لإدارة الأعمال، بشرط أن يتحمل تكاليف إيجار المكتب وتجهيزه. ثم طلب منه شراء حاسوب محمول وهاتف خلوي على أن توصل به شريحة خط سويدية، فعرض الطبيب عليه شراء حاسوبه بمبلغ 300 يورو.

التحوّل من تنقية المياه إلى "التجسس" لإسرائيل

وقال الطبيب في تحقيقه إنه حتى تموز 2020، كان تركيز جميع الاجتماعات منصبّاً على مشروع تنقية المياه، ولكن ابتداء من شهر آب بدأ التحول بعد أن أدرك الطبيب أن جوهر المحادثات كان "أمنياً"، ثم اتضحت المسألة بصورة كاملة.

وبحسب الصحيفة، فقد اعترف يوسف أن "مدير المشروع" طلب منه تحميل برمجيات مخصصة للتشفير حتى يتمكن من التواصل مع شقيقه الضابط في الجيش السوري. وفي النهاية اعترف الطبيب أنه التقى فور وصوله إلى سوريا مع والده وشقيقيه، وأبلغهم بعدم وجود ذلك المشروع وبأن من يتواصل معه هو ضابط في الموساد الإسرائيلي.

جرى نقاش بين أفراد العائلة ليقرروا في النهاية متابعة التواصل والتعامل مع ذلك الضابط الإسرائيلي. وعلّم شقيقه مازن على كيفية استخدام الأجهزة حيث أجرى تجربة إرسال ملف بعد تشفيره عبر أحد التطبيقات على الحاسوب بواسطة رمز المرور الذي زوده به المشغل.

واعترف يوسف أيضاً بأنه هو من أقنع شقيقه مازن بالعمل مع المشغل الذي كان يطلب منه الاستمرار بتحفيز شقيقه على استكمال العمل مقابل مبالغ مالية، مشيراً إلى أنه نقل مبلغ 1500 يورو لشقيقه. وكان المشغل يُرسل هدايا لمازن بوساطة الطبيب الذي يجلبها عبر مطار بيروت.

هدايا ومبالغ مالية للعائلة

وأفادت الصحيفة أن المشغل كان يرسل الهدايا لوالد الطبيب وشقيقه الآخر وزوجته. كما أنه أرسل مبالغ مالية مرتين لوالده، الأولى كانت 500 يورو والثانية 1200 يورو. وذكر أنه في مرة أخرى دفع له 1500 يورو ثم مبلغ 2300 يورو وزعها على شقيقيه ووالده. وفي مرة أخرى أعطاه مبلغ 6 آلاف يورو طالباً منه أن يعطي 4500 يورو منه لشقيقه مازن، و1500 يورو لشقيقه لؤي ووالده.

أما المهمات التي كُلِف بها شقيقه الذي كان ما يزال ضابطاً في الجيش حينذاك، فكانت إرساله خرائط لبلديات تابعة لمدينة دمشق وريفها تتضمن تفاصيل عن الطرقات والأوتوسترادات والجسور، وتفاصيل أخرى متفرقة نشرتها صحيفة "الأخبار" ولم يتسنّ بعد التحقق من صحة ما ورد فيها بالكامل، حيث لم يصدر عن السلطات الأمنية والقضائية اللبنانية أي تصريحات حول القضية. كما لم تعلّق وسائل الإعلام الإسرائيلية على تلك التفاصيل، واكتفت بنقلها فقط عن الصحيفة اللبنانية.