كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الصفقات السياسية التي عقدتها إسرائيل مع زعماء الدول التي طلبت استخدام برنامج "بيغاسوس" التجسسي، الذي أنتجته الشركة الإسرائيلية NSO، من بينها دول خليجية.
وذكرت الصحيفة الأميركية، في تحقيق نشرته اليوم الجمعة، أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان اتصل في تشرين الأول/أكتوبر 2020 برئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، بنيامين نتنياهو وطلب منه تجديد صلاحية المملكة العربية السعودية لاستخدام برنامج "بيغاسوس"، مشيرة إلى أن مقابل ذلك سمح ابن سلمان للطائرات الإسرائيلية بالتحليق فوق أجواء المملكة.
وفي خطوة مماثلة امتنعت المكسيك عن التصويت ضد إسرائيل ثمناً لحصولها على ترخيص استخدام "بيغاسوس"، الذي ساعد السلطات المكسيكية في ملاحقة تاجر المخدرات خواكين غوزمان لويرا، المعروف "إل تشابو"، والقبض عليه.
وأشار التحقيق إلى أن مكتب الأمن القومي الأميركي أوصى الشركة الإسرائيلية بمنح نسخة جزئية للمكسيك تسمح بوصول متقطع.
كما أن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي اشترى نسخة من برنامج "بيغاسوس" من شركة "NSO"، وثبته على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالمكتب في حزيران/يونيو 2019، ولكن لم يتم استخدامه في نهاية المطاف، بحسب التحقيق.
كانت وزارة الخزانة الأميركية أدرجت، في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، شركة " NSO" وشركة إسرائيلية أخرى في قائمة الشركات التي تهدد الأمن القومي الأميركي.
ونفى مكتب نتنياهو الادعاء بأن رئيس الوزراء تحدث إلى زعماء أجانب وعرض عليهم هذه الأنظمة مقابل إنجاز سياسي أو بعض الإنجازات الأخرى وقال أنه "محض كذب".
وأضاف مكتب نتنياهو أن الموافقات التي منحتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لشركة " NSO" لبيع منتجاتها لدول أجنبية كانت "قانونية".
الصفقة السعودية الإسرائيلية بين نتنياهو وابن سلمان
وفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز"، قدمت إسرائيل لدول الخليج العربي، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، ترخيصاً لاستخدام برنامج "بيغاسوس" حتى قبل اتفاقيات "أبراهام" للتطبيع مع إسرائيل.
وذكرت الصحيفة، بعد شهر من التوقيع على اتفاقية التطبيع مع الإمارات، انتهت صلاحية رخصة المملكة العربية السعودية باستخدام "بيغاسوس"، وأن وزارة الدفاع الإسرائيلية رفضت تمديدها بعد ورود تقارير عن انتهاكات حقوق الإنسان من قبل المملكة.
وأضافت الصحيفة أن مستشاري ولي العهد السعودي تواصلوا مع الموساد ووزارة الدفاع الإسرائيلية لكنهم لم يتمكنوا من حل المشكلة، لأنه لم يكن مسموحاً لشركة "NSO "، المنتجة لبرنامج التجسس، بتزويد الرياض بالصيانة الروتينية، ما أدى إلى انهيار الأنظمة التكنولوجية.
وتابعت، في هذه المرحلة، اتصل محمد بن سلمان بنفسه برئيس الوزراء آنذاك بنيامين نتنياهو وطلب تجديد رخصة بيغاسوس، مشيرة إلى أن المملكة حصلت على الترخيص وفي مقابل ذلك سمحت الأخيرة للطائرات الإسرائيلية باستخدام المجال الجوي السعودي في طريقها إلى الخليج العربي.
بالنسبة لإسرائيل كان فتح المملكة العربية السعودية أجواءها للطائرات الإسرائيلية مهماً، لأنها تختصر رحلات الطيران من إسرائيل إلى الإمارات بثلاث ساعات من دون الاضطرار للمرور في أجواء دولة مثل الأردن أو مصر أو قبرص.
وجاء في تحقيق "نيويورك تايمز"، بعد اتصال ابن سلمان أمر نتنياهو وزارة الدفاع بإصلاح المشكلة على الفور، وفي تلك الليلة اتصل مصدر في الوزارة بغرفة عمليات شركة "NSO" لإعادة تنشيط الأنظمة السعودية خلال وقت قصير، على الرغم من عدم توقيع جميع الوثائق بشكل صحيح.
وأشار التحقيق بوضوح إلى تدخل الحكومة الإسرائيلية ونتنياهو بشكل شخصي، في تجديد الترخيص، الذي جعل الشركة الإسرائيلية المنتجة لبرنامج التجسس (NSO) تتجاوز قواعد لجنة الأخلاقيات التي أوصت بعدم السماح للرياض باستخدام بيغاسوس، في أعقاب قضية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، كما أوصت اللجنة برفض مساعي الحكومة الإسرائيلية بالتدخل لربط السعودية بأنظمة الشركة وبرنامجها التجسسي.
برنامج التجسس الإسرائيلي "بيغاسوس".. ما هو؟
يشار إلى أن شركة "NSO" أثارت خلال العام الماضي كثيراً من الجدل في العالم، بسبب برنامجها التجسسي "سيئ الصيت"، المعروف باسم "بيغاسوس" (Pegasus).
"بيغاسوس" هو برنامج تجسس يمكن زرعه على كل من أجهزة Android وiPhone، وهو قادر على تحويل الهواتف الذكية إلى أداة تجسس على كل شيء، ويمكّن المشغلين للبرنامج من استرداد الملفات من الهواتف المخترقة وتشغيل الكاميرا والميكروفون والوصول إلى موقع الجهاز وعرض جهات الاتصال والتقويم بالإضافة إلى تتبع المراسلات في تطبيقات المراسلة والنشاط على الشبكات الاجتماعية.
مجموعة "NSO" هي شركة تكنولوجيا إسرائيلية يركز مجال عملها على الاستخبارات الإلكترونية، تأسست في عام 2010، وتوظف نحو 500 شخصاً، ومقرها في مدينة "هرتسليا" بالقربِ من تل أبيب.
وبعد افتضاح خطورة هذا البرنامج الذي استغلته دول عديدة للتجسس على ناشطي حقوق الإنسان والصحفيين، ذكرت الشركة المنتجة أنها قطعت الاتصال بالعملاء بعد إساءة استخدام المنتج.
وفي تموز/ يوليو الماضي، نشرت صحيفة "غارديان" البريطانية، نتائج تحقيق أجرته 17 مؤسسة إعلامية، عن أن برنامج "بيغاسوس" للتجسس، انتشر على نطاق واسع في العالم، "واستخدم لأغراض سيئة"، للتنصت على ناشطي حقوق الإنسان، ومراقبة رسائل البريد الإلكتروني، والتقاط الصور، وتسجيل المحادثات، وذلك بعد اختراق هواتفهم.