سرعان ما يلفت حسن الانتباه إلى نفسه، فهو يتميز عن أقرانه في اللواء 14 التابع للجيش الأوكراني بمظهره وبشرته السمراء، وعلى الرغم من نطقه الواضح والمتقن بشكل مدهش للغة الأوكرانية، فإنه ولد لأسرة سورية وترعرع في دمشق، وحصل فيها على الثانوية العامة، ليقرر بعدها الانتقال إلى كييف لدراسة طب الأسنان.
بدأ حسن القتال مع الجيش الأوكراني منذ أن أعلنت روسيا ضم جزيرة القرم عام 2014، لكنه قبل أقل من عام بقليل، أصبح مدرباً صحياً في اللواء 14.
يعمل حسن في تدريس أساليب البقاء على قيد الحياة، ويعطي المهارات التي تساعد الجنود على الحفاظ على حياتهم في ساحة المعركة، ويقول حسن لصحيفة "فولين نيوز" الأوكرانية: "بصفتي مسعفاً، وكشخص قاتل لفترة طويلة، وأصيب مرات عدة، فإنني دائماً ما أؤكد لزملائي أنه إذا استطعت إيقاف النزيف الناتج عن المعارك بشكل صحيح، فأنت بالفعل أصبح لديك فرصة للبقاء على قيد الحياة، وسيكمل المسعفون القتاليون المهمة".
"لا أريد لأولادي أن يختبروا ما عاشه والداي في سوريا"
في عام 1999، جاء حسن من سوريا إلى أوكرانيا للدراسة كطبيب أسنان. وتزوج من فتاة أوكرانية، وسرعان ما أصبح أباً لأربعة أطفال، ويعيش حالياً مع عائلته في مقاطعة فولين شمال غربي أوكرانيا.
وعلى الرغم من ذلك، فإن حسن لم ينس جذوره ووطنه الأم، إذ يتابع بألم الأحداث المفجعة في سوريا، بسبب وحشية النظام السوري وروسيا ضد المدنيين في البلاد.
ويضيف حسن: "أردت حقاً أن أصطحب أولادي وزوجتي إلى منزلي في سوريا، ليشاهدوا المنزل الذي نشأت فيه، لكن منزلي ذهب بعد أن دمرته روسيا، لذلك سأفعل كل ما في وسعي حتى لا يختبر أطفالي في أوكرانيا ما عاشه والداي في سوريا".
ويتابع حسن: "أعيش في أوكرانيا منذ 23 عاماً، وأنجبت أطفالاً ترعرعوا هنا، وهنا بيتي أيضاً، وهنا أعمل وأدفع الضرائب، لذلك أصبحت أوكرانيا هي أرضي، ووطني الأم، ومثل أي شخص مقيم في أوكرانيا، بغض النظر عن جنسيتي، فإن لدي واجباً تجاهها وتجاه حماية أرضها والحفاظ عليها".
تكتيكات روسيا في أوكرانيا تشبه ما طبقته في سوريا
ولا تخفي روسيا استفادتها من تجربتها في سوريا لتطوير واختبار أسلحتها على المدنيين قبل استخدامها في أوكرانيا، ويؤكد خبراء أن موسكو تعمل على تطبيق استراتيجيات اتبعتها خلال "التجربة السورية" في أوكرانيا أيضاً، من خلال اتباع سياسة الأرض المحروقة.
وبلغ عدد ضحايا الهجمات الروسية على المدنيين في سوريا أكثر من 12 ألف قتيل وجريح منذ إعلان التدخل الروسي المباشر في الحرب ضد السوريين إلى النظام السوري وحتى أيلول 2022، بحسب "الدفاع المدني السوري" (الخوذ البيضاء).
كما استهدفت القوات الروسية 3825 منزلاً سكنياً و70 مشفى و53 سوقاً شعبياً و48 من المباني العامة، بالإضافة إلى 46 مدرسة و35 مسجداً و33 معملاً ومصنعاً و24 مخيماً و19 محطة وقود و18 فرناً. كما استهدفت عشرات الهجمات الأخرى مداجن ومحطات مياه الشرب وتوليد الكهرباء وغيرها من المرافق الحيوية والبنى التحتية.