اغتيال حسن نصر الله في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت لم يكن مجرد ضربة ضد حزب الله، بل "هزة قوية" طالت التحالفات الإقليمية المعقدة في المنطقة، وعلى رأسها التحالف بين النظام السوري وإيران.
ولطالما كان نصر الله أحد أهم الداعمين لنظام بشار الأسد، وساهم بوجوده في تغيير مسار الحرب في سوريا لصالح النظام. ومع مقتله، تبرز أسئلة ملحّة حول مستقبل هذا التحالف وتأثير غيابه على استقرار الجبهات في سوريا، وسط تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل واحتمال تغير موازين القوى في المنطقة.
ويرى الباحث أحمد أبازيد في مقابلة على تلفزيون سوريا أن اغتيال حسن نصر الله نقطة تحول في المنطقة، ويؤثر بشكل كبير على تحالف النظام السوري مع حزب الله وإيران، حيث يفقد النظام السوري أحد أهم حلفائه على الساحة العسكرية والسياسية.
حزب الله والنظام السوري.. تحالف استراتيجي وعسكري
وفقا لأبازيد، كان تدخل حزب الله في سوريا محورياً في دعم النظام السوري، حيث لعب الحزب دورا رئيسيا في دعم قوات النظام، منذ عام 2012. أبازيد أوضح أن حزب الله أسهم بشكل كبير في العمليات العسكرية التي عززت موقف النظام السوري في مواجهة المعارضة، وأن تدخل الحزب لم يكن مجرد تدخل عسكري في جبهات القتال، بل كان له أثر واضح في تحسين قدرات النظام على السيطرة والتمسك بمواقعه.
تأثير اغتيال نصر الله على النظام السوري
وعند الحديث عن تأثير اغتيال نصر الله على النظام السوري، يوضح أبازيد أن "النظام السوري يعتمد على شبكة من التحالفات الإقليمية، وكان نصر الله أحد أهم حلقات هذا التحالف". إلا أن أبازيد يشير إلى أن التأثير المباشر على الأرض في سوريا ربما لن يكون كبيرا في المدى القريب، لأن "الجبهات السورية خاضعة لتفاهمات دولية أكثر منها لتأثير حزب الله".
ويتابع أبازيد أن الجبهات في سوريا مستقرة إلى حد ما، والسبب في ذلك هو "التوازنات الدولية بين روسيا، تركيا، وإيران". ومع ذلك، يرى أبازيد أن اغتيال نصر الله يمثل بداية مرحلة جديدة من الضغوط على النظام السوري، حيث إن "إيران التي تعتبر الشريك الرئيسي للنظام السوري من الممكن أنّ تجد نفسها مضطرة لإعادة تقييم استراتيجيتها في سوريا"، خاصة في ظل تصاعد الضغوط العسكرية والسياسية من قبل إسرائيل والولايات المتحدة.
يعتقد أبازيد أن نصر الله كان جزءا لا يتجزأ من شبكة التحالفات التي حافظت على بقاء النظام السوري في مواجهة المعارضة. ومع ذلك، يؤكد أبازيد أن "غياب نصر الله لا يعني بالضرورة انهيار هذا التحالف"، لكنه يرى أن التحديات ستزداد بالنسبة للنظام السوري، الذي سيحتاج إلى إعادة ترتيب أوراقه السياسية والعسكرية.
كيف أسهم تدخل حزب الله في سوريا في انكشافه الأمني وتضاؤل التضامن العربي معه؟
بحسب الباحث أحمد أبازيد، فإن تدخل حزب الله في الحرب السورية كان له تأثيرات كبيرة على الحزب نفسه، سواء من الناحية الأمنية أو من ناحية التضامن العربي معه. موضحا أن انخراط الحزب في الصراع السوري أسهم بشكل كبير في انكشافه أمنيا أمام خصومه، سواء داخل سوريا أو خارجها.
ويتابع:"حزب الله، الذي كان يُعرف بتنظيمه المغلق وسريته العالية، وبتبنيه خطاب المقاومة ضد إسرائيل، خرج من هذا الإطار عندما قرر التدخل في سوريا لصالح النظام".
هذا التدخل جعله مكشوفا أمنيا بسبب اتساع دائرة عملياته العسكرية، وانتشاره في مناطق متعددة من سوريا، حيث اضطر الحزب إلى التعامل مع قوات النظام السوري، التي هي نفسها مخترقة أمنيا بشكل كبير، وفقا لأبازيد.
وأضاف أبازيد أن تفاعل الحزب مع ميليشيات متعددة الجنسيات ومع جنود النظام، جعل حزب الله عرضة للاختراقات الأمنية. هذا الانخراط العسكري الواسع في سوريا، "جعل قادته وجنوده عرضة للتعرض والمراقبة"، مشيرا إلى أن استهداف القادة العسكريين لحزب الله، بما في ذلك حسن نصر الله نفسه، يُظهر مدى الانكشاف الأمني للحزب نتيجة تورطه في الصراع السوري.
وعلى صعيد التضامن العربي، يرى أبازيد أن تدخل حزب الله في سوريا أثر سلبا على صورته لدى العديد من الشعوب العربية التي كانت ترى في الحزب رمزا للمقاومة ضد إسرائيل فبعد أن كان الحزب يتمتع بشعبية كبيرة بعد عام 2000 وحربه ضد إسرائيل في 2006، تراجع هذا التأييد بشكل كبير بعد انخراطه في الحرب السورية".
ما ملامح المرحلة بعد الاغتيال وعدم وجود قيود أمام إسرائيل وهل ستردّ إيران؟
بحسب الباحث أحمد أبازيد، اغتيال حسن نصر الله يمثل نقطة تحول كبيرة في المنطقة ويدفعها نحو مرحلة جديدة من التغيرات التي يمكن وصفها بأنها "مرحلة بلا قيود" بالنسبة لإسرائيل. يرى أبازيد أن إسرائيل باتت الآن تتحرك بلا حدود أو خطوط حمراء، سواء في لبنان أو في أماكن أخرى في المنطقة، مشيرا إلى أن الهجمات الإسرائيلية على لبنان قد تمتد إلى الضفة الغربية أو حتى إلى دول أخرى مثل مصر أو الأردن أو سوريا. "إسرائيل الآن تبدو وكأنها تحررت من أي قيود أو توازنات سابقة، وهذا قد يؤدي إلى تصعيد عملياتها العسكرية ضد أي جهة تعتبرها تهديدًا في المنطقة"، يقول أبازيد.
فيما يتعلق بإيران، يشير أبازيد إلى أن موقفها يبدو معقدا. فبينما تعتبر إيران نصر الله وحزب الله من أهم حلفائها في المنطقة، إلا أنها قد تجد نفسها في موقف حرج من الرد. ويوضح أبازيد أن إيران لا تستطيع أن ترد على إسرائيل بطريقة مكافئة لأن ذلك قد يفتح الباب أمام تصعيد خطير قد يصل إلى حرب إقليمية".
لكن أبازيد لا يستبعد أن تلجأ إيران إلى ردود غير مباشرة. فقد تقوم بتحريك حلفائها في العراق واليمن ولبنان للضغط على إسرائيل عبر عمليات مشتركة ومتزامنة، تهدف إلى ضرب أهداف إسرائيلية بشكل واسع.