كشفت سلسة تقارير معمقة وتحقيقات عمل عليها موقع تلفزيون سوريا خلال السنوات الماضية عن توسع نفوذ الميليشيات الإيرانية في سوريا، عبر شراء العقارات والاستيلاء على الأراضي بشكل مباشر عبر وكلاء أو بتزوير ملكية عقارات المهجرين، تمهيداً لبيعها لطرف ثالث لتأكيد ضياع حقوق ملاكها الأصليين.
ولعل الوثائق الجديدة التي حصل عليها موقع تلفزيون سوريا تظهر توسع الميليشيات المدعومة من إيران خارج دمشق وصولا إلى الاستيلاء على شقق وفيلات فاخرة في منطقة بلودان شمال غربي دمشق، التي تعد واحدة من أبرز الأماكن السياحية في سوريا، تحت مسمى"البوابة الثامنة" وهو مشروع تم إطلاقه من قبل شركة "إعمار" العقارية الإماراتية في منطقة يعفور بريف دمشق.
شركة "ستارة كساء" الإيرانية في سوريا
وتظهر الوثيقة التي حصل عليها موقع تلفزيون سوريا، تأسيس شركة "ستارة كساء المحدودة المسؤولية" والتي تعود ملكيتها لمواطن إيران يدعى محمد شجاعى نامنى بن علي وشريكه مهيار شجاعى نامنى بن علي بالشراكة مع السوري محمد إياد الصفدي بن محمد، والتي ستنشط في منطقة يعفور في البوابة الثامنة.
وبالبحث عن محمد إياد الصفدي تبين لموقع تلفزيون سوريا أنه واجهة جديدة لنظام الأسد، وهو شخص مغمور يرد اسمه فقط في أنه شريك مؤسس في "شركة ستيلاميد فارماسيوتيكالز" في سوريا، ويمتلك 190 حصة في الشركة، بنسبة 19%، وتبلغ قيمتها 950,000 ليرة سورية.
وفي تتبع نشاط الشركة وحيثيات عملها، كشف الخبير العقاري أنس عبد الكافي، وهو صاحب مكتب عقارات في الصبورة في منطقة قطنا بمحافظة ريف دمشق، أن الشركة الجديدة تحاول التعامل مع كل مكاتب العقارية في المنطقة المحيطة لمشروع البوابة الثامنة لشراء كل "المقاسم العقارية" والتي يعود جزء كبير منها للشركة الإماراتية "إعمار".
وأوضح عبد الكافي في حديثه لموقع تلفزيون سوريا أن شركة "إعمار سوريا" المملوكة بالكامل من قبل شركة إعمار العقارية الإماراتية بدأت المرحلة الأولى من العمل في مشروع البوابة الثامنة في منطقة يعفور بريف دمشق منذ عام 2007، حيث تولت تنفيذ مشروع البوابة الثامنة الذي بلغت كلفة شراء عقاراته من المالكين حينذاك بأكثر من نصف مليار دولار، وكان من المفترض أن يستغرق ست سنوات من التنفيذ شركة إعمار ومجموعة الاستثمار لما وراء البحار.
وأضاف عبد الكافي أن المشروع كان الأول من نوعه فى سوريا، والذي كان يشتمل على مرافق سكنية وتجارية وترفيهية متكاملة ويستوحى تصاميمه المعمارية من مدينة دمشق الأثرية والمستمدة من فن العمارة الإسلامية التقليدية إذ يتميز بوجود بوابة مرتفعة على الطراز المعماري القديم تشكل المدخل الأساسي إلى الساحة الرئيسية فيه.
وأشار الخبير العقاري إلى أن الشركة الجديدة تحاول أن تعيد استملاك العقارات المملوكة من قبل "إعمار" وما تبقى من مقاسم عقارية في المنطقة والتي تعود ملكيتها لأهالي المنطقة، مضيفاً: "لكن الخطير في الموضوع أن الشركة الجديدة أعادت بيع بعض المقاسم العقارية لشركات تم تأسيسها حديثاً، ولا أستبعد أن تعود ملكيتها لنفس أصحاب شركة ستارة كساء ولكن بهذه الطريقة يتم طمس حقيقة الملكية الحقيقة لشركة إعمار من خلال عمليات بيع وشراء متعددة يجعل من مسألة مقاضاة الفاعل الحقيقة صعبة ومعقدة لا سيما إذا تم لاحقاً حل وإعلان إفلاس الشركة الأولى التي زوّرت عقود الملكية".
سيول مالية إيرانية في ريف دمشق
ونبّه عبد الكافي إلى حجم الكتل المالية الضخمة التي يتم ضخها من قبل رجال أعمال إيرانيين لاستملاك عقارات في منطقة ريف دمشق وخصوصاً بالمناطق المقابلة لجرود عرسال اللبنانية عبر وسطاء من أبناء المنطقة، وهذا هو السر في عدم تراجع أسعار العقارات في غالبية المناطق السورية، رغم التدهور العقارية الذي ترزح تحته البلاد.
وقبل أيام كشف الخبير العقاري عمار يوسف أن قيمة العقار في سوريا بدوائر المالية قد تزيد 20-30% عن القيمة الحقيقية للعقار، وأوضح أن وزارة المالية ترفع التقييم المالي للعقار كل 6 أشهر اعتباطياً لتحقيق وارد للخزينة بشكل كبير، وهو ما يتسبب بركود في سوق العقارات.
وقال إن سعر العقار 100 متر في منطقة المالكي 5-6 مليارات، أي ما يعادل 400 ألف دولار، وبهذا المبلغ يمكن شراء 4 فلل في منهاتن بأميركا، بحسب ما ما قال موقع "كيو بزنس" المحلي.
وكشف وزير الطرق وبناء المدن الإيراني مهرداد بزر باش في زيارته لسوريا على رأس لجنة اقتصادية في نيسان من العام الفائت، عن اتفاقات سابقة بين إيران والنظام السوري يمنح بموجبها الأخير لطهران أراضي في سوريا بدل الديون المالية المترتبة على النظام.
وبعد 4 أشهر من تصريح الوزير، كشفت وثيقة سرية مسربة من مؤسسة الرئاسة الإيرانية أن طهران أنفقت ما يزيد على 50 مليار دولار خلال عشر سنوات على الحرب في سوريا، تعتبرها ديوناً واجبة السداد، بينها 18 مليار دولار سيتم استردادها على شكل اتفاقيات واستثمارات اقتصادية بلا ضمانات للتنفيذ.