يعيش السوريون في السودان حالة مِن القلق والخوف بعد القرار الأخير للسلطات السودانية بسحب جنسيتها التي منحتها، عام 2014، للعديد مِن المقيمين على أراضيها بينهم سوريون.
إحدى عائلات السوريين مِن محافظة دير الزور اختارت السودان، عام 2016، مكاناً للجوء إليها والإقامة والاستقرار فيها، على اعتبار أنّها البلد العربي الوحيد - تقريباً - الذي فتح أبوابه حينها للسوريين، قبل أن تضّق سلطات "المجلس الانتقالي" عليهم لاحقاً.
عائلة سوريّة في السودان تروي معاناتها
يعيش محمد وعائلته الصغيرة في بيتٍ مكّون مِن غرفة وحمام ومطبخ صغير يبلغ إيجارها الشهري 50 دولاراً، وهو مبلغ يعادل أكثر مِن نصف راتبه الذي يتقاضاه لقاء عمله في صنع "الآيس كريم" (مثلّجات البوظة)، وهي مهنة جديدة عليه تعلّمها في السودان.
يقول محمد لـ تلفزيون سوريا إنّه قدّم للحصول على الجنسية السودانية وفق الإجراءات الرسمية التي كانت مطروحة آنذاك، وذلك بعد عام مِن وصوله إلى السودان.
قُبل طلب "محمد" بالتجنيس وحصل على الجنسية السودانية وبدأ التعايش مع المجتمع السوداني وكأنّه أحد مواطنيه، إلّا أنّ القرار الأخير للسلطات في السودان بخصوص اعتزامها سحب الجنسيات ومراجعتها وتدقيقها عكّر صفو "محمد" وعائلته الصغيرة (زوجته وأطفاله الثلاثة).
اقرأ أيضاً.. بينهم سوريون.. السودان يقرر سحب الجنسية من المجنسين عام 2014
اقرأ أيضاً.. السودان يمنع سوريين حاصلين على جنسيته من السفر
ويوضح "محمد" - الذي كان أحد ضحايا سحب الجنسية السودانية - أنّه وعائلته لديهم جوازات سوريّة منتهية الصلاحية وتجديدها - مِن أجل الحصول على الإقامة في السودان - يحتاج مبلغ 300 دولار للشخص الواحد (3 أضعاف مرتّبه الشهري)، إضافةً لـ تكاليف الإقامة والغرامات المترتّبة عليها.
وتضيف زوجته (أم يوسف) قائلةً "إذا سحبوا منّا الجنسيات بشكل نهائي فإنّ حالنا سينتهي، جوازاتنا السوريّة منتهية ويتحتّم علينا تجديدها مع الحصول على جوازات سفر جديدة لأطفالي الثلاثة مِن أجل الإقامات، وهذا غير غلاء المعيشة، فإذا لم تعد الجنسية يصعب علينا العيش هنا نهائياً".
هذه التكاليف والمصاريف التي تحدّث عنها محمد وزوجته ستشكّل عائقاً مادياً كبيراً أمامهم مع مصاريف مدارس أطفالهما، خاصةً أنه لا يمكنهم العودة إلى سوريا أيضاً، والتي ما تزال تشهد، منذ 10 سنوات تقريباً، حرباً يشنّها نظام الأسد وحليفاه (روسيا وإيران) على السوريين، تسبّبت بتهجير الملايين منهم إلى شتّى أصقاع الأرض.
محمد وعائلته الصغيرة والكثير مِن العائلات السوريّة في السودان يعانون مِن المشكلة ذاتها، متأملين مِن الحكومة السودانية إعادة النظر في حالهم وإعادة الجنسية إليهم لـ متابعة حياتهم في استقرار وأمان حرمهم منه نظام الأسد، الذي ما يزال حاكماً في سوريا رغم مجازره وجرائمه بحق السوريين.
يشار إلى أنّ موقف السودان بقي ثابتاً تجاه الثورة السورية، حتى إن الرئيس المخلوع (عمر حسن البشير) صرّح، منتصف العام 2016، أن "بشار الأسد لن يرحل، وإنما سيقتل"، إلّا أنّه، في كانون الأول من العام 2018، زار "البشير" دمشق بشكل مفاجئ والتقى مع "الأسد" لـ مناقشة العلاقات الثنائية، ورغم ذلك لم يتدخل "البشير" في وجود السوريين على أراضيه وبقي يعتبرهم ضيوفاً، فضلاً عن حصول العديد منهم على الجنسية السودانية.
ولكن ومنذ خلع "البشير" ووصول "المجلس الانتقالي" إلى السلطة، في تشرين الأول 2019، التي سارعت في تغيير سياستها تجاه اللاجئين وابتعادها عن نهج تركهم وشأنهم، لم يعد يشعر السوريون بأنّهم ضيوفاً في السودان، وبدأت تُضيّق عليهم - وعموم اللاجئين - بفرض قوانين تشمل سلسلة مربكة مِن الشروط البيروقراطية مِن أجل الحصول على الرخص والإذونات، كالحصول على أوراقٍ مصدّقة مِن بلدهم الذي هجّرهم "النظام" منه.
اقرأ أيضاً.. السوريون في السودان لم يعودوا ضيوفاً
اقرأ أيضاً.. هل ضاق السودان بالسوريين؟
الجدير بالذكر أنّ السودان بات البلد العربي الثالث الذي يعلن تطبيع علاقاته مع إسرائيل، بعد الإمارات والبحرين اللتين وقَّعتا على اتفاق التطبيع في واشنطن، منتصف شهر أيلول الفائت، قبل أن تلحقهم المغرب، مطلع كانون الأول الجاري، في حين كانت مصر أول دولة عربية توقع "اتفاقية سلام" مع إسرائيل عام 1979، ولحقتها الأردن عام 1994.