ملخص:
- الأزمة الاقتصادية الحادة أثرت على دخل الأسر السورية بشكل كبير.
- تقليص المشاركة في المناسبات الاجتماعية لتجنب عبء تقديم الهدايا.
- توتر العلاقات بين الأقارب بسبب عدم إدراك البعض لحجم المعاناة الاقتصادية.
أثرت الأزمة الاقتصادية الحادة التي تشهدها مناطق سيطرة النظام السوري بشكل كبير على دخل الكثير من الأسر، ما دفعها إلى التخلي عن بعض العادات الغذائية التي اعتادت عليها، مثل اللحوم والفروج ومنتجات الألبان.
هذه التغيرات لم تقتصر على الطعام فحسب، بل شملت أيضاً الأنشطة الاجتماعية، حيث اضطرت العديد من الأسر إلى تقليص مشاركتها في المناسبات الاجتماعية التي تتطلب تقديم الهدايا، مما أدى إلى توتر العلاقات بين الأقارب والأصدقاء، خاصة أولئك الذين لا يدركون حجم المعاناة الاقتصادية التي تعيشها هذه الأسر.
صراع الهدايا.. بين الواجب الاجتماعي والتحديات الاقتصادية
يعاني السيد نبيل، وهو موظف، من صعوبة تقديم الهدايا في المناسبات الاجتماعية بسبب راتبه المحدود الذي لا يتجاوز مع راتب زوجته 800 ألف ليرة، وهو ما لا يكفي لتلبية احتياجات أسرته الأساسية.
وأشار نبيل إلى أن المناسبات الاجتماعية المتكررة تضعه في مواقف حرجة مع الأصدقاء والأقارب، مما دفعه أحياناً إلى استبدال زيارات التهنئة بالاتصالات الهاتفية لتجنب الإحراج الناجم عن عدم تقديم الهدايا، وفقاً لما نقلت صحيفة "تشرين" المقربة من النظام.
من جانبه، يواجه عامر، الذي يعمل في كسب صغير، ضغوطاً مماثلة، فعلى الرغم من دخله المحدود، يجد نفسه مضطراً لتلبية توقعات زوجته فيما يتعلق بتقديم الهدايا في المناسبات، مما يؤدي إلى صراعات داخل الأسرة.
ولفت عامر إلى أنه يعاني من ضغوط مالية إضافية بسبب هذا الأمر، التي قد تصل إلى حد الاقتراض لتلبية هذه الالتزامات الاجتماعية.
التضحية بالعلاقات لتجنب الإحراج المالي
ريم، وهي ربة منزل، اضطرت إلى تقليص دائرة علاقاتها الاجتماعية بسبب عدم قدرتها على تقديم الهدايا في المناسبات.
وأوضحت أن الدخل المحدود لزوجها الموظف لا يكفي لتغطية تكاليف الحياة اليومية، فضلاً عن الهدايا.
من جهتها، تعيش زينب على راتب زوجها المتوفي ودخل أبنائها الصغار، مما جعلها تواجه نفس التحدي، حيث قررت تقليل العلاقات الاجتماعية لتجنب الإحراج.
الصدق كحل لتفادي الإحراج الاجتماعي
أما إلياس، فقد اختار أن يكون صريحاً مع معارفه بشأن وضعه المالي، إذ أوضح أنه يفضل زيارة الجميع وتهنئتهم بدون تقديم هدايا، مع توضيح الظروف الاقتصادية التي تمنعه من ذلك.
ويرى إلياس أن الصديق الحقيقي هو من يتفهم هذه الظروف ويقدرها، مما يعزز من قيمة العلاقات الاجتماعية بعيداً عن الهدايا.
الهدية رمز للمحبة أم سبب للتفكك الاجتماعي؟
الاختصاصي الاجتماعي محمد البيك أكد أن الهدية يجب أن تبقى مجرد تعبير رمزي عن المحبة بين الناس، وليس معياراً لتقييم هذه المحبة.
ودعا إلى ضرورة تفهم الظروف المالية التي يعيشها البعض، وعدم ربط الهدايا بقيمة المحبة، لأن ذلك قد يؤدي إلى تفكك العلاقات الاجتماعية بدلاً من تعزيزها.
ونصح البيك بأن يكون شعار الجميع في هذه الظروف "لو أن الهدايا على قدر محبة مهديها لأهديتك الدنيا وما فيها"، مؤكداً أهمية عدم ربط الهدايا بالمحبة للحفاظ على العلاقات الاجتماعية.