طرحت القيادة المركزية في "حزب البعث العربي الاشتراكي" عبر معرفاتها على منصات التواصل الاجتماعي، استبياناً دعت فيه "الجمهور" إلى تقييم ما يسمّى بآلية "الاستئناس الحزبي" لاختيار الأعضاء الممثلين لـ "حزب البعث" في برلمان النظام السوري (مجلس الشعب).
واقتصر الاستبيان على سؤال جاء فيه: "هل أظهرت عملية الاستئناس الحزبي ولاءات مَرضيّة على حساب الكفاءات؟"، في محاولة أخرى لإظهار "الحزب" الحاكم والمسيطر في البلاد بصورةٍ "ديمقراطية"، على غرار خطوات شبيهة وغير مسبوقة شهدتها الأيام القليلة الماضية، أبرزها قرار "القيادة المركزية" بمعاقبة 19 نائباً بعثياً ومنعهم من الترشح لعضوية "مجلس الشعب" مجدداً.
وجاءت معظم ردود المواطنين وتعليقاتهم على الاستبيان لتؤكد ما أشار إليه السؤال، بأن الولاءات جاءت على حساب الكفاءات عبر ذلك "الاستئناس".
"مؤامرات وغرف سوداء"
كتب علي داود في معرض رده على سؤال الاستبيان قائلاً إن "عدداً كبيراً من الشباب كان ينوي الترشح، ولكنه أعرض عن ذلك بعد أن تقدم عدد من حيتان المال بطلبات ترشيحهم".
بينما رأى رفيق شويش أنه "يجب أن تحل القيادات من الفرق إلى الفرع، وتشكّل قيادات مؤقتة لأن ضغط القيادات وهي على رأس عملها سيكون له تأثير سلبي على سير العملية الانتخابية، هذا أولا. أما ثانياً فالمشكلة بالمرشح نفسه، فهو يعرف بأنه غير كفء وما عنده الوقت ولا الخبرة اللازمة، وما كان لازم يتقدّم بطلب ترشيح".
وأضاف شويش: "الناخب أيضاً لازم يعرف كل شيء عن الذي سيعطيه صوته وهل هو فاعل أم مفعول به، وبالنتيجه الانتخابات لم تخرج عن التكتل والمؤمرات والغرف السوداء وقوائم آخر الليل عداك عن المال السياسي. إضافة صغيره، هناك أسماء يمكن أصبحت معروفة لكم بأنهم يرشحون أنفسهم لأي مهمة أو انتخاب قيادة مركزية أو مؤتمر أو مجلس محافظ أو مجلس شعب... يعني متل الزبديه الصيني منين ما دقيت عليه برن"، على حد تعبيره.
"إقصاء أصحاب الخبرة والكفاءة"
من جهته، يقول إبراهيم بدور في تعليقه: "يخطئ من يظن أن ما يسمى بالاستئناس الحزبي الذي اعتمد كوسيلة ديمقراطية لاختيار ممثلي الحزب في الاستحقاقات الانتخابية المختلفة (حزبية او نقابية أو منظماتية أو مجالس محلية أو مجلس الشعب) قد نجح في تحقيق الهدف منه وهو تقديم الأكفأ أو الأفضل أو الأجدر بحيادية وموضوعية بعيداً عن التكتلات أو الشللية أو المحسوبية أو الأمراض المجتمعية رغم تطبيقه على مدار سنوات طويلة".
وأردف: "بل نجحت الانتخابات والاستئناسات المتتالية في تظهير عدد من الرفاق الذين أصبحوا عرابين للانتخابات وبيدهم مفاتيح الفوز في مختلف الاستئناسات، والذين تمكنوا من خلال خبرتهم وأدواتهم ووسائلهم غير المشروعة من إقصاء أصحاب الخبرة والكفاءة والنزاهة والسمعة الطيبة، وإيصال من يشملونهم برعايتهم ودعمهم ومن يحقق مصالحهم بغض النظر عن مواصفاتهم أو إمكانياتهم أو سيرتهم".
وختم قائلاً: "يجب أن لا ننسى أن عملية الاستئناس والانتخاب تحتاج لوعي شخصي وضمير حي وثقافة مجتمعية وبيئة صالحة وإيمان حقيقي وقناعة كاملة بتحقيق المصلحة العامة الحزبية والوطنية، وهذا للأسف كله غير متوفر في واقعنا الحالي".
"ولاءات ومال فاسد وعشائرية"
جمال الزعبي اعتبر في ردّه أن "أي عملية انتخابية في ظل بقاء القيادات القديمة لن تكون ناجحة وستفرز الأشخاص بحسب الولاءات والمال الفاسد. تم تغيير القيادة المركزية كاملة ولا بد من تغيير كل القيادات الأدنى حتى تستقيم العملية الانتخابية ويستقيم العمل الحزبي المترهل بل والضعيف وأحيانا بشكل مقصود".
ويكمل الزعبي في تعليق آخر واصفاً عملية الاستئناس الحزبي بدرعا بأنها "كارثية، فقد أكملت ما كان تم البدء به منذ 14 عاماً من عودة كافة الأمراض التي كنا نعتقد أننا تخلصنا منها داخل الحزب. العصبية بكل أنواعها ظهرت بعملية الاستئناس وتوجت بالمال الفاسد والتزوير الذي ساهم به من يفترض أنهم حريصون على نزاهة العملية... طبعا باعتراف الأشخاص الذين قبضوا المال لتزوير عملية الباركود"، وفق قوله.
ويؤكد "رسمي جعبة" ما عبّر عنه الزعبي، قائلاً: "خلل كبير جرى قبل الاستئناس. سيطرت العشائرية والمحسوبيات لذوي المناصب والمال السياسي. إن النتائج التي حصلت في الدورة السابقة هي نفسها وضمت أغلب الأسماء التي رأيناها في نتائج هذه الدورة. إذن، هناك سيطرة بشكل كبير لنفس الأسماء.. وأنا أتحدث هنا عن نتائج ريف دمشق".
وقال الجعبة: "نعم وألف نعم، أظهرت عملية الاستئناس ولاءات مرضية وشديدة المرض والحمى على حساب الكفاءات".
"مرشحون وهميّون"
أما "أبو محمد" فيتساءل قائلاً: "هل من المعقول أن يترشح أكثر من عشرة رفاق من نفس العائلة الواحدة؟ كان من الأفضل أن يمنح حق التصويت لمؤتمرات الشعب والمرشح الذي هو من خارج المؤتمر أن يمنح حق التصويت لنفسه فقط لأن بعض الرفاق المرشحين زج بأكبر عدد من المرشحين الوهميين من أجل أن يصوتوا له، وهذه حالة مرضية"، وفق ما ورد في التعليقات.